الدولار والتومان وحوار من الأقوى

محمد جواد الميالي
إن معيار السلطة (بما فيها الممتدة داخل أنظمة الدول الضعيفة)، هو الذي يحدد حجم الدولة في المجتمع الدولي، لذلك نجد بعض قادة الشعوب، تحاول أن تبرز ما لديها من إمكانيات، على المستوى العسكري والإقتصادي، لتصبح ضمن القوى العالمية، وتعمل على زيادة نفوذها، عن طريق السيطرة على مقدرات البلدان الضعيفة، والمتفككة سياسيا.
إيران كسائر بلدان العالم، مر بها عدة أنظمة حكم، منذ الحكم الفارسي، إلى الشاه وأخيرا ثورة الإمام الخميني، الذي مزج كل مكونات الشعب الإيراني، بروح العقيدة الوطنية، حيث أن ذكاء هذا القائد، جعله يطبق نظرية العقد الإجتماعي، بين الحاكم والشعب، والتي تتمحور حول حسن تقدير الأمور، لأدارة أمور البلاد، في أشد حالات الحصار، يضاف لها بناء جيش قوي ذي عقيدة، يمكن الإعتماد عليهم، لأنهم يثبتون لأنفسهم، أن التضحية من أجل الوطن تجعلهم عظماء، على عكس بعض الدول التي تعتمد على المرتزقة، الذين ما أن تعتمد عليهم البلدان، حتى تبدأ قواتها بالضعف، وهذا ما نشاهده اليوم في قوات الخليج العربي.
سن نظام قانوني إقتصادي قوي، وواقعي التطبيق، مما جعل إيران تحقق المجد الكبير، بالأعتماد على إنتاجها الداخلي، ويتفوق تصديرها على إستيرادها المنعدم تقريباً، حيث أن عبارة (سخت إيران)، غطت كل بقاع بلاد فارس، حتى عبرت الحدود وغزت بلادنا العربية، وهذا كله بسبب التنوعية السياسية غير التقليدية، الذي مزجت بين الجوانب النظرية والتطبيقية، حتى تفوقت على فلسفة السياسة الأمريكي(الحصار)، فأنتجت النظام الإقتصاد الأمثل.
كل ما سبق دفع قادة إيران، إلى إبراز ما لديها من قوة، في أهم المجالات التي تشغل الفكر العالمي، فدخلت على خط تخصيب اليورانيوم، هذا ما سبب ذهولا لدى أغلب قادة الأمم، ولاسيما أمريكا التي تعتبر العدو الأول لأيران، فبدأت الحرب الدبلوماسية على طاولات الحوار، لأخضاع إيران وجرها للتنازل عن حلم أمتلاك الترسانة النووية، وكلما يشتد الحوار الأمريكي، تُستعرضْ العضلات في قصف اليمن، ويدعم البعض داعش في سوريا والعراق، وكلما تنعقد الإجتماعات الإيرانية، يتقدم الحوثيين في جيزان، وتخرج مظاهرات القدس، ويتأزم الوضع في سوريا، كل هذا دليل على أن إيران اليوم ليست كسابقتها، ويمكنها أن تقف بالند لأمريكا.
أوربا اليوم تستثمر ما يقارب العشرة مليارات دولار في أيران، حيث أن الأخير تربطه مصالح دائمه، مع أغلب الدول الأوربية والشرق آسيوية، وهذا دليل على أن أمريكا واهية، لو ظنت أن هبوط التومان والحصار الإقتصادي، سيؤثران على قوة النظام الإيراني، ويفشل مخططها في أن تكون ضمن الأقوى في العالم، لكن الأهم متى سينتهي فلم التومان، وما هو الفلم الأمريكي الجديد، لأسقاط حلم النووي الايرانية ؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here