شجون الحفاة

حسام عبد الحسين
لم يعد العيش في كوخ المرض تعيسا، ولا تصور الحياة ببعد الرؤى محققا، ولا انفعالات اللذائذ بمجريات الترف، ولا ابتسامة الأطفال تعطي الأمل، ولا جنان الفردوس تزيح الهم ولا تعد من الغايات.
اليوم تحولت المفاهيم إلى أطر مغلقة، وانصاعت النفوس إلى القوي والطمع، وسعت العقول إلى التفرد السلطوي، لأن النجاح أصبح بالانتهاز، والمثابرة بأعتلاء حقوق الآخرين، والافضلية بزخرف المظاهر، والذكاء بحيلة الدهاء، اما المبادئ فرقصت مع ألسن الساسة، وجمال الجهاد قد خنق في كأس السرقة، حتى اواني الكرم اعطيت لمقابل الوفاء!
حينما حاصرني الموت، وكاد ان يحقق مراده، عرفت ان الحب قد قتل برصاص الطبقية، وتفرق قلبها عن عقلها للازاحات العرفية، وسار الهيام في سماء التوحد، ولم يبق من قلادتها سوى خيطها المحروق.
إن على ارضي كل شيء مرسوم، واعدت محرقة النفوس وترويض العقل حسب مجريات القبيلة او ما تشتهيه ضمائر الساسة؛ من خطط تتيح لهم الفرص اللا معقولة في كنز الذهب والفضة، وفقر يثبت لهم السلطة، ومن تبعثر يبعد عنهم الثورات، ومن اقصاء واتهام يقتل لهم الخصوم.
لذا؛ انا غارق في بحور التاريخ، كاره لمعتقدات القتل، وصامت؛ لان اتهام الزنا قد ابيح في منعطفات الاختلاف، والعدالة قننت قواعدها بأحداث الماضي، وإصدار الأحكام من منطلق الأوهام.
العالم اليوم يسمى سجن العقول، بات سجنا مظلما لا يعلنه احد، ولا يعترف بمبادئه أحد، فقط نحن الحفاة ندرك ماهيته وتصوراته العقلية، وعمقه المدرك لتجاذبات الحضارات، والسياسات الناقمة، وأن كان لا حيز لنا فيه، وأن كان أيضا عالم للحمقى والاثرياء، لكن الاشجار تموت واقفة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here