بأيّ معنى جاءت زيارة نتنياهو لسلطنة عُمان؟

مسلم عبد الودود

كاتب مصري

تباينتْ القراءات السياسية بشأن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سلطنة عُمان، فبين الطرح الرسميّ الذي قدّمته السلطنة بأنها ترغب، من دون لعب “دور الوسيط”، في مساعدة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتقارب باتجاه مفاوضات التسوية السلمية، يرى نتنياهو أنّ الزيارة تثبت أنّ نهجه الإقليمي يؤتي ثماره ويهمّش الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. ولفتت تحليلاتٌ، الأنظارَ إلى أنّ الزيارة قد لا تقتصر على الموضوع الفلسطيني بل “تُبيّن دور مسقط كقناة خلفية محتملة مع إيران، ربما فيما يتعلق بسوريا”.
ابن علوي: ليست وساطة
وقد صرّح الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان، يوسف بن علوي بن عبد الله، أمس بأنّ السلطنة تطرح أفكاراً لمساعدة الجانبين؛ الفلسطيني والإسرائيلي على التقارب، لكنها لا تلعب دور الوسيط.
وأضاف الوزير العُماني، خلال قمة أمنية “حوار المنامة” في البحرين بعد يوم من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سلطنة عُمان إنّ بلاده تعتمد على الولايات المتحدة ومساعي رئيسها، دونالد ترامب، في العمل باتجاه “صفقة القرن”، مشيراً إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، بحسب وكالة “رويترز” للأنباء.

اقرأ أيضاً: اللغات غير العربية في عُمان: تنوع الثقافة والتاريخ

الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي بن عبد الله

الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي بن عبد الله

من جانبه، أعرب وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، عن دعمه دور سلطنة عُمان في محاولة إقرار السلام الفلسطيني الإسرائيلي، في حين قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إنّ بلاده ترى أنّ عملية السلام العادل هي مفتاح تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأكد وزير خارجية البحرين أنّ منطقة الخليج ستظل ركيزة للاستقرار بالشرق الأوسط. وأضاف أنّ التحالف الأمني الإقليمي المقترح بين الولايات المتحدة وحلفاء خليجيين ومصر والأردن سيكون “مفتوحاً أمام من يقبلون بمبادئه”، مؤكداً أنّه “سيكون في طور العمل بحلول العام المقبل”، كما نقلت وكالة “رويترز”.
نتنياهو في أول زيارة رسمية لسلطنة عُمان
وتعدّ زيارة نتنياهو إلى سلطنة عُمان الأولى لبلد عربي لا تربطه علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وأقام البلدان علاقات بعد اتفاقات أوسلو التي وقّعت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في العام 1993، حسب ما أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وفي عام 1994، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحق رابين السلطنة، وفي عام 1996 وقّع الجانبان اتفاقية لفتح مكاتب تمثيلية تجارية. وفي كانون الأول (أكتوبر) 2000، بعد أسابيع من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أغلقت عُمان هذه المكاتب.

السلطنة تطرح أفكاراً لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على التقارب لكنها لا تلعب دور الوسيط

ويروّج نتنياهو والإدارة الأمريكية، برئاسة دونالد ترامب، لفكرة أن تقاطعاً جديداً للمصالح بين إسرائيل وبعض الدول العربية، يمكن أن يقود إلى إعادة هيكلة دبلوماسية إقليمية، وفق “وكالة الأنباء الفرنسية”.
وتقيم إسرائيل حالياً علاقات دبلوماسية كاملة مع دولتين عربيتين فقط هما مصر والأردن.
وقد أفاد البيان الصادر عن مكتب نتنياهو، أول من أمس، أنّ السلطان قابوس وبنيامين نتنياهو “بحثا سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط وناقشا عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”. وشارك في الزيارة، كما ذكرت “وكالة الأنباء الفرنسية” كل من “رئيس الموساد يوسي كوهين ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات ومدير عام وزارة الخارجية يوفال روتيم ورئيس ديوان رئيس الوزراء يؤاف هوروفيتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء العميد أفي بلوت”.

تعدّ زيارة نتنياهو إلى سلطنة عُمان الأولى لبلد عربي لا تربطه علاقات دبلوماسية مع إسرائيل

وأكد البيان أنّ “زيارة نتنياهو لسلطنة عمان تشكل خطوة ملموسة في إطار تنفيذ سياسة رئيس الوزراء التي تسعى إلى تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة من خلال إبراز الخبرات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد”.
وفي مؤشر واضح إلى حساسية الزيارة، لم يتم الإعلان عنها مسبقاً ولم يُكشف عنها إلا بعد اختتامها، كما أشارت “إذاعة مونت كارلو”.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد زار سلطنة عمان مطلع الأسبوع الماضي، وسط تعثر كامل لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ونشر مكتب نتنياهو صوراً تُظهر رئيس الوزراء يستقبله السلطان وأخرى أثناء إشارتهما إلى خريطة.

