الليرة والتومان وشماتة الجيران

((اضعف الضعف الانتقام بالشماتة)) .

قد تكره عدوك ولا طائل لك عليه، و ترجوا السماء ان تنتصر لك، وتجلس طويلا تراقب وتشتم وتنتظر عثرات الحياة به كي تريح هاجسك المتألم بالشماتة..امتلأت الشاشات والمواقع الاجتماعية بكم هائل من التشفي والشماتة بدل التحليل المنطقي للامور بعد الحصار على ايران تزامنا مع هبوط الليرة التركية

ان الصدفة التي جمعت بين هزتين اقتصاديتين في منطقة واحدة – الشرق الاوسط- تجعلنا نفكر ملياً واعمق من شماتة باردة. فهذه “الصدفة” قد تكون غير عبثية ومحسوبة بدقة من العم (ترامپ) فالقوتان الاقتصاديتان في المنطقة تسيطران على معظم التجارة ولها اليد الطولى سياسيا وعسكريا في دول التوتر العربي .(سوريا لبنان العراق) . ان هذه الحركة التي قام بها (ترمب) قد تكون احدى بنود صفقة القرن وذلك بابراز قوة جديدة (عربية ) في المنطقة تنافس جيرانهم العجم الاقوياء، وبدلا من بذل سنين من التقدم والارتقاء للمنافسة ، كل ما عليهم هو هدم المنزل المرتفع ليبقى ادنى منهم.

ان امريكا لا تريد شركاء، بل تبحث عن تابعين اقوياء ،وحين تكبر الفكرة برأس التابع ويطمع بالشراكة ، تاتيه الضربة الاستباقية في اقتصاده لينهار كل حلم ،وتبدأ مسيرة العودة الى الوراء.

قد يقول قائل: ان ايران ليست تابعا لامريكا وانها تحاول المنافسة .وهنا الخدمة الايرانية الجليلة لامريكا.. فقد يخدمك عدوك بعدائه اكثر من صديق بصداقته. بمعنى آخر لولا العداء الايراني لما حصلت امريكا على اعظم صفقة سلاح في التأريخ كله. وغيره من التنازلات والقواعد . واليوم ياتي الايفاء باحد بنود العقد المبرم مقابل 500 مليار دولار الا وهو حصار ايران والغاء الاتفاق النووي من جانب امريكا ،والتلاعب باقتصاد تركيا وهبوط عملتها للضعف. وكعادتنا العرب ننقسم بكل شيء ونشمت باي خطب، لكن هذه المرة المصادفة التي جمعت انهيار التومان الايراني والليرة التركية خففت من حجم الشماتة نوعا ما ،وانشغل المؤيدون لهذا او ذاك بالتنديد والتضامن مع معسكرهم. ان الفطرة الانسانية ترفض الاذى للاخرين وتجويع الشعوب بجريرة الانظمة .

فالحصار احقر سلاح بيد الطغاة ويجب ان تضع الامم المتحدة في بنودها حظر استخدام الحصار الاقتصادي اسوة بحظر الاسلحة النووية.

منتظر الزيدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here