تأملات في القران الكريم ح403

سورة المجادلة الشريفة
للسورة الشريفة فضائل وخصائص جمة , منها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الصادق عليه السلام : من قرأ سورة الحديد والمجادلة في فريضة ادمنها لم يعذبه الله حتى يموت ابدا ولا يرى في نفسه ولا في أهله سوء أبدا ولا خصاصة في بدنه .

بسم الله الرحمن الرحيم

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ{1}
تستهل السورة الشريفة بالتحقيق ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ) , تراجعك في شأن زوجها , ( وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ) , فقرها وفاقتها , ( وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ) , تراجعكما او مخاطبتكما , ( إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) , بالأقوال والافعال .

الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ{2}
تستمر الآية الكريمة ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم ) , وهو ان يقول الزوج لزوجته ” انت عليّ كظهر امي” , وكان سائدا في تلك الحقبة , ( مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ) , على الحقيقة , ( إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ) , الامهات الحقيقيات اللائي ولدنهم , ( وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ) , ان هؤلاء المظاهرين يقولون كلاما منكرا كاذبا , ( وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) , للمظاهر ان تدارك مظاهرته بالتوبة وطلب العفو والمغفرة .

وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{3}
تستمر الآية الكريمة ( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ) , اما من عاد لما قال , ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) , فتجب عليه الكفارة , وهي هنا عبارة عن تحرير رقبة قبل ان يتماسا بالوطء , ( ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ) , عظة رادعة , ( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) , لا تخفى عليه جل وعلا خافية .

فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ{4}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) , فمن لم يجد رقبة ليحررها , فليصم شهرين متتابعين قبل ان يتماسا بالوطء , ( فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ) , فمن لم يستطع على الصيام لمرض او علة , فيطعم ستين مسكينا بقدر شبعهم او مدا لكل مسكين , ( ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) , هذه الفروض لتؤمنوا بالله تعالى ورسوله بالإذعان والقبول لشرائعه ونبذ ما كان سائدا ومتعارفا في الجاهلية , ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ) , التي لا يجوز التعدي عليها , ( وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) , وللكافرين الذين لا يقبلونها او يتعدونها لهم عذاب مؤلم .
مما يروى في اسباب النزول ما جاء في عدة تفاسير ومنها تفسير القمي ” أنه أول من ظاهر في الاسلام كان رجلا يقال له أوس بن الصامت بن الانصار وكان شيخا كبيرا فغضب على أهله يوما فقال لها أنت علي كظهر امي ثم ندم على ذلك قال وكان الرجل في الجاهلية إذا قال لاهله أنت علي كظهر امي حرمت عليه آخر الابد وقال أوس لاهله يا خولة إنا كنا نحرم هذا في الجاهلية وقد أتانا الله بالاسلام فاذهبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فاسألي عن ذلك فأتت خولة رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت بأبي أنت وامي يا رسول الله إن أوس بن الصامت هو زوجي وأبو ولدي وابن عمي فقال لي أنت علي كظهر امى وإنا نحرم ذلك في الجاهلية وقد أتانا الله بالإسلام بك” .
( عن الصادق عليه السلام ما في معناه وزاد في آخره فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله أيتها المرأة ما أظنك إلا وقد حرمت عليه فرفعت المرأة يدها إلى السماء فقالت أشكو إلى الله فراق زوجي فأنزل الله يا محمد قد سمع الله إلى قوله لعفو غفور قال ثم أنزل الله الكفارة في ذلك فقال الذين يظاهرون من نسائهم إلى عذاب أليم ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ{5}
تقرر الآية الكريمة ( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) , يخالفونهما او يعادونهما , فأن من يضع حدا مقابل حدود الله تعالى يكون محادّا , ( كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) , اخزوا واذلوا واهلكوا كما اهلكت الامم السابقة بسبب مخالفتهم الرسل , ( وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) , واضحات الدلالة على صدق الرسول ومصداقية ما ارسل به , ( وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) , مذل , يذهب بعزهم وكبريائهم .

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{6}
تستمر الآية الكريمة ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ) , الى يوم القيامة , فلا يستثنى احدا منهم , او يبعثهم الى يوم القيامة مجتمعين , ( فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ) , فيخرون على رؤوس الاشهاد ذلك الحين بما عملوا , فيعذبون به , ( أَحْصَاهُ اللَّهُ ) , لم يغب منه شيئا , وان كان صغيرا , ( وَنَسُوهُ ) , لكثرته , او لتهاونهم فيه , ( وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) , شاهدا مطلعا على كل شيء , لا يفوته او يغيب عنه شيء .

