الأنتقام من الدول المجاورة

البداية كانت هناك في العراق عندما اطاحت القوات الأمريكية بالنظام السابق و احتلت البلاد و من ضمن من جلبتهم معها الى العراق كان ثلة من الأشخاص تعول عليهم ( ايران ) كثيرآ و كانت في ذلك على حق في احداث شرخ في المجتمع العراقي من خلال فتنة طائفية مفتعلة عندما صور هؤلاء الشخاص القادمين من تحت عباءة الولي الفقيه ان ازمات و مشاكل العراق في الحكم السابق انما هي نتاج للنظام ( الطائفي السني ) و من هنا كانت حربه ضد ايران ( الشيعية ) كما يدعون لكنهم و في خضم الأستعدادات تلك في بدء الحرب الأهلية الطائفية نسوا او تناسوا ان ( صدام حسين ) قد احتل دولة الكويت ( السنية ) و هدد المملكة السعودية ( السنية ) بالأجتياح .

كان المخطط الأيراني يهدف الى تقسيم العراق و من تلك الأقسام يكون القسم الشيعي في محافظات العراق الوسطى و الجنوبية الغنية بالثروات النفطية و المراقد الدينية من حصة ايران و لكن ليس من خلال الحكم المباشر المفضوح انما من خلال حكومة من أولئك المخلصين للولي الفقيه من ( العراقيين ) و تكون تلك الدولة المحاذية للخليج العربي و دوله و نقطة الأرتكاز في أي هجوم ايراني محتمل على تلك الدول الا ان الحرب الأهلية السورية و الظروف الدولية الأخرى أجل المشروع الأيراني التقسيمي حيث كانت الحكومة الأيرانية في حاجة ماسة الى طريق بري يوصل المساعدات العسكرية و المدنية الى الحليف السوري و ذلك الطريق الأسترتيجي المهم الذي يمر حتمآ بالمحافظة ( السنية ) العراقية و هي الأنبار .

امام الأصرار العراقي القوي على التعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب العراقي القومية و الدينية و الطائفية و انكشاف المخطط الأيراني التقسيمي في العراق تم وأد ذلك المشروع و لكن و كما يبدو ليس الى الأبد انما مؤقتآ ريثما تنتهي تلك الحروب التي يدور اوارها في سوريا و في اليمن و ما ان ينجلي غبار تلك الحروب حتى تتضح الأمور و تبان الرؤية و تتبلور معالم الهلال الأيراني و ليس الشيعي كما يروج له الأعلام العالمي المتآمر فهذه المؤامرة التي حيكت و صنعت بغية تفكيك دول و تقسيمها و جعل من تلك الدولة القوية الموحدة دولآ صغيرة طائفية متناحرة .

على الرغم من الأندفاع الأسرائيلي في اتجاه تطبيع العلاقات مع الدول العربية و التي كانت له نتائج ايجابية و ان كانت بطيئة و خجولة الا انها كانت مرضية لولا الموقف السوري المعاند الرسمي و الشعبي من مسألة العلاقة مع أسرائيل او حتى مجرد التفكير بها يعد جريمة نكراء فكان لابد من كسر هذه العقبة الكداء التي تقف صلبة و قوية امام الطموح الأسرائيلي في الأندماج مع دول المنطقة ان اندلعت الحرب الأهلية في سوريا و كان الدور الأسرائيلي فيها مؤثرآ و فاعلآ في دعم العديد من الفصائل المسلحة المعادية للنظام السوري و ذلك من خلال الدعم العسكري و المادي و فتح المستشفيات الأسرائيلية امام الجرحى من تلك الفصائل للعلاج فيها و كان للحكام الأسرائيليين طموح واضح في تحطيم الدولة السورية و تفكيكها و النيل منها و هي التي كانت دومآ تقف بالمرصاد للتطلعات الأسرائيلية التوسعية و العدوانية و شوكة صلبة في اعين قادتها .

كانت اليمن و على الرغم من الفقر الأقتصادي و العوز المادي الا ان هذا البلد كان يشكل هاجسآ مقلقآ للسعودية و ذلك للعلاقات المتوترة و الغير ودية بين البلدين و خاصة بعد الأطاحة بالنظام الأمامي في اليمن و قيام الجمهورية في الستينييات من القرن الماضي و العلاقة بينهما ليست في احسن احوالها فكان لابد من حرب مدمرة طويلة و منهكة فكانت الحرب الدائرة هناك والتي تفتك بالالاف من ابناء الشعب اليمني جوعآ و مرضآ و هذه الحرب الشرسة بين ابناء الشعب الواحد جعلت من اليمن دولة ضعيفة و غير مؤثرة و بالتالي خروجه من دائرة التهديد المحتمل للسعودية .

هذه الدول الثلاث صارت دولا ضعيفة مفككة فكان العراق اول تلك الدول التي كانت ايران قد نالت منه من خلال فرض الموالين لها على الحكم و هم ينفذون أوامرها و تعليمات ( الولي الفقية ) حتى صارت علاقات هذا البلد مع الدول الأخرى وفق ما تكون عليه علاقات ايران مع تلك الدول ودآ او عداءآ اما سوريا فقد رحبت تركيا و اسرائيل بالحرب الأهلية و التي تدور فيها بين المعارضة المسلحة و الجيش الحكومي و مدتهما بكل الأمكانيات التي تدعم استمرارية تلك الحرب و ديمومتها و خرج هذا البلد ايضآ من دائرة التهديد الذي كانت أسرائيل تخشاه و حتى تركيا و بات يلملم جراحه و بناه المهدمة و شعبه المهاجر و النازح اما اليمن فكانت كذلك الحرب الأهلية الدموية فيه ان تدخلت السعودية الى جانب احد الأطراف و بشكل عسكري مباشر و تقاتل ابتاء البلد فيما بينهم و دمرت مدنهم و قراهم و تهدمت بيوتهم و فتكت بهم الأوبئة و الأمراض و شح الغذاء و نقص الدواء هذه النماذج من الدول التي وقعت ضحية روح الأنتقام و الحقد الشريرة التي خيمت على النفوس و اعمت البصائر و دفعت شعوب تلك الدول الثمن فادحآ من دماء ابناءها و اموال ثرواتها و صروح بناها و مازال النزيف يتدفق .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here