القانون المخروم

حسب المقاسات العامة  والمعيار العالمي لمعنى  (  إحترام وهيبة الدولة   )   يكون بقوة القانون والنظام  ، فبهما يحفظ الأمن ويُقضى على التسيب والفوضى  ،  وهذا المعيار حيادي في وصفه وفي تعريفه وهو  ينطبق على الجميع  ويشمل الجميع  في كل جغرافيات العالم ، فليس هناك ثمة إستثناءات في هذا المجال ، وسأنطلق  معكم لأحدد فحوى ومضمون مقالنا هذا    .
خلال الفترة الماضية   جرت  في  العراق  عمليات إغتيال  وخطف  مقصودة ولفئات  من الناس  محددة ،   وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن  مُحرك هذه الأفعال واحد   ،   هي جهة إختصاص  هدفها  بث  الفزغ  والخوف و خلق حالة من البلبلة والفوضى وعدم الثقة بالنظام والقانون   ،   وقد شجعهم  على ذلك هشاشة  إجراءات الحكومة في متابعة وتتبع  هذه الجرائم  وفاعليها  ،  ولعلكم تشاهدون  البطء واللا مبالات   في  حسم هذه القضايا وغيرها    ،   فالجريمة  في كل بلاد الأرض  قاعدتها واحدة تكون  حينما  –  يأمن المجرمون والأشرار العقاب   –   وهكذا تقول الحكمة  –   فمن أمن العقاب أساء الأدب –  ، وإساءت الأدب  تعني تجاوز القانون والنظام وتسييد الفوضى  في حياة الأمنيين  ،  وكلنا  يلمس  ويشاهد  أن  لا هيبة  للقانون في العراق  حتى  تخشاه قوى التخريب والإرهاب والجريمة المنظمة ،   ولم  يكد  يمر يوماً إلاَّ ونسمع عن جريمة هنا و قتل  هناك وعن إختطاف هنا وعن إغتصاب  هناك  وعن سرقة وعن وعن  وعن  ،  ولا شك عندي  إن آليات تطبيق القانون  لا  يجري بحدوده المعروفه   إنما يتبع المحسوبيات  والمواربات   ،  فتحدث  الخروق فيه حتى صار  هشاً لدرجة  جعلت  من العراق الدولة والنظام في مهب الريح .
وسأصارحكم القول :   في قضية صادمة  إن شعبنا وشعوب المنطقة العربية والإسلامية  ، لاتنسجم ثقافتها وفوضويتها مع الديمقراطية  ولا مع آلياتها  وتتنمى  الحكم  الديكتاتوري  لكي يقودهم كما تقاد البهائم   ،  وهذه  القضية الصادمة جعلت من وع القانون وقيمته خفيفة إلى الحد الذي يتجاوزه كل من هب ودب  ،  و هناك خلل  أخر هو في تطبيق  القانون  من  المشتغلين به أنفسهم   ، من خلال المواربة والمحاباة على حساب الصالح العام   ،  ومن بين الخروقات للقانون هو في إعطاء  العشائر دوراً في الحل والربط في المنازعات والمشكلات تحت معنى –  الفصل العشائري –   ،   حتى صار القانون مجرد أعراف رجراجة يخضع حركة الناس و للترضيات وللحلول التافهه   ،   والكلام هنا ليس موجهاً للعشائر فأنا أبن زعيم قبيلة معروفة ،  ولكن  الكلام عن القانون الذي يجب ان  يطبق بقوة حتى ينتظم  سير الناس وأمنهم  وقيمة الدولة وحدودها   ، وبحدود ما أفهم : –  إن القانون أكبر من الجميع  –  لأنه الراعي للجميع والحافظ  والحامي  لحقوق الجميع ، ولما لم يكن له هذه السطوة وهذا الهيلمان  يحدث هذا الشرخ في وضح النهار على نساء ورجال وأطفال .
وإذا كانت الحجة داعش وأخواتها من منظمات الشر فأظن إنها قد زالت  من نفوس حتى  مريديها  والمرتبطين بها في السابق ، إذن من أين تأتي هذه الجرائم   ؟  ، وإني لا أبرء  أحداً   ولكني لا أظن  أن حزباً إسلامياً أو جماعة أو تيار إسلامي  يدعي  موالاته لله ولرسوله  يفعل هذه البشاعات التي  تؤثر حتماً على سمعته  سياسياً وإجتماعياً ،  وأظن أيضاً  إن  من يفعل ذلك هم الطابور الخامس الذي يحاول بث  روح  الفرقة واليأس في نفوس الناس   بعدما خسر الرهان على الحرب   ، وهنا تأتي مطالبتي للقائمين على الشأن الأمني والشرطي في الجدية و المهنية وفي  الحزم ، فالتسيب وعدم المتابعة يولد حالة من الخوف والفزع وهذا بالضبط مايريده هؤلاء الموتورين .
ومما من شك إن الجدية في العمل ليس بكثرة الكلام والخطابات ولا عن الوحدة والنظام ، إنما الجدية تكون بالعمل وتطبيق القانون والأمن  بحيث يشعر الجميع إنه يعيش بسلام وأمن ، وكلامنا ليس بدعاً من الكلام بل أخذنا بعين الإعتبار حالة دول الجوار العربية وغيرها والدول الأقليمية كيف تطبق القانون ؟ وكيف يخشى الناس سطوته ؟  ، دماء الأبرياء ليست رخيصة لهذا الحد فالكل محاسب عليها ، فمابالك ممن يدعون الإيمان والخوف من الله   ، ولايجوز أن يظل  القضاء العراقي أعرج  و أعمى  وكليل اليدين ولا محكوم  بتناقضات الطبقة الحاكمة   ،   مما جعله عاجزاً  لايجرؤ على عمل من دون نظر وترضيات ، ولهذا فلت الكثير من العقاب  حين الزمام من يده   ،  وإني أعني فئة معينة من  القضاة  التي يجب  عليها أن تتحلى  بروح العدالة  ،   إذ كيف يمكن لهم الحياة مع القسم بالشرف والوطن والولاء   ؟ .
أقول إن القانون مخروم ذلك لأنه ليس مؤيداً من ذوي الطول والقوة ، طالما مصالحهم محققة فعلام يهتمون بنفر من الناس غير معروفين ولا هم من أهل الجاه والمنصب ، وصوتي أرفعه لمن بقي عنده شيء من العنفوان والشعور بالمسؤولية الوطنية والكرامة ، إن دماء هؤلاء الأبرياء برقابكم فلا تسكتوا على هذا ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ، ومادمنا نتحدث عن القانون فأني أتمنى إن يكون الأخ عادل عبدالمهدي الرجل القوي الأمين الذي يطبق القانون ، ويُنهي مسخرة التسيب والفوضى واللانظام ، كفى فلقد بلغ السيل الزبى …
راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here