قوّات عراقيّة تسيطر على مخافر داخل الأراضي السوريّة

بغداد/ وائل نعمة

عبرت قوات عراقية لأول مرة منذ ظهور داعش الى داخل الاراضي السورية وسيطرت على عشرات المخافر التابعة للجارة الغربية، بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ”قسد”.
وبعد الفراغ الذي تركه انسحاب “قسد” قبل أسبوع من الحدود الساخنة غرب الانبار، عزّز العراق وجوده العسكري هناك بقوات تجاوز عديدها الـ10 آلاف مقاتل تضم تشكيلات عسكرية متعددة من مقاتلي العشائر والحشد الشعبي، فيما بدأ طيران التحالف بتوجيه ضربات يومية ضد داعش داخل سوريا.
وتشير معلومات وردت الى (المدى) من مصادر أمنية، أن خشية القوات العراقية من عودة داعش الى الانبار بعد ترك قوات سوريا الديمقراطية مواقعها، دفعها للدخول الى الاراضي السورية والسيطرة على المخافر.
وتؤكد المصادر التي طلبت عدم ذكر هويتها لحساسية المعلومات ان “القوات العراقية سيطرت على 30 مخفرا داخل الاراضي السورية”. وقالت المصادر ان تلك المخافر تبعد 50 مترا عن الحدود العراقية، محصنة بشكل كامل ومحاطة بالكونكريت.
واستعاد داعش الاسبوع الماضي سيطرته على 20 قرية في دير الزور القريبة من الحدود العراقية بعد معارك عنيفة مع القوات السورية المدعومة من الولايات المتحدة، أسفرت عن مقتل 70 قتيلا وإصابة 200 من “قسد”.

7 ألوية عسكريّة على الحدود
وبحسب مقاتلين من عشائر غرب الانبار يمكن رؤية مسلحي داعش في الجانب السوري بالعين المجردة.
وتفيد مصادر التحالف الدولي بانه ما زال هناك 2000 مسلح لداعش في منطقة هجين، آخر معاقل التنظيم في محافظة دير الزور السورية، التي تضم البو كمال التي تبعد عن الحدود العراقية أقل من 4 كم.
وعززت القوات العراقية الجمعة الماضية مواقعها على الحدود مع سوريا بعد يومين على إعلان قوات سوريا الديمقراطية وقفاً مؤقتاً لعملياتها ضد تنظيم داعش في الجهة المقابلة من الحدود.
وقالت المصادر الامنية إن “7 ألوية” تابعة للجيش وحرس الحدود والحشود العشائرية والشعبية متواجدة الآن على الشريط الحدودي مع سوريا. وقدرت المصادر عدد القوات بنحو 11 الف مقاتل، معززين بمعدات وآليات عسكرية حديثة، فيما مدت الاسلاك الشائكة ونصبت كاميرات حرارية.
وقال أحمد المحلاوي قائممقام القائم، المحاذية للحدود مع سوريا في اتصال هاتفي مع (المدى) امس ان “هناك مظلة جوية من طيراني العراق والتحالف الدولي”. وأكد ان هناك غارات يومية في العمق السوري ضد مواقع المسلحين.
وأعلنت بغداد ودمشق منتصف تشرين الأول الماضي أن معبر البوكمال، المقابل لـ”القائم”، سيعاد افتتاحه قريباً.
وحاول داعش عقب إعادة الانتشار في مناطق شمال نهر الفرات في الاراضي السورية، عدة مرات دخول الاراضي العراقية. وكانت القائم قبل تحريرها العام الماضي، تضم نحو 8 آلاف مسلح أغلبهم من العراقيين الذين فروا بعد ذلك الى سوريا.
وقال رئيس جهاز الأمن الوطني قاسم الأعرجي، الاسبوع الماضي، إن انسحاب قوات سوريا الديمقراطية وانتشار عناصر داعش بدلاً منها في مناطق على الحدود العراقية “يحمل إشارات استفهام”.
وقال الأعرجي، الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية سابقاً، في بيان، إن “انسحاب قوات سوريا الديمقراطية وإعادة انتشار مجاميع داعش الإرهابي بدلاً منها أمر يحمل أكثر من علامة استفهام”.
ودعا الأعرجي القوات الأمنية إلى ضرورة “أخذ الحيطة والحذر”، مشدداً على “ضرورة الاستعداد الدائم”.
وأعلن رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، الاسبوع الماضي، أن نشاط تنظيم داعش في سوريا يشكل خطراً على الأراضي العراقية.

العراق على حافة التورُّط بالأزمة السوريّة
ويواجه رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي مهمة شاقة تتمثل في إعادة إعمار أجزاء كبيرة من البلاد بعد حرب مدمرة ضد داعش استمرت 3 سنوات.
وكان من المتوقع في البداية أن يرشح عبد المهدي قائمة كاملة للحكومة التي تضم 22 وزيرا بما في ذلك حقيبتا الداخلية والدفاع، لكن كتلة سائرون المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعترضت على ترشيح بعض الاسماء مما ترك تلك الوزارات شاغرة.
وتلمح بعض الاطراف السياسية الى انه قد يصدر عبد المهدي قراراً باقتحام القوات العراقية منطقة دير الزور نظراً لحجم التعزيزات التي وصلت الى الشريط الحدودي، لسد الطريق أمام أي محاولة لعودة التنظيم الى البلاد، وهو أمر قد ينسف مشروع رئيس الوزراء الذي بدأ للتو.
وتشير المصادر الامنية العليمة الى انه لم تصدر حتى الآن تعليمات بالتحرك أكثر من “المخافر السورية” التي سيطرت عليها القوات العراقية مؤخراً.
وقالت تلك المصادر ان الاوضاع على الارض تغيرت فقد أصبحت للعراق حدود ملتهبة بعد ان كانت قبل أسبوع تمثل دولة صديقة، لكن القرار العراقي مازال حتى الآن هو إمساك المواقع الحدودية فقط.
من جهته يقول عيد عماش الكربولي، وهو عضو في مجلس محافظة الانبار وتقطن عشيرته المناطق الحدودية في اتصال مع (المدى) امس ان “اقتحام العراق للمناطق السورية المحتلة من داعش يحتاج الى موافقة الجانب السوري”.
ويبين المسؤول المحلي ان خطرا كبيرا سيواجه القوات العراقية ،لأنه سيتحتم عليها القتال المباشر مع التنظيم المتطرف حيث لا توجد أي قوات سوريّة رسمية في مناطق شمال الفرات.
وتدفع التهديدات المتكررة القادمة من الحدود مع سوريا، الى أن يتردد نحو 60 ألف شخص بالعودة الى منازلهم في مدينة القائم الحدودية، فضلا عن غياب الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل.
ويقول قائممقام القضاء ان “هناك 150 داراً مدمرة بالكامل بسبب العمليات العسكرية واحتلال داعش للمدينة، ولاتوجد أموال حتى الآن لإعادة إعمارها”. بالمقابل استطاعت منظمات دولية مساعدة المدنيين في إعادة ترميم 1600 دار كانت قد تضررت بشكل جزئي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here