أستاذُ المُحققينَ يُجسد نهج جدهِ الحسين في أثبات وحدانيةِ ربِ العالمين

البعد التوحيدي هو البعد الأساسي في العقيدة الإسلامية، وبما إنَّ التوحيد هو الركن الأساسي في إسلام الأنسان المسلم، فلا بد من معرفة التوحيد الإلهي من منبع التوحيد وأصل التوحيد وهو الرسول الأكرم -صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم- ومن بعدهِ أهل بيتهِ -عليهم السلام- فإنَّ الابتعاد عن النبع الصافي الذي تركه رسول الله -صلّى الله عليه وآله- لأمته وهم أهل بيته -عليهم السلام- الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا، قد ورث للناس دينًا وعقيدة بتراء عرجاء، لا تنتج غير الأبتر والأعرج، فأهل البيت -عليهم السلام- هم أهلُ الذكر الذين أشار القرآن إلى سؤالهم، وهم الصادقون الذين أُمِرنا أنْ نكون معهم، وهم الأبواب التي أُمرنا أنْ نأتي منها، وهم العروة الوثقى التي لا انفصام لها، وهم حبل الله المتين الذي أُمرنا بالاعتصام بهِ، وهم الراسخون في العلم الذين إذا سُئلوا أجابوا، ولم يقل أحد «سلوني قبل أنْ تفقدوني» غير علي -عليه السلام- بعد النبي -صلّى الله عليه وآله-، فوجب ارجاع المتشابه إليهم، والرجوع إليهم في كل ما نحتاجه من دين ودنيا، لأنّهم ثقل الكتاب ووعاته ومستحفظوه، وبذلك لم يكن خروج الإمام الحسين -عليه السلام- على الحكم الأموي المتمثل بحكم يزيد بن معاوية عبثًا، بل كان من أجل توحيد الله ومعرفتهِ حق المعرفة، فَبيَّنَ حقيقته وجوهره، وفَنَّد شُبَه المُلحدين وأوهامهم قائلاً:
“أيُّها النَّاس، اتقوا هؤلاء المارقة الذين يُشبِّهون الله بأنفسهم، يضاهون قول الذين كفروا من أهل الكتاب، بل هو الله ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير.
استخلص الوحدانية والجَبَروت، وأمضى المشيئة، والإرادة، والقدرة، والعلم بما هو كائن، لا منازع له في شيء من أمره، ولا كُفو له يعادِلُه، ولا ضِدّ له ينازعه، ولا سَمِيّ له يشابهه، ولا مثل له يشاركه. لا تتداوله الأمور، ولا تجري عليه الأحوال، ولا ينزل عليه الأحداث، ولا يقدر الواصفون كُنهَ عظمته، ولا يخطر على القلوب مَبلغ جبروته، لأنه ليس له في الأشياء عديل… ولا تدركه العلماء بألبابها، ولا أهل التفكير بتفكيرهم إلّا بالتحقيق، إيقانًا بالغيب لأنّه لا يوصف بشيء من صفات المخلوقين، فذلك الله لا سَمِيّ له، سبحانه ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير”.
و لما كان من الأثر الواضح في تلك الحقبة لحكامها من الأنغماس بالرذائل والعمل بالموبقات والابتعاد عن الدين الأسلامي والاعتراض على رسالة خاتم الرسل -صلى الله عليهِ آلهِ وسلم- فقد تجرأ يزيد بن معاوية على أصل التوحيد ومن جاءَ بهِ فقد قال “لعبت هاشم بالملك فلا ***ملكُ جاءَ ولا وحيُ نزل”، هذا والكثير ممن لا يسعه المقام لذكره في انحراف ذلك الحاكم، دعا تلك الشخصية الإسلامية إلى التصدي له والوقوف ضده لإعلاء كلمة الله فقد جادَ بنفسهِ من أجل توحيد الله عز وجل، وحتى يبقى ذلك الامتداد الرسالي في نفوس من أتبع نهجه، أمثال المحقق المرجع الديني السيد الصرخي الحسني الذي رفض الأفكار المنحرفة في تشبيه وتجسيم وضرب وحدانية الله المتمثل بفكر ابن تيمية وقد أطنب علماء هذا الخطّ المنحرف في الدفاع عن عقيدة التجسيم والرؤية دفاع المستميت، ضاربين في ذلك عرض الحائط بالعقل والمنطق والنصوص الصحيحة، التي لا تعترف بتشويه عقيدة التوحيد، وجعلها في مرتبة واحدة مع عقائد عبدة الأوثان، بل أدهى وأمرّ، لأنّه لو علم عبدة الأوثان حقيقة الخالق لما شبّهوه بمصنوعات أيديهم، كما لو علم هؤلاء الذين يدّعون بهتانًا وزورًا أنّهم أصحاب التوحيد الصحيح الخالي من الشرك. إنَّ الله لا تدركه الأوهام فضلًا عن الأبصار، ولا يستطيع أحد أنْ يحيط به علمًا، لما أقاموا على اعتقاد أنّه جسم ليس كالأجسام، وله وجه ليس كالوجوه، ويدان ليستا كالأيدي، وعينان ليستا كالأعين، إلى غير ذلك من الترّهات التي ما انزل الله بها من سلطان ممن أتبع النهج الأموي، فكانت وقفات المحقق الديني السيد الصرخي الحسني في محاضراته العلمية (وقفات مع… توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري) هي السيف البتار في ضرب الأفكار السقيمة لابن تيمية، بل كان لها الأثر الواضح في تثقيف العوام للتصدي وتعرية فكره اللاإسلامي، وفي معرفة الله حق المعرفة وأتباعه -عز وجل- من حيث أراد، لا من حيث من أتخذ الشيطان وليًا.
وللأطلاع أكثر يرجى الاستماع إلى المحاضرات التالية:https://goo.gl/4FmmmY
نزار الخزرجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here