الحكومة القادمة بين الاختيار والتشاور ؟!!

محمد حسن الساعدي

في حديث مقتضب لأهم القيادات السياسية بمناسبة يوم مناهضة العنف ضد المرأة يقول : ” ليس من الصحيح أن تقول الكتل السياسية لرئيس الحكومة أذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون مترقبون ، وليس من الصحيح أن يقول رئيس الحكومة دعوني وشأني فحرية الاختيار لا تمنع من التشاور مع الكتل السياسية ” حيث يثير الحديث جملة من التساؤلات المهمة حول أجواء تشكيل الحكومة القادمة ، وما سادها ويسودها من تكهنات وعقبات في نفس الوقت تقف أمام تشكيلها ، فرئيس الحكومة المكلف يسعى لأبعاد تأثر الكتل السياسية والأحزاب على تشكيل الحكومة ، الأمر الذي سيجعل نفس الكتل يكون لها موقفاً من تشكيلها ، فالكتل السياسية جميعها كانت هي النواة الأساسية في تشكيل أي حكومة ، كما أن لها التأثير المباشر في عرقلة تشكيل أي حكومة ، ومهما كان صغر الكتلة أو قلة مقاعدها ، لان التأثير السياسي ليس بعدد مقاعد تلك هذه الكتلة أو تلك بل بالعلاقة مع باقي الكتل السياسية ، وشهدنا كيف أن “دولة القانون ” على الرغم من الأغلبية التي تمتلكها في البرلمان ، إلا أن أنها لم تكن موفقة في الكثير من الملفات ، إلى جانب عدم امتلاكها العلاقات المتوازنة مع باقي الكتل السياسية ، والتي تؤهلها البقاء في الحكم ، والتأثير في المشهد السياسي فمهما كانت قوة الكتلة السياسية لابد لها أن تمتلك تأثيراً في المشهد السياسي ، ويعطيها مؤهلاً في التأثير الايجابي فيه ، وبما يحقق تقارب سياسي مع باقي الكتل السياسية .

عملية تشكيل الحكومات في أي بلد ، تخضع لضوابط العلاقة بين الأحزاب المشاركة في السلطة ، ومقدار تقاربها مع مرشح رئاسة الوزراء ، وهذا مهم جداً في نجاحه بمهمته في تشكيل كابينته الوزارية ، الأمر الذي يجعل مهمة رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة تبدو صعبة ، أو ربما غير موفقة ، لان الأحزاب المشاركة في السلطة ، وهو يبدو أصبح عرف سياسي في البلاد لها الحق في اختيار وزارئها في الكابينة الوزارية ، وهي من تضع القيود أو عوامل النجاح أمام تشكيل الحكومة القادمة ، إلى جانب الكثيرون يرون أن اختيار رئيس الوزراء المكلف جاء بسبب خلفيته الاقتصادية ، مما يعني أن الرهان سيكون على النجاح في الملف الاقتصادي ، وإعادة أصلاح البنى التحتية الاقتصادية للبلاد ، وتحسين الخدمات ، والتي بحد ذاتها تحديات جسيمة لبلدٍ عانى من ظلمات الحروب الإرهاب لخمسة عشر عاماً ، وفي نفس الوقت أختيار السيد عبد المهدي لا يمثل أصلاحاً للنظام السياسي في البلاد ، ولكنه جاء كحلاً توافقياً بين جميع الكتل السياسية ، لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسير رئيس الوزراء المكلف لوحده ، ما لم يكن متكئاً على الكتل السياسية ، والتي ستوفر الغطاء السياسي إلى جانب الدعم السياسي ، كما على السيد عبد المهدي الاستفادة من نفس العلاقات المتميزة مع الكتل السياسية ، والخبرات السياسية في مواجهة التحديات كونه يمثل “رجل تسوية لا رجل مواجهة ” .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here