المشهد السياسي.. بين الكهولة والشباب

مديحة الربيعي
من يتابع مجريات العمل السياسي في أغلب الدول العربية والأوربية سيرى أن الحكومات غيرت من منهجها القائم على الخبرات الى الأعتماد الطاقات المدعمة بالخبرات, اي من جيل الساسة كبار السن الى الشباب, وفرنسا وكندا تحتل الصدارة على المستوى الاوروبي, ومصر بدأت تحذو حذوهما في قرارات السيسي الذي يركز على تمكين الشباب, فضلا عن تجربة سياسية بعد ما يعرف بالربيع العربي, وقطر تمثل نموذجا حيا, بينما أيران كانت السباقة في الأنموذج الذي قدمه أحمدي نجاد.
المشهد السياسي العراقي رتيب ونمطي الى حد كبير, فهناك قواعد عامة أهمها أن يكون السياسي كبير السن, ربما وصل الى سن التقاعد, من باب الإرتكاز على الخبرة, ولهذا أصبح العمل السياسي حكرا على وجوه محدودة مجرد تغيير أدوار, فلا عجب ان يتجه العمل السياسي نحو الركود فلا جديد ولا تجديد.
من الطبيعي أن تجد الشباب في ساحات التظاهر, اذا ما إبتعدوا عن أروقة السياسية فأغلب الموجودين في المشهد السياسي لا يمثلونهم, وهذا ما يفسر عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات, فقد وجدوا ضالتهم في ميادين الاحتجاج لأنها تمثل مجالاً حقيقيا للتعبير عن طاقاتهم وتطلعاتهم, فالسياسية الكهلة لا تغني ولا تسمن كما يقال, بل قد فشل أغلب السياسيين في مد جسور التواصل مع الشباب, وأكتفوا بعزلة خلف جدران الخضراء, فهم لا يشاركون جمهورهم الشبابي الذي يشكل الاعم الأغلب من الشعب العراقي اهتماماته وهمومه.
الترهل الكبير في مفاصل الدولة, والمعضلات الحالية تحتاج الى طاقات شبابية تنزل الى ميدان العمل السياسي, بعيدا عن المكاتب المتخمة بمخصصات الضيافة!
الخبرة والقدرة التفكير والعمل على تنفيذ الأفكار وخوض غمار المعترك السياسي, التخطيط والتواصل مع الجمهور بشكل صحيح, هي أبرز مواصفات السياسي المطلوب الذي يتمكن من التغلب على تحديات الوضع الراهن.
الأمثلة الشبابية التي أفرزتها التجارب السياسية في اغلب الدول كلها تؤكد على ضخ دماء شابة في شريان المشهد السياسي هو الحل الأمثل, وما يعزز هذا التوجه التظاهرات الأخيرة في البصرة, وكل المظاهرات في عموم العراق في السنوات السابقة.
اذا وجد الشاب من يمثلهم, ويتقن التواصل معهم, وينهض بمسؤولياته ويفي بالتزاماته, قطعا سيكون الجمهور الشبابي داعم حقيقي للعمل السياسي وركن أساسي من أركان نجاحه, والمعطيات تؤكد أن الشباب العراقي طور أساليبه للضغط على أصحاب القرار للوصول الى أروقة السياسة وآليات صنع القرار السياسي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here