تحية وامتنان وتقدير الى صديقي الساموراي الياباني السفير ايواي

انتهت مهمتكم النبيلة يا صديقي في شرف تمثيل بلدكم اليابان في العراق بعد اكثر من ١٠٠٠ يوم، مثلتم فيها شعبكم وحكومتكم وثقافتكم وتقاليدكم خير تمثيل، وعكستم بتواصلكم المستمر مع شعبنا عزم اليابان الذي لا يلين من شعبها المعطاء وحكومتها الديمقراطية ، على تدعيم أواصر علاقاتها وتعاونها مع العراق حكومة وشعبا. ولن ينسى شعبنا الوفي وقفة بلدكم الشجاعة الكريمة معه منذ عام ٢٠٠٣، وحتى يومنا هذا.

لم يستغرب رجل مثلي تشرف بتمثيل بلاده في اليابان لثلاثة أعوام واطلع بنفسه على الجهود الاستثنائية الخلاقة لشعب اليابان العظيم وحكوماته الرشيدة من أن يكون حجر الزاوية في السياسة الخارجية اليابانية إقامة شبكة متينة من العلاقات مع كافة شعوب العالم تقوم على أساس المنافع المشتركة والاحترام المتبادل، وقد جلبت هذه السياسة الكثير من الاعجاب والتقدير على مستوى العالم.

وعلى المنوال نفسه عكستم لليابانيين، ما يجري من احداث هنا وما يحتاجه العراق من دعم سياسي واقتصادي ومعنوي متواصل.

ستبقى يا صديقي العزيز في الذاكرة الواعية لكل من سعد بلقائكم في هذا البلد الذي سماه العالم “مهد الحضارة الإنسانية”، ولن ينسوا محبتكم لهم واحترامكم لتقاليدهم، مرة بارتدائكم زيهم الشعبي، وأخرى بتقمص ثوب الفريق الرياضي العراقي لكرة القدم.

تعرض بلدنا الحبيب أثناء وجودكم لأشرس وأعتى حملة إرهابية من (داعش)، فأخذتم على عاتقكم، كأي ساموراي نبيل مهمة رفع معنوياتنا، وإعطاءنا الأمل والعزم والقوة للقضاء على الإرهاب والعدوان، والحلم بإعادة بناء بلدنا، تماما كما فعلتم بعد الحرب العالمية الثانية، فغدوتم أمثولة وقدوة لبقية شعوب العالم.

لاحظ الكثيرون من العراقيين بأنكم لم تؤدوا واجبكم كسفير تقليدي يتعامل مع وزارة الخارجية فقط، بل اعتبرتموها رسالة إنسانية تعكس نبلكم وتعاطفكم مع شعبنا الجريح وحرصكم على المساهمة بإقالته من عثرته وعودته قويا عزيزا مزدهرا.

صارحتم العراقيين ألّا يجلدوا أنفسهم، وان ياخذوا مهمة البناء بايديهم ويتكلوا على أنفسهم قبل ان يطلبوا عون الآخرين. رسختم في اذهاننا أهمية السلام والمحبة والبناء والتعلم من دروس الاخريين.

حتى حين كنت تعكس لنا مجريات الحياة عندكم في اليابان، حاولت من خلال طريقة تعاطيكم مع خسارة اليابان في كاس العالم ان توصل رسالة ان الامم تتقدم بالمراجعة وكتبت في حينها {{لم تحصل المعجزة…ولكن حتى الخسارة لها معنى لأنه ممكن نتعلم منها كي نكون أفضل في المستقبل. شكرًا لكم على التشجيع للساموراي الأزرق}}.

لم تتحدثوا إلينا بلغتنا العربية فحسب، بل وبلهجتنا العراقية أيضا لكي لا تبقى أي عقبة في فهمنا لرسائل المحبة والسلام لنا وللغتنا وثقافتنا. تواصلتم مع الصغير قبل الكبير ومع أبناء الشعب قبل المسؤولين. كنتم تجيبون على أسئلتهم بكل أريحية وصراحة، حتى قرأت ان الكثير من العراقيين ينادونكم باسم حجي ايواي او أبو كوجي وهذا دليل بساطتكم ودخولكم لقلوب العراقيين وللسكون فيها.

نعم: من قال إنكم (ظاهرة فريدة) لم يكذب او يبالغ، وكان الله في عون من يخلفكم.

أعجب الناس أيضا بشفافيتكم معنا حول ما يجري في اليابان (بخيره وغيره، وبجماله وغيره) وعكستم للعراقيين انه يمكن لنا أن نبني بلدنا على الطريق اليابانية، بشرط أن نقتدي بعزم اليابانيين وهمتهم وروح تعاونهم مع بعضهم ومحاسبة المسؤولين، وتحمل العناء والتعلم من تجارب الغير. وعكست للعراقيين اننا ممكن جدا ان نبني كوكب للعراق كمثل كوكب اليابان ولكن عليكم قبلها يا عراقيين تهيئة مستلزمات الكوكب الجديد. وهذا بالضبط ما قاله رئيس الوزراء الياباني شنزو ابي للدكتور العبادي اثناء اخر زيارة لرئيس الوزراء لطوكيو قبل بضعة أشهر.

من الطرائف كثرة الدعوات لكم من قبل العراقيين ل (المشاركة!) في الحكم هنا في بغداد كدليل على شعبيتكم والاعتزاز بكم وبمثلكم العليا.

شكرًا لكم يا ساموراي ايواي لأنكم عكستم للكل أجمل ما في العراق واليابان من مزيج من روح التفاؤل والتعاون والعراقة نحو البناء القويم معاً. ستبقى صديق للعراق، وسيبقى للعراق في قلبكم ميزة. وكل التوفيق لكم في مهمتكم الجديدة كأمين عام لمنظمة التعاون الدولي اليابانية للسلام والتي تجعلكم خير من يمثل اليابان مع العالم الخارجي.

اخيراً لا أقول لكم وداعاً بل أقول الى اللقاء، وتقبلوا – يا صديقي العزيز والسفير القدير – فائق احترامي.

زميلك وصديقك لقمان الفيلي

سفير العراق الأسبق لدى اليابان (٢٠١٠-٢٠١٣)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here