اللاجئون الفلسطينيون وأكذوبة الشتات اليهودى

محمد سيف الدولة

[email protected]

آخر الاكاذيب الامريكية الصهيونية ان اللجوء الفلسطينى لا يورث.

فماذا عن الشتات اليهودى المزعوم؟

***

خرج لنا الأمريكان باختراع جديد وهو ان اللجوء الفلسطينى لا يورث، وان الوحيد الذى يستحق وصف “لاجئ” هو الذى كان يقيم فى فلسطين قبل ١٩٤٨، اما ابنائه وأحفاده فهم ليسوا لاجئين. وانه بناء على ذلك فان العدد الحقيقى للاجئين الفلسطينيين يجب الا يتعدى نصف مليون، على عكس الرقم المعتمد لدى الاونروا الذى يبلغ اليوم ما يزيد عن 5 مليون لاجئ، والذى كان يبلغ 750 ألف لاجئ عام 1950.

وهى جريمة جديدة يرتكبها دونالد ترامب وزمرته فى حق الشعب الفلسطينى وقضيته وحقوقه، بعد جريمة الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لاسرائيل.

***

ولكن ماذا لو طبقنا ذات القاعدة على اسطورة الشتات اليهودى المزعوم؟

فإننا فى هذه الحالة لن يكون لدينا على قيد الحياة اى ضحية من ضحايا ما يسمونه “بالسبى البابلى” فى القرن السادس قبل الميلاد، او “النفى الروماني” فى القرن الثانى الميلادى، لان هذا الشتات اليهودى ايضا لا يمكن توريثه، وفقا لذات المنطق وذات القاعدة التى يريد سنها الترامبيون الصهاينة بأن اللجوء الفلسطينى لا يورث.

فلا يعقل ان يتم انكار حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وعائلاتهم الذىن تم طردهم وتهجيرهم قسرا منذ مدة لا تتعدى السبعين عاما، بينما يتم التمسك “بحق عودة زائف” لأشخاص يدعون انهم احفاد جماعات قبلية او دينية او عرقية منقرضة أو منصهرة منذ الاف السنين، الى ارض لا يملكونها.

لقد تم طرد الفلسطينيين من اوطانهم منذ ثلاثة اجيال ولا يزالوا يحملون معهم مفاتيح ديارهم وصكوك ملكية اراضيهم المغتصبة، بينما تدعى هذه الجماعات الصهيونية المرتزقة التى اغتصبت الارض، ان اجدادهم المزعومين كانوا هنا منذ ما يزيد عن 2000 عام اى ما يقارب من مئة جيل، ولا يحملون معهم سوى قوائم طويلة من الأكاذيب والاساطير الزائفة والادعاءات الباطلة، المعجونة بعصارة من العنصرية والارهاب.

اننا لو طبقنا هذه القاعدة الترامبية التصفوية، على ما يسمى بالشتات اليهودى، فستنهار حينئذ الفكرة الصهيونية من اساسها، وسيتحتم على كل اليهود الصهاينة الذين استوطنوا فلسطين فى القرنين العشرين والواحد والعشرين ان يعودوا هم وابنائهم وأحفادهم من حيث أتوا.

***

لم يكتف الامريكان بانكار حق اللجوء الفلسطينى للابناء والاحفاد، بل ترجموا ذلك فى عدة قرارات وسياسات عدوانية، على رأسها ايقاف تمويلهم تماما “لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين ـ الأونروا” والذي كان يبلغ ما يقرب من 300 مليون دولار سنويا، من اجمالى يقارب 1.2 مليار دولار.

***

ان جريمة ترامب الجديدة ليست موجهة ضد الشعب الفلسطينى فقط، بل هى تمثل عدوانا مماثلا على الأقطار العربية التى تستضيف اللاجئين الفلسطينيين على اراضيها منذ عام 1948، فى “الاردن ولبنان وسوريا” بالاضافة الى اللاجئين المطرودين من ارض فلسطين 1948 الى الضفة الغربية وغزة، وهى الأقطار التى تلتزم بموجب قرارات جامعة الدول العربية والامم المتحدة والمنظمات الفلسطينية، بعدم تجنيسهم بجنسياتها حتى لا تسقط حقوقهم فى العودة الى ارضهم المحتلة.

ففى هذا القرار، تجريد لـ 4.5 مليون لاجئ فلسطينى من اى هوية أو حقوق، وعصف بكل القرارات والمواثيق الدولية، وضغط مالى وسياسى على الدول المضيفة لطردهم أو لاعطائهم جنسيتها، وهو ما بدأ بالفعل، حيث اخطرت الولايات المتحدة هذه الدول باستعدادها دفع ذات المبالغ التى قطعتها عن “الأونروا، اليها، لتمويل وجود اللاجئين على اراضيها، ولكن من خارج إطار مؤسسة الاونروا. وهو الطلب الذى قوبل بالرفض حتى يومنا هذا.

***

ان المعركة الرئيسية اليوم فى مواجهة القرار الامريكى، هى التضامن العربى الرسمى والشعبى لاجهاضه، والتمسك بالتوصيف الدولى والعربى والفلسطينى لمعنى “اللاجئ الفلسطينى”، والتمسك بحق العودة، وهى معركة تبلغ امكانيات النصر فيها نسبا عالية، فالدعم الشعبى وحده استطاع ان يصنع المعجزات خلال انتفاضة الاقصى عام 2000، فما بالنا بالوضع فى حالة دعم كل الدول الصديقة فى العالم، التى لن تعجز عن تدبير مبلغ الـ 300 مليون دولار التى حجبها الامريكان.

ولكن على هامش هذه المعركة الرئيسية، فان أمامنا فرصة لاطلاق حملة فكرية وسياسية واسعة موجهة الى الراى العام العالمى، نعمل فيها على فضح هذا القرار العدوانى العنصرى التصفوى وتوظيفه للضرب فى اكذوبة الشتات اليهودى وقانون العودة الاسرائيلى وقانون القومية اليهودية، وكل المزاعم والادعاءات والاساطير الزائفة التى تروج لها الحركة الصهيونية.

*****

القاهرة فى 7 سبتمبر 2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here