مسارات تشكيل الحكومة العراقية بين الشرق والغرب

عبد الكاظم حسن الجابري
ما إن أعلنت المحكمة الاتحادية, مصادقتها على نتائج الانتخابات البرلمانية الجديدة في العراق, حتى سارعت الكتل إلى عقد لقاءات لتشكيل الحكومة والاتفاق على شكل الكابينة الوزارية الجديدة.
واضح جدا من خلال المسارات الأولية, أن هناك خطين متوازيين, يحاول كل منهاما تشكيل الكتلة الأكبر, لحيازة منصب رئاسة الوزراء.
المحور الاول بقيادة كتلة الفتح التي تقاربت مع زوجها الكاثوليكي القديم دولة القانون وكتلة النجيفي والخنجر السنية, فيما كان المحور الثاني بقيادة سائرون ومعه الحكمة وجبهة المطلك.
فيما انشطرت كتلة النصر بقيادة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي إلى قسمين, أحدهما مع المحور الأول بقيادة الفياض, والاخر مع المحور الثانية بقيادة العبادي نفسه.
الكتل الكردية من جانبها أخذت دور المراقب, منتظرة انتهاز الفرصة للظفر بأحسن المغانم, التي سيوافق عليها أي من المحورين, والكورد بطبيعة الحال لا يعنيهم الأشخاص أو الكتل بقدر ما يهمهم ما سيحصلون عليه.
لم يفلح أي من المحورين أن يُنْظم عقده, ليكون حائزا على الأغلبية, لتبقى السلة التوافقية متأرجحة منظرة من يملئها لتسكن.
اللاعب الدولي والإقليمي له الدور الأبرز في دعم كلا المحورين, فالجانب الغربي (أمريكا وحلفاءها العرب السعودية) مع بقاء العبادي لولاية ثانية, ولا يهمها من يكون معه, لكن الأهم لديها هو جود العبادي أو من يشاكله في السلوك, والغاية معروفة وهي إبعاد العراق عن المحور الايراني.
الجانب الشرقي والمتمثل بإيران وتركيا وقطر له بصماته أيضا, فهو يدفع باتجاه أن يكون الرئيس المقبل حشداويا, وواضح من هذا الاختيار إن المطلوب أن يكون رئيسا للوزراء لا يلبي الطموح الأمريكي.
الصراع السياسي والامني والمصلحي العالمي, ألقى بثقله هذه المرة في الساحة العراقية, حيث إن الأمور وصلت إلى مرحلة كسر العظم, ولن يسمح أي طرف دولي أن يتم تهديد ووجوده ومصالحه في العراق, فأمريكا تريد خنق رئة ايران الاقتصادية, لتحكم قبضتها عليها مع موجة العقوبات, وأيران -وتركيا أيضا- تريدان أن تتمسكا بقشتهما الاخيرة لمعالجة أوضعاهما الداخلية المتآكلة.
يبدو ان لعبة قطع الطريق هي السائدة في المشهد العراقي, فأي حركة أمريكية تقف ايران حائلا دون اتمامها, وأي حركة إيرانية تقف أمريكا حائلا دون مرورها.
القراءة المعمقة لهذه الاوضاع تشير إلى أن لن تكون هناك تفاهمات أمريكية ايرانية هذه المرة, ولن يكون هناك توافق على شخص رئيس الوزراء كما في الحكومات السابقة, بل سيعمل الطرفان على أن يكسبا الرهان, فالطرفان وصلا مرحلة اللا تراجع ولا بد لاحدهما أن يكسب في الاخير.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here