النسب واستقلالية الرأي الشخصي في الاسلام

نعيم الهاشمي الخفاجي

هدف الدينةالإسلامي الحنيف متمثل في إيجاد الإنسان الكامل من جميع الأبعاد والمحتويات، وفي كل الاتِّجاهات، والنَّاظر إلى الدعوة الإسلامية نظرةً مجرَّدة فاحصة يشعُر بحرصها البالغ على تكوين الشخصيَّة، وتنمية الذَّات المستقلَّة قبل أن تتحمَّل هذه الدَّعوة، وقبل أن تتلقَّى أُصُولَها ومبادئها، وهي بذلك تُدْرِك من البداية أنَّه لا فائدة من الإنسان المتحلِّل وانما تركز على الانسان المتعلم صاحب المبادىء، لا الانسان اﻹمعة، الذي يكون تبعًا لغيره، وذيلاً لسواه؛ ولهذا كان أوَّل توجيه صدَر عن الوحْي إلى الرسول الكريم – صلَّى الله عليه واله وسلَّم -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 – 5].والقراءة نقطة البداية وهي مِفتاح الثقافة، والثَّقافة بلا شك هي ثَمرة العلم، وبالثلاثي العلم والمعرفة والثَّقافة تتكوَّن الشخصيَّة الإنسانيَّة وتتحدَّد صفاتها، وتتعمَّق أهدافُها، وبعد أن يُعْطِي الإسلام الإنسانَ المفتاح إلى المعرفة وهو القراءة، يدفعُه بقوَّة نحو العلم، ويوقِظ حواسَّه إلى النَّظر، وينبِّه ضميره إلى اليقظة، ويحرِّك فكره إلى التأمُّل والتدبُّرمن ذلك قولُه في حقِّ أتباع شُعيب – عليْه الصلاة والسلام – الذين ناقشوا رسولَهم على أساس نظريَّة متابعة الآباء؛ فقالوا له: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: 87]، كما استنْكر القرآن نظريَّة الاستِمْرار التي جادَل قومُ هودٍ نبيَّهم عليْها، فقالوا له: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [هود: 53]رسول الله ص اكد على استقلالية البشر ((لا يكُنْ أحدُكُم إمَّعة، يقول: إن أحسن الناس أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطِّنُوا أنفُسَكم، إن أحسن النَّاس أن تُحسنوا، وإن أساؤوا أن تُحسنوا))؛ رواه البخاري.ثم يمضي الإسلام في صنع الشخصية الاستقلاليَّة للإنسان، فينقلها من الإيجاب إلى الدفع والمقاومة، فيقرُّ مبدأً جديدًا لِحماية الاستِقْلال الذَّاتي للإنسان، حيثُ يقول الرَّسول – عليْه الصَّلاة والسَّلام – ((لا طاعةَ لِمن لم يُطِعِ الله))؛ رواه أحمد في مسنده، وقال الامام علي ع لاطاعة للمخلوق على الخالق، فليس لقوَّة في الأرض أن تفْرِض عليْك الدُّخول معها في معصية او قبول رأي او عقيدة، سواءٌ بالتَّعاون معها أو بالمُشاركة لها فيما ترتَكِب من انْحِراف عن جادَّة الحقِّ وسواء السَّبيل، وليس من حقِّك أن تضعف أمامها، فتنساقَ لندائِها أو لتهْديدِها أو لإغْرائِها، فتقع فيما لا يصحُّ أو لا يرضى عنه الله؛ بل عليْك بعد اتِّخاذ نَهْجٍ مستقلٍّ لِحياتِك يقوم على الحق والعدْل والإنْصاف – أن تقِف مدافعًا عنْه، وألاَّ تَستجيبَ لأيَّة قوَّة تُحاول الاعتِداء على شخصيَّتك وكيانِك، وقد تكون نظرة الإسلام إلى الخطأ الذي يرتكِبُه الإنسان – رغبةً أو ثورةً أو انْحرافًا أو ضلالاً – أرحمَ وأشفقَ من نظرته إلى الشَّخص الذي يرتكِبُه استجابةً لنداءٍ خارجي ويجمد عقله ويستسلم للاخرين، من عظيمٍ أو كبيرٍ، أو من رئيس أو قويّ.