يقال تمخض الجبل فولد فارا

فرات المحسن

ولكن في العراق السياسي ومنذ عقود لم يكن هناك جبلا أصلا ولم يلد حتى السفاح.

بعد حفل انتخابات وضجيج عن تزوير، استقر رأي فطاحل الساسة على اختيار رجل دولة يقال أنه من طراز فريد وجديد، أي يختلف عن سابقيه بالرغم من فشله في ثلاثة تجارب استوزر فيها وخيب الظنون لا بل أخل بوظيفته.

أجتمع السياسيون للبحث في رميمهم عن الذي يمسك لهم خيط السلطة ويكون الحارس الجديد للتغطية على ما يقترفونه من موبقات.

فاختاروا السيد عادل عبد المهدي، ومن أين لهم غيره، ليخترع لهم، مثلما يقول الناس في العراق فيكه جديدة،لا سابق عهد بها، ولم تستخدم حتى في أكثر وأعظم بلدان الديمقراطيات،وهي الترشيح عبر بوابة البريد الالكتروني.

وراحت الناس مصدقة ما بين أيديها ومن خلفها، فالرجل مؤمن وسيد بن رسول الله كما يدعي، وأيضا حسب دائرة نفوس قضاء الشطرة في لواء المنتفك، وسبق له إن عاف المسؤوليات السلطوية برغبة جامحة ونقاء سريرة وزهد لا ريب فيه !!!؟؟؟؟.

واحتشد المؤيدون في كتلة سائرون والبناء والحوار والكرد وقدموا خرائط طرق وبناء لكابينة أبو العوادل. وبدوره لم يكذب خبرا فرفع معهم شعار لا شرقية ولا غربية أمه أمه إسلامية.

لم يمتد الزمن بعادل عبد المهدي طويلا ليقدم كابينته التي فاحت منها رائحة العفن قبل أن تصل البرلمان.

يقال والعهدة على الرواة وأصحاب الحديث، بان فكرة النافذة الالكترونية جاءت وفق رؤية إستراتيجية،وهي من وحي جماعة الرفيق عزة الدوري أو الرفيق يونس الأحمد،نقلت إلى عادل عبد المهدي عبر بوابة كردستان، لتكون مفتاحا لولوج من يرتئيهم حزب البعث مناسبين للدخول في العملية السياسية، وعودتهم سوف تكون مشفوعة بإمرة السيد رئيس الوزراء الجديد، بعدها يكون نشاط حزب البعث رسميا ودون اعتراضات وهزي تمر يا نخلة. وحدث كل ذلك بشكل سلس وشفاف وبإسناد من جبهة عريضة من محبي ومريدي حزب البعث داخل جميع الكتل البرلمانية .

فأختار أبو العوادل ما أوحي له من شخصيات ومثلما يدعي أنهم أتوا حسب خيار الفيكه الجديدة، ليطرحهم وسط ترحيب سائرون والبناء والحوار والجبهة الكردستانية،فهم أبناء الخؤولة والعمومة من الذين قدمهم له حزب البعث تحت مسمى النطيحة والمتردية والموقوذة والمنخنقة، أي الذين استثنتهم المحاكم من الاجتثاث أو شراكة النهب.

ولكن الغريب إن تحت ثياب تلك المترديات يختبئ مثلما تربى عليه البعث،الذئاب والضباع.

فوزير الاتصالات نعيم ثجيل يسر خربيط عضو فرقة في حزب البعث واستثني من الاجتثاث عام 2005 . ولنقاء سريرته وتركه لحزب البعث لذا مرر اختياره للوزارة بأصوات الغالبية وبأريحية تامة.

ووزير الخارجية من آل الحكيم سبق أن أمتنع عن مصاحبة الازيدية نادية مراد كونها من أهل الذمة حسب ما أخبر أقرانه ومريديه.وهو حبيب السيد الجعفري، ومن أحبه الجعفري فقد تجعفر.

ولم يعن للسيد عادل عبد المهدي وفي أصعب الظروف وأشدها حلكة أن رفض للسيد مسعود البرزاني طلبا ولهذا لم يجد عادل مناصا من وضع وزارة المالية بيد مدير مكتب السيد البرزاني المدعو فؤاد حسين الذي رشح نكاية بجميع من كان يرفض وجوده على رأس سلطة العراق. وقد وجد البرزاني في ذلك فرصة لضرب عصفورين بحجر واحد، ألأول لوي ذراع من تحداه بشخص فؤاد حسين، والثاني أرضاء شخصي لفؤاد بجعله الحصان الكردي الأسود داخل سباق السلطة الاتحادية.عندها ستكون بيده خزانة العراق ويرئسه شخص ضعيف لا يملك ما يمكنه الامتناع عن تنفيذ ما يطلبه السيد مسعود البرزاني، فقد سبق للسيد عادل أن تعامل مع السيد مسعود بكامل الأريحية ووهبه ما لا يملكك وسوف يعيد الكرة بأريحية أيضا.

