كش ملك

خالد الناهي

لا نعلم هل هو رهان على الحصان الخاسر؟ ام ثقة واستشراف لرؤيا غفل عنها الكثيرين؟ قرارات عندما تسمع بها، تراهن انها مجازفة ومخاطرة كبيرة، ومن يسمع بذلك لا يتردد باتهام من يقدم عليها بالمراهق سياسي.

من يستطيع ان يفسر تصرف شخص يترك ارث سياسي عمره تجاوز الثلاثين عاما، يحمل عمق ديني جهادي، ليأسس تيار فتي قبيل الانتخابات بسبعة أشهر” ولا يقول عنه مجنون”.

ماذا غير الجنون يجعل شخص يتنازل عن استحقاق انتخابي، تلبية لمطالب الجماهير في البصرة، فيستبدل وزراء بآخرين ليس من حزبه، ومحافظ لا يمت لتياره بصله، في وقت كان فيه هو بأمس الحاجة لتمثيل حكومي.

يقال ان المتنبي قتله لسانه .. لأنه قرأ قصيدة ” الليل والخيل والبيداء تعرفني” وفي احد الأيام تعرض له قطاع طرق، وعندما حاول الهروب، ذكروه قطاع الطرق بقصيدته فتوقف .. عندها قاموا بتسليبه وقتله.

عمار الحكيم رفع شعارات عديدة خلال تأسيس تياره الجديد، منها انصاف البصرة، وتمكين الشباب.

بالفعل قدم وزيرين من أصل ثلاثة هي حصة الحكمة من البصرة” مستقلين” هما وزيري النفط والنقل في الحكومة السابقة، بالإضافة الى استبدال محافظها السابق بأخر بعيد جدا عن تيار الحكيم.

تصرف واجراء لم يسبقه أي من الأحزاب والكتل الأخرى، فيه نكران ذات ومصداق لتطبيق الشعار على ارض الواقع، لكن ما هي مخرجات هذا التصرف، وكيف كانت ردة فعل ناخبي البصرة على هذا الاجراء؟

عدد المقاعد التي حصل عليها تيار الحكمة في البصرة في انتخابات مجلس النواب، تعكس مقدار تقبل الجمهور البصري، حيث قل عدد المقاعد من ستة مقاعد في الدورة السابقة الى مقعدين في الدورة الحالية!

ان انتكاسة البصرة كانت تحتم على الرجل إعادة قراءته للمشهد بصورة كاملة، والتعامل مع واقع يفرض نفسه على الجميع، فالشعب لا يرى الا من هو في الواجهة، حتى وان كانت هذه الصورة التي يراها ليس حقيقية.

لكن يبدو ان عمار لا يريد ان يتعظ من البصرة وما حدث فيها، ليعود ويتنازل عن حصة الحكمة في الحكومة الحالية، في وقت يتطلع فيها أبناء تياره من الشباب للحصول على فرصهم في الحياة، من خلال تمثيله بالوزارة، بهذا التنازل يكون قد خاطر بخسارة جمهوره من الشباب، خصوصا من لم يترسخ بذهنه مبادئ التيار بصورة جلية، بسبب عسر الحال.

بالأمس عاد ليركب موجة الخطر مرة أخرى، ويمكن شاب من تسنم منصب محافظ واسط، في وقت محفوف بالمخاطر، بسبب عدم رضا الشعب عن مخرجات العملية السياسية بالمجمل، وحكومة مركزية على ما يبدو انها تعاني عسرا كبيرا في ولادتها، ربما يؤدي الى موت الجنين قبل ولادته او بعدها بقليل.

الرجل لغاية الان ملتزم بشعارات رفعها والزم نفسه وتياره بها، وهي خطوة بالاتجاه الصحيح، لكن يبقى للشارع وللمخرجات رأي أخر قطعا.

لا نعلم هل الرجل مقتنع بما يقوم به، ام معاند؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here