دولة القانون….جعجعة بلاطحين!

ساهر عريبي

[email protected]

مرّت أكثر من ثلاثة شهور منذ إعلان النتائج الأولية للإنتخابات النيابية التي جرت في العراق في شهر مايو الماضي, والتي فازت بها قائمة سائرون المدعومة من السيد مقتدى الصدر تليها الفتح بقيادة هادي العامري ومن ثم النصر بزعامة حيدر العبادي, فيما فازت قائمة دولة القانون ب 26 مقعدا فقط من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 329 مقعد.

وقد ظهر جليا ومنذ البدء ان هناك محورا تقوده سائرون يسعى لتشكيل الكتلة الأكبر التي تتولى مهمة تشكيل الحكومة المقبلة , حيث يضم هذا المحور كل من سائرون والحكمة وقائمة النصر واخيرا الوطنية. وبالمقابل فإن قائمة الفتح ظلت متأرجحة في تحالفاتها فتارة تنضم لتحالف سائرون وتارة اخرى تعود لمواقعها.

وأما قائمة دولة القانون فظلت بعيدة عن التحالفات , إذ أغلقت بوجهها أبواب تحالف سائرون الذي وضع راعيه السيد مقتدى الصدر حظرا على ضم هذه القائمة الى تحالفه نظرا لعظم الجرائم التي ارتكبها زعيمه نوري المالكي طوال سنوات حكمه الثمانية للعراق , والتي أعادت البلاد عشرات السنين الى الوراء بسبب فشله وفساده الذي اطبق الآفاق.

لكن اللافت ان وسائل الإعلام المموّلة من المالكي مانفكت تتحدث عن منافسة بين محورين لتشكيل الحكومة أحدهما تقوده سائرون والآخر دولة القانون! مع أن المحور الثاني يفترض أن تقوده قائمة الفتح التي فازت ب 48 مقعدا في الإنتخابات وليس دولة القانون. ولا تبدو قائمة الفتح آبهة لكل هذا التهويل الإعلامي لأنها لم تعلن تحالفها رسميا مع المالكي ! بل إنها تركت الأبواب مفتوحة أمام التحالف مع سائرون, ولذا فقد تركت مهمة تشكيل الكتلة الأكبر للمالكي معتمدا على الدعم الخارجي وعلى استخدام اموال العراق المنهوبة او تقديم التنازلات لهذا الطرف او ذاك وكما اعتاد على ذلك.

ومع اقتراب المواقيت الدستورية لإعلان الكتلة الأكبر فيبدو من الواضح أن مساعي المالكي باءت بالفشل ولم تكن الحملات الإعلامية التي قادتها جيوشه الألكترونية سوى جعجعة بلا طحين. ومن جانبها فقد نأت قائمة الفتح بنفسها عن هذه المحاولات ولم تضع نفسها بالواجهة , لأنها ستوجه بوصلتها نحو تحالف سائرون مع وصول مساعي المالكي لتشكيل الكتلة الكبر الى طريق مسدود.

ولعل مايثير السخرية ويعكس في ذات الوقت حالة الإنتفاخ والهوس لدى المالكي هو سعيه لتشكيل الحكومة بالرغم من خسارته المذلة في الإنتخابات إذ تراجعت مقاعد كتلته من اكثر من 90 مقعد في إنتخابات العام 2014 الى 26 فقط في هذا العام , كما وتراجع عدد من صوت له شخصيا من قرابة الثلاثة أرباع المليون مقترع في الإنتخابات السابقة الى 100 ألف ناخب اليوم! وفي ذلك مؤشر على تحول بوصلة جمهوره المخدوع به نحو قوائم وشخصيات أخرى.

ولاشك ان هذه المساعي تعتبر حالة شاذة يستحيل حصولها في الإنظمة الديمقراطية التي عادة ما يشكل الفائز الحكومة بها أو من يليه ممن يتمكن من جمع أكبر عدد من المقاعد البرلمانية, وفي الحالة العراقية فيفترض ان سائرون أو الفتح من تنهض بذلك. لكن تصدّي المالكي لهذه المهمة بالرغم من خسارته المذلة في الإنتخابات أثبتت بأن المالكي وبعد أن حاز زورا على لقب مختار العصر أصبح مستحقا وبجدارة اليوم للقب مختل العصر!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here