بيع قطعة آثار آشورية في أميركا تشجع على سرقة آثار في العراق

 ترجمة/ حامد أحمد 

رفع مزاد أجري في متجر كرستي للانتيكات في نيويورك الأسبوع الماضي سعر جدارية مجسمة آشورية عمرها 3000 آلاف عام من 7 ملايين دولار الى أكثر من 28 مليون دولار ، مسجلا بذلك رقماً قياسياً عالمياً لاعلى سعر تباع فيه لوحة اثرية آشورية لما قبل الميلاد ، مثيرة بذلك مخاوف بين أوساط علماء آثار من أن تؤدي مثل هكذا أثمان عالية الى تحفيز السوق تجاه قطع أثرية منهوبة فضلاً عن قطع أخرى تم الحصول عليها بشكل شرعي.

الجدارية الحجرية المجسمة البالغ ارتفاعها 7 أقدام لاحد أركان قصر الملك نمرود في العراق كان قد حصل عليها خلال القرن التاسع عشر ، قبل فترة طويلة من أن تكون هناك قوانين تمنع إزالة كنوز أثرية بأكملها وتصديرها
وصف متجر كرستي للمزاد الجدارية على انها ” افضل نموذج لفن آشوري لم يظهر له شبيه في السوق منذ عقود.”
كان من المتوقع أن يصل السعر لأعلى مستوى كما وصل له المزاد بالفعل وذلك لسبب معين وهو أن القطعة الأثرية ، التي تم جلبها لولاية فرجينيا في العام 1860 والتي تعتبر من أقدم القطع المعروفة للفن القديم جلبت للولايات المتحدة ، تتميز بتقاطيع وملامح فنية واضحة.
المجسم الجبسي الطولي الذي يمثل الحفاظ على الخصوبة والحمية هو من بين مئات مجسمات منقوشة اخرى استخرجت من قصر نمرود في الموصل في حقبة العام 1800 . وهي موزعة الآن ما بين متاحف ومعاهد تمتد من مدينة كنساس الى أوهايو وكيوتو.
ولكن قطع قليلة فقط من آثار نمرود معروضة الآن في المتاحف العراقية ، وما تبقى من الموقع قد تم تحطيمه وسرقته من قبل تنظيم داعش بعد اجتياحه لمناطق شمالي العراق قبل أربعة سنوات.
داعش أقدم على تدمير مواقع أثرية ما قبل الإسلام بحجة انها أوثان ، ولكن يعتقد إنه هرّب هذه القطع الاثرية للبيع في السوق السوداء لتمويل عملياته.
قسم من الخبراء حذروا من أن عملية البيع التي تمت الاسبوع الماضي بعدة ملايين من الدولارات في مزاد كرستي قد تؤدي لعمليات سرقة مماثلة لهذه القطع الاثرية.
ماغواير جبسون ، بروفيسور علوم آثار حضارة وادي الرافدين في جامعة شيكاغو ، يقول ” هذه الصفقة ستحفز لعمليات نهب جديدة بسبب ارتفاع اسعار القطع الأثرية . بالاضافة الى القطع الاثرية التي تم تدميرها في موقع نمرود ، أنا واثق أن جزءاً منها قد تم تهريبه وهي الآن معروضة في السوق العالمية … هذا المزاد سيجعل من سعر جميع آثار بلاد الرافدين يرتفع كثيرا .”W
جبسون يقول إن أجزاء من قطع أثرية مكسورة اخذت من قصور آشورية ، برفقة ألواح طينية وأختام اسطوانية مسمارية، تعرض الآن بكثرة في السوق مصحوبة بوثائق مزورة تظهر فيها بلد المنشأ
وأضاف قائلاً ” هناك أجزاء من قطع مكسورة أثرية سرقت من تلك المواقع الأثرية منذ أكثر من 10 سنوات.”
بدأ السعر في مزاد كرستي في نيويورك عند 7 ملايين دولار ثم ما لبث أن ارتفع بعد خمسة دقائق الى أكثر من 28 مليون دولار تولى عملية المزايدة من قبل شخص في القاعة بالنيابة عن مشتري مجهول . تسديد البائع المبلغ كليا لكرستي عزز المبلغ الكلي مع الضرائب ليصل الى 31 مليون دولار تقريباً
بائع الجدارية المجسمة هو المستكشف الاميركي ، الدكتور هنري بايرون ، كان من بعثة استكشافات في فرجينيا حصل على ثلاث مجسمات من قصر نمرود وذلك في العام 1860
الملك الآشوري ، آشوربانيبال الثاني ، حكم في حقبة القرن التاسع قبل الميلاد . والقصر الذي بناه في نمرود يعد من أكبر المواقع الأثرية ويرمز ذلك الى هيمنته على منطقة الشرق الأدنى القديم.
النص المنقوش بالاحرف السومرية على الجدارية تشير له على انه ملك شديد المراس وبطل عديم الرحمة ولقب بكنية ” ملك الملوك.”
الحكومة العراقية كانت قد ناشدت متجر كرستي بأيقاف عملية البيع مؤكدة بان الجدارية المجسمة هي جزء من التراث العراقي وملك للشعب العراقي.
رئيس متجر كرستي للانتيكات ، جي ماكس بيرنهيمر ، قال لموقع ، أن بي آر ، الاخباري عن طريق الايميل بان ادارة المزاد قد ردت على طلب الحكومة بايقاف البيع بشكل كامل مع تزويدها بوثائق بان القطعة الأثرية قد تم جلبها للولايات المتحدة بشكل شرعي.
انتقال هذه القطعة الأثرية خارج العراق خلال العهد العثماني تبين مدى حرية الاتجار بالقطع الآثارية خلال القرن التاسع عشر ، عندما سمح السلطان العثماني لعالم الاثار البريطاني ، اوستن هنري ليارد ، التنقيب في موقع نمرود وشحن ما يعثر عليه لشركائه وأصدقائه.
عالمة الآثار العراقية ، لمياء الجيلاني ، المقيمة في لندن تقول ” إن عالم الاثار البريطاني ليارد ، أهدى كثيراً من القطع الأثرية لأشخاص آخرين . لم يكن هناك قانون . لقد سمح له بان باخذ هذه الآثار والتصرف بها كيفما شاء . إنها الطريقة التي كان يتبعها في تمويل حملاته التنقيبية.”
جدارية مجسمة أخرى من آثار نمرود انتهت عند حائط محل بيع اطعمة سريعة في كلية ، دوريست ، في انكلترا . وقد بيعت في مزاد كرستي بلندن عام 1994 مقابل 7,7 مليون جنيه استرليني وهي الآن معروضة في متحف باليابان.
لحد نهاية القرن التاسع عشر فقط أقدم العثمانيون على وضع قانون يعنى بالقطع الأثرية مطالبين بموجبه ارسال ما يعثر عليه من آثار الى اسطنبول للحصول على موافقة للتصدير . ودخل أول قانون عراقي يخص الآثار حيز التنفيذ في العام 1924
التعليمات المرفقة بالقطعة الأثرية الآشورية التي بيعت في مزاد كرستي أشارت الى ان السلطان العثماني الذي كان يحكم لقد انتهى بها الحال في فرجينيا بالولايات المتحدة عام 1860
وقالت عالمة الآثار العراقية ، الجيلاني ” لا اعتقد أن هناك فرصة اخرى يمكن فيها استعادة القطعة الاثرية . ولكن يتوجب على الحكومة العراقية على الاقل ان لا تقبل بذريعة مزاد كرستي وأن تعبر عن شيء من الاهتمام بخصوص هذا الموضوع.”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here