أما وزير الشباب فحدث ولا حرج فلحيته تنبؤك عن تاريخه، فالرجل سبق وأن تكربل في الصليب الأحمر العراقي، ثم اسلم على سنة القاعدة ورسولها أبو مصعب الزرقاوي وركب هودج الطائفية لتنتقل سبحة اليسر من شماله إلى يمينه، فسبحان الله الخالق القادر وسبحان النافذة الالكترونية العادلية المهدوية، وهم الشباب ولهم الغد.

أما وزير الأعمار والإسكان الكردي بنكين عبد الله ريكان وهو مرشح السيد مسعود البرزاني، فسبق أن كان صديقا لعدي وشريكه ايضا، وخلال ذلك العهد ترأس الاتحاد الوطني البعثي في دهوك، و المهم في الآمر أنه صهر طارق كافي فليح عضو القيادة القطرية لحزب البعث وهذه هي الغاية والمرتجى، وقد فك اختناقه عام 2005 ،واليوم يوضع مثل منشار في الوزارة الاتحادية.

وفي لمحة ربانية وتنظير حضاري اختير لوزارة العدل، هذه الوزارة الحساسة التي ترتبط في هذا الظرف الملتبس والشائك بوزارة الداخلية والقضاء العراقي.أختار لها أسماء صادق وهي موظفة من الدرجة السابعة ومن مواليد 83 وتحمل درجة البكالوريوس ولا تملك غير خبرة الموافقة على ما تؤمر به،لتكون في وزارتها ممثلا للمكون المسيحي، وتوافقا مع رغبة أخيها قائد حركة بابليون في الحشد الشعبي المسيحي ريان الكلداني. وليفرح الهاشمي وعلي حاتم بقدومها، وهذا نصيب العراق من حصة النافذة الالكترونية مثلما أدعى السيد أبو العوادل.

وليس لوزارة الدفاع غير خيار من كان قائد سرب طائرات الهليكوبتر للدكتاتور صدام .ليقود الجيش العراقي إلى النصر الناجز والمؤزر على أعداء الآمة العربية المجيدة.

وبات من المؤكد بأن وزارة الداخلية لن تفلت من أنياب الرفيق الفياض صاحب التاريخ النضالي الرصين والنقي والخالي من الشوائب، فهو لها منذ ولدته أمه ولا راد لأمر الله، وهذا ما جاء ودون في اللوح المسطور وحسب ما رغبت به مرجعية ولاية الفقيه الشيعية وخيار المجرب لا يجرب .

ووفق شروط المحاصصة جاء خيار عادل عبد المهدي لوزارة الثقافة أهانه كاملة وكبيرة لحضارة ووعي الإنسان العراقي. فقدمت الوزارة وعلى طبق من ذهب لأحد رجالات الحشد الشعبي، حسن كزار الربيعي الذي ليس له لا بالعير ولا بالنفير ما يتعلق بالثقافة والمعرفة والحضارة، وكل ما يملكه من ذخيرة ثقافية هي خبرة انتمائه لعصائب أهل الحق، لترمى الوزارة مثلما أعتاد عليه قادة المرحلة منذ عام 2003، على من لا علاقة له بطبيعة انشغالاتها، وربما تعب رجال السلطة من كثرة المناوشات فقرروا أن تصبح مسجدا جديدا ليس إلا، يضاف إلى المساجد الفارغة التي تقاسمت مدن العراق وقراه.

وإن دققنا وبحوشنا جيدا بمجموع من جاء عبر نافذة عادل عبد المهدي، لوجدنا غير هؤلاء من بعثي فترة اللقاح والمزاوجة عن طريق المتعة بين الماضي والحاضر.

كل هؤلاء الضباع كانوا سعاة خير أتى بهم عادل عبد المهدي عبر نافذته الالكترونية ووضعهم بين يدي من يحرص على استتاب الأمن والسلم الاجتماعي، ومن يجهد ويقاتل لغرض الإصلاح. وقبل كل هذا وذاك إن يقصم ظهر المحاصصة حسب ما ثبرونا بضجيجهم وتهديداتهم المستمرة، وهم كاذبون. وجاءت الكابينة الوزارية بمؤازرة الجميع بمن فيهم من تشدق بكل تلك الثرثرة الرخيصة التي صدعت رؤوسنا وأدعى فيها حرصه على حياة حرة كريمة للشعب العراقي وروج لأمل في تغيير.

كل تلك الخيارات التعيسة والبائسة التي أقدم عليها عادل عبد المهدي ورهطه من رجال الطبقة الحاكمة وأيضا البعض من توابعهم، رجال سياسة كانوا أم رجال دين، تذهب للقول لا بل تجزم إن ليس هناك كفاءات ورجال علم وتكنوقراط في طول العراق وعرضه،ويختصر جل الآمر بينهم كشلل وبين من يختارونه، عندها لن يقع الخيار على غير من هو شبيه لهم في الخلقة والأخلاق والفكر ولن يحيدوا يوما عن مثل ذلك.

عادل عبد المهدي ومن قدم له المؤازرة والتأييد.. لقد قصمتم ظهر العراق بثقل ونتانة كابينتكم الوزارية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here