ويصِل الإسلام إلى قمَّة الاستِقْلال الذاتي للإنسان، حينما يصِل إلى ساعة الاحتِكام على دعوته بالذَّات، فلا يُمليها على الإنسان ولا يفْرِضُها، وإنَّما يعطي الضَّمان لحريَّة الإنسان، فيقرِّر الإسلام بصراحة كاملة: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:الاسلام منع التجسس على الاخرين ويحرم التجسُّس، ويحرِّم الغِيبة؛ وفي ذلك يقول القُرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12].ويقول رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إيَّاكم والظنَّ؛ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث، ولا تجسَّسوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا))؛ رواه البخاري في صحيحة عن اهمية العشيرة في الاسلام ان الإسلام دعا الى التمسك بالعشيرة فيما يكون في طاعة الله وبغرض الوصول الى رضاه نهى عن اتباع العشيرة فيما كانت علية العرب من عصبية ونصرة للعشيرة في حق او باطل في قوله تعالى قُلُّ ان كَانَ اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وَعَشِيرَتَكُمْ وامول اقترفتموها وَتَاجِرَةً تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَّكُنَّ تَرْضُونَهَا اُحْبُ اليكم مِنْ اللهِ وَرَسُولَهُ وَجِهَادَ فِي سَبِيلَةٍ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بأمره وَاللهَ لَا يُهَدَّى ‘ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (سورة التوبة: الآية 24)ولاشك في ان الإسلام اعطى للعشيرة أهمية كبيرة بين العرب في عصر الدعوة الاسلامية اذ انه اعلن رفضه لبعض المفاهيم السلبية التي كانت سائدة بين العشائر والتي تتنافى مع التعاليم الأخلاقية والقيم الإنسانية اذ ان العشيرة في الإسلام كانت قائم على صلة الرحم فللرحم يعنى حق على المكلف ان يؤديه ولا يقصر فيه وقال العلامة الطباطبائي ( كيف كان فالرحم من اقوى أسباب الالتحام الطبيعي بين افراد العشيرة مستعدة للتأثير اقوى الاستعداد ولذلك كان ما ينتجه المعروف بين الارحام اقوى واشد مما ينتجه ذلك بين الأجانب وكذلك الإساءة في مورد الأقارب اشد اثرا منها في مورد الأجانب)ومن هنا تظهر بوضوح أهمية العشيرة في الاسلام كعون للفرد ومساعدته على اصلاح ذاته واسرته والسير بطريق العدل والانصاف ونصرة المظلوم وليس العكس عندما كانت القبائل قبل زمننا هذا تهاجم بعضها البعض بعمليات سلباهمية النسب في الاسلام اهتم علماء الاصول في النسب وعدوه من الضروريات الحقيقة أن الإسلام اهتَمَّ بموضوع النسب اهتمامًا بالغًا، حتى إن الفقهاء والأصوليين يعتبرون النسب من الكُلِّيَّات الخمس ـ أو الست على اختلافهم (بعضهم يُضيف “العرض” إليها إذا لم تدخل في “النَّسل” أو النَّسَب) وهي:- 1- حفظ الدين.2- حفظ النفس.3- حفظ النَّسل (وأحيانًا يُعبِّرون عنه بالنسب؛ لأن حفظ النسل يقتضي حفظ النسب ولذا اشتدتْ عناية الشرع به).4- ـ حفظ العقل.5- حفظ المال. فموضوع النسب من هذه الكليات الأساسية التي جاءت