العراق .. الى أين ؟.

لم يغب عن بالالعراقيين وممن حرموا من رؤية وطنهم لسنوات طويلة ومضنية من بطش الدكتاتورية , صورة ومكانة وطنهم , كما كان مرسوماً في ذاكرتهم , ولم يفكوا عن تلك الصورة المضيئة في ذاكرتهم , الا بحنينهم الى بغداد … بغداد قلب العراق النابض كما مضى , باتت اليوم رمزاً للقبح والذبح الطائفي والفساد. تغير كل شيء فيه بعد عام ٢٠٠٣ منذ اليوم الأول من أحتلاله والدوس على مقدساته وتراثه ونسف مؤسساته المدنية وهدم بنيته التحية ليحولوه الى هياكل هامشية تتحكم به العشيرة والقبيلة والدين . اليوم وما تجري على ساحاته في أختيار كابينة وزرائه على الحصص والمحاصصات الطائفية . أستوقفني تصريح لنائب عصائبي من أهل عصائب الحق . حول النية في تسنمهم وزارة الثقافة . قال عبد الأمير عتيبان ( وزارة الثقافة أستحقاق لنا , ونحن من علمنا الناس والعالم الثقافة ). يمر العراق بمرحلة خطيرة من التشظي , قد نفتقده كوطن وكيان نحن المهوسيين بحبه , وضحينا من أجله . نفر من كان يراوده بصيص أمل برق بعيد بعد مخاضات الانتخابات الاخيرة والتي لم تولد الأ فأراً . تعززت المحاصصة بأعلى تجلياتها البشعة على كل المستويات من رئيس الجمهورية الى رئاسة الوزراء وكابينته الوزارية الى رئيس مجلس النواب ومحاصصة نوابه . طيلة الفترة الزمنية الماضية لم تتشكل حكومة بمعنى دولة مؤسسات ودستور وقوانيين بل شهدنا مرحلة سلطة يتقاسمها رؤساء طوائف وميليشيات . عندما تحررت فرنسا وعاد قائدها الماريشال شارل ديغول من لندن , عندما أعلن من هناك ( نحن خسرنا المعركة لكننا لم نخسر الحرب ) . كان يعني ماذا يقول . في أول خطوة عندما عاد الى باريس شكل حكومة على مستوى عالي من التكنوقراط والكفاءات . أصبح الاديب أندريه مالرو وزيراً للثقافة . وعندما أندلعت مظاهرات الطلبة في باريس والمدن الاخرى عام ١٩٦٨ ضد الأداء الحكومي الفرنسي في زمن شارل ديغول . تصدر الفيلسوف والمفكر الكبير جان بول سارتر الرافض لجائزة نوبل للاداب تلك التظاهرات , فطلب مستشاريه ( ديغول ) العسكريين بأعتقاله , كان رده عليهم تريدون نضع كل الفرنسيين في السجن أنطلاقاً من وعيه لاهمية الثقافة والمثقفين في بناء البلدان . وعندما مات المارشال ( بيتان ) . الذي تعاون مع القوات النازية التي أحتلت باريس محاولة دفن جثته في مقبرة العظماء . أعترض ديغول قائلا كيف تدفنون خائن مع الرموز الوطنية الفرنسية .

هل يعد لنا وطنناً .. أسمه العراق ؟.

لم تعد مخفيه على الأخرين وممن يتابعون أخباره عملة الامريكان الشنيعة وممن تعاونوا معه في أحتلاله وتدميره من دول جوار وأقليمية وعملاء . فالذين أتوا بهم المحتلين , كانوا منتقاة بعناية لدورهم المشبوه بتدمير العراق أرضاً وشعباً وحجراً . ومازال العراق مسرحاً للدماء والدمار والتقسيم , وأن لم يعلن رسمياً على تقسيمه , لكن جملة أحداث تؤكد أنه ماشي بهذا الاتجاه . لم يعد للعراق هيبه حتى من شعبه , ولا أقل مستوى من الحرص كي يدفعون في مساهمة بنائه والحفاظ على أرثه وتاريخه .

عام ٢٠٠٩ في زمن ولاية المبجل وسيادة الرئيس المملوكي . أحتلت أيران حقل فكه النفطي في جنوب العراق ورفعت العلم الايراني فوقه , لم يشهد العراق كما هو تاريخه الوطني الموغل في المواقف والمظاهرات لا موقف رسمي ولاشعبي شهده العراق أحتجاجاً على التعدي السافر على أرض العراق الوطنية . وأخيراً وليس أخراً . وفد عراقي رفيع المستوى يمثل شبكة الاعلام العراقي للمشاركة في مونديال القاهرة للاعلام في دورته السابعة ٢٠١٨ . ورغم كل التأشيرات الرسمية والدعوات يحجز داخل مطار القاهرة ويهان ويعاد الى بغداد , بينما سلطة الطوائف في العراق تعيش صفقات توزيع الحصص الطائفية للوزارات , ولم نسمع موقف رسمي ولاحتى شعبي ولا حتى من المؤسسات الثقافية التي باتت جزء من دمار العملية السياسية الفاسدة . أما طلت محمود المشهداني الأخيرة رئيس البرلمان العراقي السابق على شاشة التلفزة وحديثه حول ( كياتنا وكياتهم ) . يؤكد عمق الفساد والخراب في العراق . والتي باتت جزء من ثقافة مجتمع .

محمد السعدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here