دولة الرئيس أم رئيس الدولة

نواة تشكيل الكتلة الأكبر أن صح التعبير للولايات المتحدة معروفة لدى الجميع قد حققت انجازات عظيمة بقيت خالدة ليومنا هذا، لم تستطع قوى عالمية أخرى تحقيقها، استطاعت تحويلها من مستعمرة إلى الامبرطورية التي لا تغيب عنها الشمس .
نواتها عملت على تأسيس دولة المؤسسات التشريعية والمهنية،دولة القوانين والأنظمة لا دولة الشعارات الفارغة والعناوين الرنانة ، كانت مرتكزات لبنتها الأولى مبنية على أساس قوي ومتين لان من وضعها أهل الخبرات والكفاءات ، وبعيدا عن المحسوبية أو المنسوبية للأشخاص ووفق تخطيط ستراتيجي شامل و دقيق ومهني ، لتكون سيدة العالم الأولى بلا منافس أو منازع .
أما نواة تشكيل الكتلة الأكبر إن صح التعبير في بلدي ، حققت انجازات يشهد لها الجميع ، ووضع البلد خير دليل على ذلك ، استطاعت تحويل البلد من مستعمرة النظام البائد إلى مستعمرات ،لأن مرتكزاتها في بناء الدولة اعتمدت على أساسات غير صحيحة وغير مهنية ،وأشخاص لا تتوفر فيهم كل المؤهلات والخبرات لإدارة شؤون الدولة وبنائها .
نطوي صفحة الماضي ونريد بدء صفحة جديدة شعار ترفعه بعض القوى السياسية اليوم الفائزة في الانتخابات الأخيرة ، وهي تسعى بقوة نحو تشكيل نواة الكتلة الأكبر بعد مفاوضات عسيرة وصعبة مع الكتل الأخرى ليكون لها عدد المقاعد الأكثر في البرلمان ، وهو حقها دستوريا وقانونيا ، لكي تسمي رئيس الوزراء القادم .
وفي نفس الاتجاه تسعى قوى أخرى إلى تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر وتدخل في حوارات مكثفة ونقاشات حادة ليكون لديها مقاعد برلمانية أكثر وهو حق لا غبار عليه في إن يكون منصب رئيس الوزراء القادم من نصيبها.
الصراعات المحتدمة والحوارات الطويلة والتنافس على أشده بين الكتل السياسية ، ووصول الأمر إلى تبادل الاتهامات والتهديد والوعيد والحرق ومحاولات تسقيط الآخرين من اجل أن يكون منصب رئيس الوزراء القادم من حصتها أو من نصيبها ونصيب من يقف ورائها وبحجة مصلحة البلد وأهله.
لماذا لا نسمع أو نشاهد من كل الكتل طرحها برامج أصلاحية للبلد تتضمن خطة شاملة وفق مراحل متعددة وخطوات فعلية وتوقيتات زمنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، بمعنى لديها رؤية واضحة للبلد وبرامج حقيقية بعيدا عن إطلاق التصريحات والوعود ، وتتصارع على منصب رئيس الوزراء ولا تتصارع من اجل بناء مؤسسات الدولة .
هل يملك رئيس الوزراء القادم العصا أو الفانوس السحري لكي يغير وضع البلد نحو الأحسن ؟ وهل الدولة تبنى من خلال شخص أو أشخاص مهما بلغت خبرتهم وكفاءتهم وشجاعتهم وقوتهم بدون وجود مؤسسات للدولة تعمل بشكل صحيح ومهني ؟ .
إذا كانت القوى السياسية تريد دولة الأشخاص ( دولة الرئيس ) كما في السابق ، فالبشرى لكم يا شعبنا المظلوم بسنوات عجاف قادمة أصعب و أسوء من الماضي بكثير ، او تريدونها دولة المؤسسات ( رئيس الدولة ) فخطوة واحدة تغير مسار حالنا نحو الأفضل لا أكثر تقومون به لتحقيق هذا الأمر، الاستعانة بالخبرات والكفاءات الوطنية المستقلة المهنية ، وتكون لديهم خبرة عمل في مجالها لا تقل عن خمسة عشر خدمة فعلية، وإتاحة المجال لها لكي تخطط وتعمل دون ضغوط أو تدخل من إي جهة كانت، ويتولوا المسؤولية والمهام في إدارة الدولة هذا من جانب .
جانب أخر أن يكون مستوى التخطيط بمستوى تخطيط من مستعمرة إلى لا نقول امبرطورية إلى دولة تعيش بأمان واستقرار تحقق لنا مستوى عيش كريم ، خدمات متوفرة ومتاحة لكل أبناء دجلة والفرات .
من يريدها دولة أشخاص يريد السلطة والنفوذ،ومن يريدها دولة مؤسسات يتفاوض ويحاور من اجلها مع الآخرين لتشكيل الكتلة الأكبر يريد خدم الشعب وأهلة .

ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here