طريق الشباب (حلقة ثقافية) ـ الحب دين العالم !

د. رضا العطار

من اغرب المظاهر الاجتماعية في تاريخ البشر ان الاديان جميعها دعت الى الخير والبر والاخاء والحب.

ولكن البشر لم يعرفوا مع ذلك من الحقد والغضب ومن القتال والانتقام. مثلما عرفوا من الفوارق الدينية.

فإن تاريخ اوربا حافل بالحروب الدينية التي فتكت بالرجال والنساء والاطفال، ودمرت البيوت وحطمت الدول.

وكذلك الحال في الشرق حتى ليقف القارئ لتاريخ هذه الحروب والخلافات المذهبية الدموية متسائلا : كيف انقلبت دعوة الحب التي تدعوها جميع الاديان الى دعوة الحقد التي تصطبغ بالدماء. ؟

ليس شك في انها انقلبت هذا الانقلاب المشؤم لان الاديان قد أسيئ فهمها، حتى صار المؤمن باحدها يعتقد ان له حق الامتياز على غيره من الذين لم يؤمنوا ايمانه. ولم ينطقوا بدعائه ولم بسجدوا بصلاته.

ولكن مع هذا الفهم السيئ الذي يتفشى بين كثير من الناس نجد افرادا لهم عقولا كالمصابيح قد استضاءت واضاءت.

قال الفيلسوف الاندلسي محي الدين بن عربي :

قد كنتُ اليوم انكر صاحبي * * اذا لم يكن ديني الى دينه داني

فقد صار قلبي قابلا كل صوت * * فمرعى لغزلان ودير رهبان

وبيت لاوثان وكعبة طائف * * والواح توراة ومصحف قرآن

ادين بدين الحب انى توجهت * * ركائبه، فالحب ديني وايماني

لو ان جميع الامم فهمت ما فهمه الشاعر بن عربي من الدين ومارست الحب في معاملة كل فرد للاخر، وعملت بما يقتضيه هذا الحب من العدالة والمساواة والشرف، لما انتهى الدين الى اداة او وسيلة للكراهية والحقد والقتال.

ولذلك فإن هذه الابيات التي نطق بها ابن عربي جدير بان يعيها كل شاب في قلبه وان يجعلها هدفا لتربيته القومية والبشرية. وفي العالم اليوم زهاء ستة آلاف مليون انسان، منهم اكثر من الف مليون بوذي ونحو الف مليون مسيحي واكثر من الف مليون مسلم ومئات الملايين من الهندوك. وهم لن يستطيعوا ان يعيشوا في سلام وإخاء إلا اذا استرشدوا بأولئك المفكرين الذين تجلى لهم الحق مثل ابن عربي.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للكاتب الموسوعي سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here