هل يستطيع الإنسان ان يعيش في بطن الحوت كيونس عليه السلام؟

إيهاب المقبل

في البداية لا تندهش، فالحيتان لا تأكل الإنسان، ولا يوجد سجل لأي حوت ابتلع إنسان على الأطلاق. وبالتأكيد بمقدور الحيتان الإقتراب من القوارب والأشخاص، إلا انهم لا يأكلون البشر بتاتًا على الرغم من حجمهم الهائل، وذلك لان مريء الحوت الأزرق العملاق مثلًا، يبلغ فقط ٢٠ سنتمتر إذا قمت بتمديده، مما يجعله غير كافيًا لمرور الإنسان بإستثناء الأطفال، ولهذا السبب يعدّ السمك والحبار وغيرهم الغذاء الرئيسي للحيتان.

ولو افترضنا جدلًا ان الحيتان التي تأكل الفقمة الكبيرة والحبار العملاق كالحيتان القاتلة وحيتان العنبر، ابتلعت إنسان بأكمله، فما هي فرص بقائه على قيد الحياة؟ بالتأكيد، ستكون فرص بقاء الإنسان على قيد الحياة ضئيلة جدًا، فلو نجا من أسنان الحوت، فانه لن ينجو من جهازه الهضمي المعقد، والمكون من أربع غرف، كل واحدًا منها بحجم البقرة، والمليئة بالأنزيمات الهضمية السيئة التي ستبدأ في تآكل بشرة الإنسان. ولو نجا من الأنزيمات الهضمية كإفتراض جدلي، فانه سيموت خنقًا، لوجود غاز الميثان داخل الحوت، والذي لديه القدرة العالية على ازاحة الأكسجين والحلول مكانه، مسببًا الإختناق لأي كائن حي.

ولذلك كان الحوت معجزة انفرد فيها نبي الله يونس عليه السلام، كما كانت النار معجزة انفرد فيها إبراهيم عليه السلام، لان الله عز وجل وحده خالق الأسباب والمسببات، وبيدّه تغيير الخصائص الطبيعية والكيميائية والفيزيائية والرياضياتية متى شاء، قال تعالى: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)، الصافات: ١٣٩-١٤٨. قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره: (عن ابن عباس قال: خرج به – يعني الحوت – حتى لفظه في ساحل البحر، فطرحه مثل الصبي المنفوس لم ينقص من خلقه شيء. وقيل: إن يونس لما ألقاه الحوت على ساحل البحر أنبت الله عليه شجرة من يقطين، وهي فيما ذكر شجرة القرع تتقطر عليه من اللبن حتى رجعت إليه قوته). ولذلك أنبت الله عز وجل شجرة اليقطين على يونس عليه السلام، أي انبت القرع الأخضر ذو الأزهار البيضاء والأوراق العريضة التي تنمو سريعًا على الساحل، لتعمل على تغذيته ووقايته من الشمس والحشرات، وإصلاح بشرته لاحتوائها على البروتين والمغنيسيوم والنحاس والزنك.

والله أعلم بالصواب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here