الشريعة الإسلامية بالحفاظ عليها، ومن هنا قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “تَعلَّموا من أنسابكم ما تَصلِون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مَثراة في المال، مَنسأة في الأثر”الى: {ولا تَقْربُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا(32)}[الإسراء]. قال ابن قدامة، رحمه الله: “الزنا حرام، وهو من الكبائر العظام بدليل قول الله تعالى: {ولا تَقْربُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا}. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَر ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ولا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا(69)}[الفرقان].د أمر الله I المسلم بالإحسان إلى الوالدين وذوى القربى. كما قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْركُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُربَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَار ذِي الْقُربَى وَالْجَار الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً(36)﴾[النساء]. فإذا كان الإنسان لا يعرف أباه ولا أمه ولا أحداً من ذوي قرابته، فكيف يحسن إليهم؟ لذلك كان حفظ النسب فرضاً لتنفيذ أمر الله تعالى بهذه الصلةواجبات شيوخ القبائل وفق ما افرده علماء الاصول حدها: حفظ أنسابهم من داخل فيها وليس منها، أو خارج عنها وهو منها. والثاني: تمييز بطونهم ومعرفة أنسابهم. والثالث: معرفة من ولد منهم ومعرفة من مات. والرابع: أن يأخذهم من الآداب بما يضاهي شرف أنسابهم. والخامس: أن ينزههم من المكاسب الدنيئة. والسادس: أن يكفهم عن ارتكاب المآثم.والسابع: أن يمنعهم من التسلط على العامة لشرفهم. والثامن: أن يكون عوناً لهم في استيفاء الحقوق، وعوناً عليهم في أخذ الحقوق منهم. والتاسع: أن ينوب عنهم في المطالبة بحقوقهم العامة في سهم ذوي القربى في الفيء والغنيمة. والعاشر: أن يمنع إماءهم أن يتزوجن إلا من الأكفاء لشرفهن.تدوين النسب لم يكن حالة طارئة فقد دون السومريون ذلك والبابليون والحضارة الغربية اهتمت في علم النسب لحد عهد حديث وقد اتبع النسابين، اتباع طرق منها ان لعلماء الأنساب طريقتان في تدوين الأنساب :المبسوط. وهو تدوين الأنساب ببسطها على الصفحة مسطوراً كما يدون أي علم آخر. وهو الذي عليه العمل لدى أكثر أهل النسب.التشجير. بمعنى رسم سلسة النسب المبسوطة على شكل مشجر، وقد عني كثير من الناس بشجرة العائلة، وظهرت برامج إلكترونية تساعد على التشجير. وهذه الطريقة ما كان يتقنها أي أحد من علماء النسب، ولذا تجنبها الكثيرون منهم لئلا تختلط الخطوط ببعضها وينتج اللبس على القاريء.والفرق بين الطريقتين، أن في المشجر يبدأ النسّاب بتدوين الشجرة بدأً بالابن ثم الأب ثم الجد حتي يبلغ الجد الأعلي. وأما في المبسوط فيبدأ من الجد الأعلي ثم الأبناء ثم أبناء الأبناء وهكذا إلي منتهي السلسلة مع بيان ما توفر من ترجمة للأعيان المعروفين من السلسلة وما يتعلق بهم من أخبار.

