أنا فاشل ومقصّر لكنّي سأشكّل الحكومة رغم أنوفكم!

ساهر عريبي

[email protected]

أدلى عدد من السياسيين العراقيين باعترافات تاريخية حول فشلهم وتقصيرهم في إدارة البلاد طوال سنوات حكمهم, وياتي في مقدمة هؤلا ء زعيم إئتلاف دولة القانون وأمين عام حزب الدعوة ”الإسلامية“ ورئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي, الذي أدلى باعترافات تاريخية على قناة آفاق التي يملكها, أقر خلالها بانه فاشل وبأن الطبقة السياسية فاشلة جميعها وانه لابد من طبقة سياسية جديدة تقود البلد.

اعترافات تأتي من شخص قاد البلاد لمدة ثمان سنوات , لم يحقق خلالها اي انجاز لا على صعيد توفير الخدمات او الحفاظ على سيادة و حرمة أراضيها , ولا على صعيد وحدتها الوطنية بل حولها الى مرتع للفساد, و يخيم عليها الظلام ثم تركها لقمة سائغة لحفنة من الإرهابيين الذين جثموا على صدرها لمدة ثلاثة أعوام ارتكبوا خلالها جرائم ضد العراقيين قلّ نظيرها في تاريخ البشريه. لكنه وبالرغم من هذا الإعتراف وبالرغم من هذه السيرة التي أزكمت رائحة فسادها وفشلها الأنوف, وبالرغم من ان الشعب العراقي لقنه درسا لن ينساه في الإنتخابات, وبالرغم من الخط الأحمر الذي وضعته المرجعية الدينية عليه, يبدو أنه اليوم ضرب بكل ذلك عرض الحائط وهو يبذل جهودا مضنية لتشكيل الحكومة الجديدة.

و يعوّل في تحقيق ذلك على تحالفه مع قائمة الفتح التي احتلت المرتبة الثانية في الإنتخابات والتي يقودها هادي العامري الذي اعترف هو الآخر بتقصيره معتذرا من الشعب العراقي في خطاب قل نظيره من السياسيين العراقيين الذين تصدروا المشهد خلال السنوات الخمس عشر المنصرمه. لكن الأمر الذي يثير الحيرة والإستغراب والغضب في آن واحد هو كيف يمكن للفاشلين والمقصرين تشكيل الحكومة؟ ولماذا يصر هؤلاء على قيادة البلاد نحو الهاوية؟ ولماذا لايسمحوا لغيرهم من القوى السياسية بقيادة البلد, ويرتضوا بالجلوس على دكة المعارضة ومراقبة أداء الحكومة؟

إنها سابقة لا مثيل لها في العالم الا في الأنظمة الدكتاتورية, وأما في الأنظمة ”الكافره“ التي لاتقودها احزاب تدعي انها اسلامية وبانها تمتلك أفضل منظومة قيم تريد تقديمها للبشرية كبديل عن المنظومة الرأسمالية او الإشتراكية, فإن المسؤول في تلك الأنظمة يقدم استقالته حال فشله او ضعف اداءه, والأمثلة كثيرة لاحصر لها ومنها استقالة رئيس وزراء اليابان ناوتو كان عام ٢٠١١ إثر انتقادات وجهت لحكومته بسبب ضعف اداءها في مواجهة الزلزال الذي ضرب البلاد حينها.

وقدم وزير الصحة الأمريكي توم برايس استقالته عام ٢٠١٧ بعد جدل حول استخدام طائرات خاصة في مهام عمله! واستقال وزير الدفاع الكولومبي رودريغو ريفيرا قبل عدة اعوام بسبب فشله في مواجهة منظمة ”فارك“! إلا في العراق! فالفاشل والفاسد والمقصر لايكتفي بعدم تقديم استقالته ولكنه يصر على تشكيل حكومة جديدة! إنها القيم الجديدة التي يريد هؤلاء تسويقها للعالم على أنها قيم السماء وبانها خير بديل لمنظومة القيم السائدة في العالم المتحضر!

إنها قمة الإنحدار القيمي والخلاقي ولا تعكس سوى تشبث هؤلاء بالسلطة وامتيازاتها التي لم يكونوا يحلموا بها يوما حتى قدمتها لهم أمريكا على طبق من فضة! ولم يعد أمام الشعب العراقي اليوم في حال تشكيل حكومة الفاشلين الا الثورة لإقتلاع الفاشلين والفاسدين من جذورهم وكما أذنت المرجعية بذلك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here