أس 300 في سوريا

وصول منظومة أس 30إلى سوريا بعد طوال انتظار من الطرف السوري أثارة حفيظة واعتراضات الكثيرين تتعلق بتوقيت و الأسباب الحقيقي لتجهيزها مع العلم إن الصفقة مبرمة بين الجانبين منذ سنوات ودفعت أموالها من الجانب السوري ، لكن أسباب التأخير تتعلق بجانب الروسي للحسابات أو لغايات محددة،ولا ننسى الضغوط الإسرائيلي على الجانب الروسي بعدم تسليمها للسوريين بحكم قوة العلاقة بين البلدين سابقا ، لكن طرأت عليها متغيرات بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية أثرت سلبيا على عمق العلاقة بين البلدين .
عدة علامات استفهام وتساؤلات عديدة تتعلق بوقت التجهيز لماذا لم تجهز روسيا سوريا هذه المنظومة في الفترات السابقة من الأزمة رغم حاجتها الماسة أليها لصد الهجمات المتكررة على مواقعها ومطاراتها العسكرية من عدة جهات ، وهل ستكون كافية أو رادعة لمواجهة حجم التحديات والتهديدات المستقبلية لسوريا وحلفائها ؟ أو أن أهداف محددة للروس هناك في توريدها للسوريين .
حسابات الدول العظمى في بيع الأسلحة المتطورة للدول الأخرى تخضع للحسابات محددة ودقيقة جدا ، وأول مسالة طبيعة العلاقات السياسية تلعب دور أساسي في إبرام صفقات التسليح ، ومدى عمق التعاون والعلاقات مع القوى العظمى الأخرى حيث تغيرت كل الحسابات والمعادلات للكبار في الأزمة السوري عن السابق بكثير ، ومع تصاعد حدة الصراعات والخلافات بينهم في عدة ملفات مشتركة وقضايا دولي ساخنة أخرى هذا من جانب .
جانب أخرم مهم روسيا تريد الحفاظ على المكتسبات والمنجزات التي حققتها على الأرض وعلى طاولة التفاوض في الصراع السوري العالمي لأنها تحملت الكثير من الضغوطات والعقوبات والضحايا ، وزادت حجم مشاكلها مع دول الاتحاد الأوربي والأمريكان بسبب تدخلها المباشر في الملف السوري ،و تفرض أجندتها على الكل وتحقق أهدافها .
لماذا لم تجهز روسيا سوريا في الأوقات السابقة رغم الحاجة الفعلية له من سوريا، وكما قالنا فهناك عدة حسابات دقيقة للكبار ومنهم روسيا في تجهيز هكذا أسلحة متطورة . وما طرأت من متغيرات وتحولات ستراتيجية في الصراع القائم السورية دفعت روسيا لتزويد سوريا بهذه المنظومة المتطورة في وقتنا الحاضر ، وتقف ورائها عدة أسباب مرتبطة بتطورات الجارية اليوم وبمتطلبات المرحلة بمعنى أدق القضية السورية وصلت إلى نهاية المطاف ولابد من إجراء تسوية شاملة للازمة وحل يرضى جميع الإطراف بموجب المعاهدات التي أبرمتها روسيا مع الآخرون ، ,وهناك جهات عدة تريد أطالت الأزمة لأطول وقت ممكن لأسباب معروفة من الجميع ، وتقويض هذه المعاهدات والاتفاقيات للغايات وأهداف محددة ،وتهدد بشن ضربات جوية بحجج حماية المواطنين واستخدام الأسلحة الكيميائية ، ووجود هذه المنظومة في الوقت الحاضر سيعلب دور كبير في فرض حل القضية على الصعيدين العسكري أو السياسي وفق ضمان مصالح روسيا بالدرجة الأولى .
النقطة الجوهرية في الموضوع هل ستكون رادعة للأعداء سوريا في عدم تكرار توجيه ضربات جوية مستقبلا ً لها أو تغير مواقفهم نحو أيجاد حل اللازمة سواء كان الحل عن طريق السلاح أو طاولة الحوار والتفاوض ، والاهم من تجهيزها ماذا لو اتضحت الأمور فيما بعد لا تمتلك الإمكانيات الأزمة أو المعلنة من الروس في صد الهجمات المتوقعة على سوريا ، وإسرائيل تهدد وتتوعد باستمرار ضرباتها الجوية داخل العمق السوري بحجة إمكانيات طائراتها تفوق إمكانيات منظومة أس 300 ، كيف سيكون الوضع لروسيا ، ولو فرضنا جدلا تمكنت هذه المنظومة من إسقاط الطائرات الإسرائيلية أو غيرها كيف سيكون الموقف وردة فعلهم تأزم الأمور نحو التصعيد وقد تخسر روسيا وجميع الإطراف ، وتدخل القضية السورية في حسابات جديدة أو وضع لم يكن في الحسبان ، وروسيا وحلفائها تريد ترجيح كفلة الحل السلمي على الحل العسكرية في الآونة الأخيرة لان الخيار لحل العسكري غير مطروح في الوقت الراهن إلا آذ تغيرت الأمور ويكون في وقتها لكل حادث حديث .
خلاصة الحديث وجود هذه المنظومة المتطورة في سوريا يستخدمه الروس كورقة ضغط او تهديد لتحقيق عدة مكاسب سياسية أو تفاوضية و خيار استخدمها سيكون أخر الخيارات لو اقتضت الضرورة لذلك ، لكن الأهم سوريا حصلت عليها وقد تستفيد منها في أي وقت أخر أو في قادم السنين ، والحصول على المزيد من الأسلحة والمعدات امر سيحصل مستقبلا طالما دائرة الصراع والمنافسة العالمية مشتعلة بين الكبار.

ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here