اهتمام المستشرقين بالأنساب

اهتم المستشرقون الغربيون بدراسة علم الأنساب، اهتماماً ظاهراً، وبرز هذا الاهتمام مع نهوض الحضارة الغربية، حدث ذلك في الوقت الذي تقاعس عنه العرب والمسلمون في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، فالمستشرقون هم الذين ترجموا امهات كتب الأنساب العربية، ومن ذلك على سبيل المثال:1 في سنة 1854 م قام المستشرق الألماني فردناند وستنفيلد بطبع كتاب «الاشتقاق» لابن دريد، وهو كتاب في أنساب القبائل العربية. كما طبع في سنة 1899 م كتاب «مختلف القبائل ومؤتلفها» تأليف: محمد بن حبيب. ووضع جداول مفصلة لانساب القبائل العربية.2 في سنة 1883 م قام المستشرق الألماني وليم اهلوارد «1828 م 1909 م» بطبع الجزء الحادي عشر من كتاب «أنساب الاشراف للبلاذري» على الحجر بخطه.2 في سنة 1936 م قامت «الجامعة العبرية اليهودية» في القدس بطبع جزءين من الكتاب السابق، الجزء الخامس بتحقيق المستشرق س.د.ف. جوتيين.4 في سنة 1938 م قامت الجامعة العبرية أيضاً بطباعة الجزء الثاني من القسم الرابع من الكتاب نفسه، حققه المستشرق ماكس شتوسنجر.5 في سنة 1948 م قام الفرنسي ليفي بروفنسال بطبع كتاب «جمهرة أنساب العرب »لابن حزم.6 في عام 1949 م قام السويدي ك.و.سترستين بطبع كتاب «طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب».7 في سنة 1951 م قام ليفي بروفنسال أيضاً بطبع كتاب «نسب قريش» لمصعب بن عبد الله الزبيري «13».غير انه ينبغي الا ننسى أن بعض المستشرقين قد شككوا في علم النسب، واثاروا شبهات كبيرة حول ما دونه علماء النسب الأقدمون الذين قامت على ايديهم مصادر علم الانساب، فطعنوا بأمهات كتب الانساب ككتاب ابن الكلبي وغيره، وكان على رأس هؤلاء المشككين نولدكه، وروبرتسن سميث، وغيرهما «14». وليس هنا مجال مناقشة آرائهم المبنية على تصورات بعيدة عن الواقع العربي، وقد تصدى علماء العرب والمسلمين لهذه الهجمة التي ترمي إلى تقويض علم النسب.

المعتنين بالأنساب هناك علماء معنين في علم الانسان منهم المرجع السيد شهاب الدين النجفي المرعشي رحمه الله فقد اهتم بهذا العلم والف مجلدات كثيرة حول ذلك ووجدت صديق فلسطيني مهتم في الانساب ذات يوم قال انا من اصل عراقي وسيد حسني وفعلا احضر لي شجرة اجداده من موقع السيد المرعشي رحمه الله وتبين سيد جده ابو الهيجاء احد قادة الدولة الحمدانية ومن يحملون لقب بيت ابو الهيجا في فلسطين والاردن ولبنان وسوريا هم احفاد ابو الهيجاء رحمه الله وقد تشيع عدد منهم بعد ان اطلعوا على سيرة اجدادهم، في الختام ينبغي على الانسان ان لايكون امعة مصادر القرار من اشخاص اخرين بل يجب ان لايكون تبع يصادر قراره الشخصي الاخرون، وان يتبع شيوخ يصادرون قراره ويحرموه من حقه الطبيعي في الانتساب للنسب من خلال التحالف مع قبائل اخرى لاسباب مادية وفئوية ويصهروه وينسبوه الى آباء غير شرعيين وللاسف هذه البدعة اوجدها الاتراك العثمانيين بالعراق من خلال دعم وتشجيع التحالفات العشائرية لضرب انساب القبائل العربية الشيعية ومن خلال دعم الحركات الدينية المنحرفة مثل الحركة البهائية والتي تم تركيزها ونشرها بين اوساط الشيعية والغاية لضرب عقيدتهم ولذلك عمد الاتراك العثمانيون دعم البهائية ونشرها بالعراق والاناصول وايران ومناطق انتشار الشيعة في لبنان وشمال فلسطين ومن المؤسف تجد الكثير من المدلسين يحاول اتهام الضحية وتبرئة الجلاد المجرم الحكام العثمانيين من جرائمهم بنشر هذه الافكار المنحرفة لضرب الشيعة لكن محاولاتهم بائت بالفشل الذريع.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here