للإسلام اسم واحد ما له ثان

الإسلام هو دين الله الوحيد .. الذي أنزله على كل الرسل بلا استثناء .. وطالبهم .. وطلب منهم دعوة الناس إليه ..
لأنه بكل بساطة .. وبكل منطقية .. وبكل عقلية واعية .. ومتفتحة ..
يدرك الإنسان الطبيعي .. العاقل .. بسرعة .. وبسهولة بالغة .. أن الإسلام لغويا ..
هو عبارة عن مصدر لفعل أسلم .. الذي يعني خضع .. واستسلم لله تعالى ..
ولذلك ..
أراد الله تعالى من عباده .. الاستسلام .. والخضوع .. والرضوخ .. والانقياد التام له تعالى شأنه ..
وهذا هو الهدف الرئيسي .. والأساسي .. لخلق المخلوقات كلها ..
وقد أعلن الرسل والأنبياء كلهم أجمعين .. دينونتهم لله تعالى .. وإسلامهم .. واستسلامهم له ..
ودعوا قومهم لعبادته وحده ..
فكانوا كلهم يقولون لقومهم : جملة واحدة لا غير ..
( ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُ ) ..
ووصى إبراهيم .. وإسرائيل بنيهما بأن يكونوا مسلمين ..
( وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِ‍ۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ..
إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ) ..
ونفى الله تعالى عن إبراهيم أن يكون يهوديا أو نصرانيا .. مؤكدا أنه مسلم فقط ..
( مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ) ..
وقد جعل الله الملائكة .. والجمادات .. والحيوانات خاضعة له آليا .. بدون اختيار ..
( وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا ) ..
وأعطى الجن والإنس فقط – وهما الوحيدان من جميع المخلوقات – حرية الاختيار ..
( فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ )..
وأعلن سبحانه وتعالى .. أن الهدف الأساسي .. والرئيسي من خلقهما :
هو عبادة الله فقط ..
(وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ) ..
وهذا هو الشيء الطبيعي .. والمنطقي ..
طالما أنه هو الخالق .. الرازق .. المتكرم .. والمتفضل على عباده .. فمن حقه عليهم .. أن يعبدوه وحده لا شريك له ..
وأن يشكروه .. ويحمدوه في كل لحظة .. بل وفي كل ثانية ..
إذ لولاه .. لما كان لهم وجود .. ولما أكلوا لقمة طعام .. أو شربوا شربة ماء .. أو تنفسوا نسمة هواء ..
والعبادة العقلانية .. والمنطقية الصحيحة التي يريدها الله من عباده .. ليست هي مجرد طقوس .. وحركات تُمارس في ساعات من الليل والنهار .. وفي أماكن محددة .. أو الطرب .. والاستمتاع بالأغاني – التي تُسمى زورا وبهتانا – مدائح نبوية !!!..
ثم يخرجون منها ليعبدوا آلهة أخرى .. في التشريع .. والتنظيم .. والإدارة زاعمين أنهم أعلم بشؤون دنياهم من الخالق الذي صورهم وصنعهم !!!
إن العبادة الحقيقية .. والعقلانية .. والمنطقية التي يريدها الله من عباده .. والتي لأجلها أرسل الرسل ولأجلها تحمل الرسل .. العنت .. والعذاب .. والقتل من قومهم ..
هي طاعة الله في كل ما أمر .. والإنتهاء عما نهى عنه وزجر ..
( فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ ) ..
( بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ) ..
فالخادم .. أو الموظف .. أو العامل إذا أراد أن يكون مُعززا .. ومُكرما عند سيده أو مديره .. لا يتجرأ على معصيته أو مخالفته في أمر من الأمور .. أو أن يطيعه في بعض الأمور .. ويعصيه في أمور أخرى !!!
وكذلك العبد ..
واجب عليه وجوبا مؤكدا .. أن يطيع مولاه وخالقه .. في كل شيء من أمور حياته الدنيوية .. السياسية .. والإدارية والتنظيمية .. والاقتصادية .. والاجتماعية .. والفنية .. والتعليمية .. والعسكرية وسواها ..
فالإسلام جاء ليحكم .. ويهيمن .. ويسيطر على الحياة كلها .. من صغيرها إلى كبيرها .. من علاقات الفرد مع نفسه .. ومع ربه .. إلى علاقاته مع زوجته وأولاده .. ثم علاقاته مع جيرانه .. ثم مع المجتمع بأكمله .. ومع الحاكم .. والدولة ..
والإسلام الذي اختاره الله لنا .. هو إسلام واحد .. ومجرد من أي صفة مضافة له ..
وليس هو إسلامان .. أو ثلاثة .. أو أكثر .. أو له صفات .. ونعوت عديدة !!!
وهذا قول الله تعالى :
( إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ ) ..
( وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ ) ..
( ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ ) ..
هذه الآيات الثلاث تؤكد بشكل قطعي ويقيني .. أن دين الله هو الإسلام .. وهو الوحيد المقبول عند الله .. وهو كامل لا يحتاج أي إضافة .. وقد ارتضاه لنا دينا ..
فما ينبغي لأي شخص أيا كان مركزه .. أو علمه .. أن يضيف أي وصف للإسلام من عقله الصغير .. أو هواه ..
مثلا أن يقول : الإسلام الوسطي .. أو الإسلام المعتدل .. أو الإسلام المتطرف .. أو الإسلام السياسي .. أو الإسلام الجهادي .. أو الإسلام الحركي إلخ ..
إن من يضيف أي صفة للإسلام .. إنما يفتري على الله الكذب .. أولا ..
( إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ ) ..
( إِنَّمَا يَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ ) ..
وثانيا : هو يتهم الله بالجهالة – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا – ..
كأنه يقول : ما كان الله يدري أنه سيأتي زمن فيه تطرف .. وغلو .. وسياسة .. وجهاد إلخ .. فنسي أن يضيف إلى الإسلام .. وصفا يناسب هذا العصر !!!
وثالثا : إنه يستسخر من الله وآياته .. ويستهزئ به !!!
وهذا منكر من القول !!!
بل هذا أشنع وأفظع من الشرك ..
ورابعا : أحدث أمرا بدعيا .. ما أنزل الله به من سلطان .. وعصى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم .. الذي ينهى عن ذلك أشد النهي ..
(عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ) .. حديث صحيح ..
الإسلام له اسم واحد فقط .. لا إضافة .. ولا نعت له ..
ولا يتجزأ .. ولا يُقسم إلى أنواع وأجزاء .. وإنما هو كل كامل متكامل .. وهو نظام .. ومنهج للحياة بكافة فروعها وأقسامها ..
فالسياسة تساوي الصلاة ..
والجهاد يساوي الحج ..
وهكذا كل ما في الحياة .. من فروع .. وأقسام .. فالإسلام له بصمة فيها .. ولديه الحل .. ولديه القانون .. والتشريع ..
الأربعاء 29 صفر 1440
7 ت2 2018
د. موفق السباعي
مفكر ومحلل سياسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here