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{7}
تستمر الآية الكريمة ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) , ألم تعلم انه جل وعلا يعلم كل ما في السموات والارض , ( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ) , تناجي ثلاثة الا ورابعهم الله جل وعلا , علما واحاطة , ( وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ ) , ولا تناجي خمسة الا وهو جل وعلا سادسهم , ( وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ) , ولا اقل من ذلك ولا اكثر الا وهو جل وعلا معهم علما واحاطة , ( ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) , تضمن النص المبارك تقرير جزاءهم بعد علمه واحاطته جل وعلا , ( إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) , تضمن النص المبارك تقريرا علمه جل وعلا بكل شيء .
( سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن الله أين هو فقال هو هيهنا وهيهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا ثم تلا هذه الاية أشار إلى انه إنما هو رابع الثلاثة وسادس الخمسة المتناجين بإحاطته بهم وغلبته عليهم وعلمه بما يتناجون به وشهوده لديهم في تناجيهم لا أنه واحد منهم وفي عدادهم بذاته المقدسة لان ذلك يستلزم الحد والمكان والحواية .
عن الصادق عليه السلام يعني بالاحاطة والعلم لا بالذات لان الاماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ{8}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ) , ألم تنظر الى الذين منعوا من النجوى , ( ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ ) , مما يروى انها نزلت في اليهود والمنافقين , كانوا يتناجون فيما بينهم ويتغامزون اذا رأوا مؤمنا , فنهاهم الرسول الكريم محمد “ص واله” , لكنهم عادوا لما نهوا عنه , ( وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ) , كانت نجواهم تتمحور في الاثم والعدوان على المؤمنين ويتواصون بمعصية الرسول , ( وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) , واذا جاؤوك ايها الرسول حيّوك بقولهم “السام عليكم” والسام يعني الموت , او بقولهم “انعم صباحا و انعم مساءا ” , ( وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ) , ويقولون فيما بينهم هلا يعذبنا الله بما نقول لو كان محمد نبيا , ( حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ) , حسبهم عذابا دخولهم جهنم , ( فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) , ساء مصيرا كهذا المصير .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{9}
تضمنت الآية الكريمة خطابا مباشرا للمؤمنين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ ) , فيما بينكم , ( فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ) , كما فعل اليهود والمنافقون في مناجاتهم فيما بينهم , ( وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) , بما فيه الخير لأهل الايمان وما يوجب اتقاء المعصية , ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) , خافوا الله بالامتثال لأوامره , فأن مرجعكم اليه , فيجازيكم به .

إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ{10}
تقرر الآية الكريمة ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ) , ان النجوى بالإثم والمعصية من تزيين الشيطان , وهو الذي يحملكم عليها , ( لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) , والغرض منها ادخال الحزن على المؤمنين بالتوهم , ( وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً ) , وليس التناجي او الشيطان بضار للمؤمنين في شيء , ( إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) , الا بإذنه ومشيئته جل جلاله , ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) , عليه جل وعلا وحده يجب ان يعتمد المؤمنون , غير مبالين بذلك التناجي .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{11}
تضمنت الآية الكريمة خطابا مباشرا للمؤمنين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) , اذا قيل لكم وسعوا مجالسكم من رسول الله “ص واله” , وذلك لسببين وردا في كتب التفسير :
1- كي يتمكن القادمون من ايجاد مكانا لهم .
2- كان الصحابة يحرصون على الجلوس في اقرب مكان اليه “ص واله” تنافسا وحرصا على سماع كلامه “ص واله” .
( فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) , فوسعوا المجالس , ( وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ) , يختلف المفسرون في النص المبارك , فمنهم من يرى :
1- ( وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ) : قوموا الى الصلاة او غيرها مما فيه الخير .
2- ( وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ) : اذا قيل لكم انهضوا للتوسعة فانهضوا .
3- ( وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ) : اما القمي فيقول في تفسيره : كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل المسجد يقوم له الناس فنهاهم الله أن يقوموا له فقال تفسحوا أي وسعوا له في المجلس وإذا قيل انشزوا فانشزوا يعني إذا قال قوموا فقوموا .
( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ) , بالتأييد والنصرة وحسن الذكر في الدنيا , اما في الاخرة يرفعهم في منازل في الجنة , ( وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) , وهي منزلة خاصة للعلماء , ( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) , لا يخفى عليه ظاهر ولا باطن , ويستشف من النص المبارك ان فيه تهديدا لمن اعرض ولم يطع .
( عن النبي صلى الله عليه وآله فضل العالم على الشهيد درجة وفضل الشهيد على العابد درجة وفضل النبي على العالم درجة وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على ادناهم .
و عنه صلى الله عليه وآله فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وعنه صلى الله عليه وآله بين العالم والعابد مائة درجة وبين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة وعنه صلى الله عليه وآله تشفع يوم القيامة ثلاثة الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء .
و عن الباقر عليه السلام عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد .
و عن الصادق عليه السلام إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد ووضعت الموازين فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .

حيدر الحدراوي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here