 الزيارة تُظهر أن نهج نتنياهو الإقليمي يؤتي ثماره

الزيارة تُظهر أن نهج نتنياهو الإقليمي يؤتي ثماره

الموضوع الإيراني
ومنذ أيام سرت تكهنات بأنّ ثمة مبادرة للسلطان قابوس لكسر الجمود في المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية. ولكن المحللين، كما ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أمس، لم يستبعدوا أن يكون الموضوع الإيراني قد طرح أيضاً، علماً بأن سلطنة عُمان تحافظ على قنوات مفتوحة مع طهران.
وكانت سلطنة عُمان؛ وثيقة الصلة بطهران، استضافت محادثات علنية في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2014، بين الولايات المتحدة وإيران، وضمت، إلى جانب البلدين، منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وهي المحادثات التي أعقبت سلسلة حوارات سرية بين الجانبين؛ الأمريكي والإيراني.

نتنياهو يريد إيصال رسالة أيضاً لمحمود عباس بأنّ إسرائيل استطاعت إقامة علاقات مع الدول العربية

ونشر “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” تحليلاً حول زيارة نتنياهو أشار فيه إلى أنه بالنسبة لإسرائيل، فإن الزيارة تُظهر أن نهج نتنياهو الإقليمي يؤتي ثماره، الأمر الذي يمكن أن يُثْبت أنه مفيد داخلياً إذا أُجريت الانتخابات المقبلة في المستقبل القريب كما هو متوقع. كما تُبيّن الزيارة، وفق المعهد، دور مسقط كقناة خلفية محتملة مع إيران، ربما فيما يتعلق بسوريا.

اقرأ أيضاً: لماذا تصعّد حماس ضدّ عباس؟

إلى ذلك، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، إبراهيم أبراش، في حديث لقناة “فرانس 24” أمس إلى أنّ هذه الزيارة تأتي ضمن سياقين وأكثر، السياق الأول هو طبيعة السياسة العُمانية التي تتخذ مواقفها بواقعية وعقلانية برغم الاضطرابات الإقليمية. والسياق الثاني هو التحركات التي تجري في الفترة الأخيرة في إطار ما يسمى “صفقة القرن”، وفي سياق آخر وهو تطبيع سري ومتدرج بين دول عربية وإسرائيل. وربط أبراش بين زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، السلطنة سابقاً وزيارة نتنياهو، وذكر أنّ هناك دوراً يريد أن يلعبه السلطان قابوس من أجل إعادة المفاوضات مجدداً ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقد يكون الموضوع يتعلق بالملف الإيراني، ورغبة السلطان قابوس في أن يكون له دور في هذا المجال.

اقرأ أيضاً: سلطنة عُمان تواجه تحدياتها بإستراتيجية من شقين
أما القيادي في حركة “فتح”، محمد الحوراني، فقال “لفرانس 24”: ربما تكون هذه الزيارة على علاقة بـ “صفقة القرن” ولكن هذه التحركات تعطي قوة لليمين الإسرائيلي المتطرف، وهذا سيقنع الإسرائيليين بعدم أهمية وجود حل فلسطيني طالما استعدت دول العالم العربي لفتح علاقات جيدة مع إسرائيل.
دلالات التركيبة الأمنية للوفد الإسرائيلي
من جانبها، تطرقت مراسلة “فرانس 24” في فلسطين، ليلى عودة، للحديث عن التركيبة الأمنية للوفد الإسرائيلي، وأشارت إلى أنّ هذه التركيبة لا تهدف لعملية السلام؛ لأن عملية السلام هي عملية سياسية، وأضافت أنّ النقاش تجاوز الجانب الفلسطيني بدليل أنّ نتنياهو أشار في الخريطة إلى دول عدة كالسعودية وعُمان وإيران، وفق قول عودة، التي أكدت أنّ ملف إيران طُرح بقوة في زيارة نتنياهو وبشكل أكبر من ملف عملية السلام. وأضافت بأنّ “نتنياهو يريد إيصال رسالة أيضاً لمحمود عباس بأنّ إسرائيل استطاعت إقامة علاقات مع الدول العربية، وأن عباس سيصبح معزولاً طالما لم يأتِ إلى طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين”.

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here