“رياضة المرأة” حقوق مستلبة وسياسة مضطربة

 د.أحلام شغاتي: ورقة المؤتمر العام سبيلنا لإنصاف واقعنا

 بغداد/ إياد الصالحي

لم تزل العادات والتقاليد العربية في المجتمع العربي تحدّ من أنشطة المرأة الرياضية وتطلعاتها وحقّها في تنمية ذهنيتها والتعبير عن تحدّيها أقسى الظروف برغم أن التجارب والبحوث أثبتت بأنها تُكمل دور الرجل الرياضي في جميع الصُعد، بل وتنافسه على انتزاع الميداليات المتحصّلة من الدورات الكبرى.
وفي العراق شهدت الرياضة النسوية نموّاً مضطرداً في العقود الماضية، وخرجت عشرات الرياضيّات اللواتي كان لهنَّ بصمات مؤثرة على أديم الملاعب والأندية المحلية والمنتخبات الوطنية، ولهذا أزدهرت الرياضة النسوية في العقدين السبعيني والثمانيني ثم أخذت تنحدر من دون أن يلتفت اليها أحد حتى وصلت مرحلة إنعدام الوزن على مستوى الحضور الميداني إلا ما ندر بسبب توالي ظروف مؤلمة أدّتْ الى انهيار القاعدة الرياضية النسوية لعلَّ أبرزها تمسّك بعض أصحاب القرار الرياضي بسياسة محاربة المرأة في الرياضة ما جعل مستقبلها غامضاً ولا يُبّشر برؤية الضوء في نهاية نفق الإهمال.
من النقطة الأخيرة حاولت (المدى) إخراج الحقائق المنطقية من قبو الصراحة ووضعت النقاط فوق الحروف وقرأت المشهد الملتبِس أحياناً عبر مناقشة مستفيضة مع الرياضية السابقة والأكاديمية حالياً د.أحلام شغاتي عبر السطور الآتية:

تهميش الرموز
تقول د.أحلام إنه من المؤسف أن تشهد الرياضة النسوية العراقية انحساراً واسعاً في جميع الألعاب، وغياباً غير مبرر أسهم فيه المجتمع، فنحن نمثل جزءاً من نسيج إنساني حيوي لا يقلّ تأثيراً في تعزيز النتائج الإيجابية في ميدان الرياضة، إلا إننا نشعر باستلاب الكثير من حقوقنا الرياضية من دون قدرتنا على استعادتها بسبب غياب الإدارات النسوية الكفوءة وتهميش رموزها وركنها بعيداً عن دائرة إصدار القرار.

شحة المواهب
ولم تخف د.أحلام قلقها من واقع الرياضة النسوية، فترى أن عزوف الأُسر عن تفرّغ بناتهن لممارسة الرياضة أدى الى شحة بروز الموهوبات وغياب العنصر الفاعل لنهوض رياضتنا، إذ تشكّل الثروة البشرية في الرياضة النسوية عاملاً مهمّاً لتأمين جيل مثقف وواعي قادرعلى المنافسة في البطولات الخارجية، ولهذا لست متفائلة بالمستقبل طالما انني أرى الأمل اليوم يمرّ من ثقب أبرة.

أفكار بالية
وعن أسباب عدم تفاعل القيادات الرياضية مع رموز الرياضة النسوية اللواتي حققن إنجازات ذهبية في الماضي بغية التعاون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، تؤكد أن هناك من لا يزال ينظر الى المرأة بأنها أسيرة المنزل والمطبخ وتربية الأولاد فقط من دون أن يُسمح لها بالتعبيرعن مكنونات مواهبها الرياضية في الأندية والمنتخبات، هذا على مستوى الشارع والبيئة التي تستمد القناعة من أفكار بالية أكل الدهرعليها وشرب، فما بالك بقيادات رياضية تحتكر القرار الرياضي النسوي وتحرّك بوصلة أنشطته أو توقِفه كما تريد، ولم تبادر بكسر الجمود الذي يغطّي أجواء العلاقة الرياضية بين مكتبها النسوي (شبه الميت) والقاعدة النسوية في مختلف الألعاب التي أخذت تضمحل رويداً رويداً؟!

مصادرة الصوت
ولكن ألم تُمنح المرأة دورها الطبيعي في الاتحادات المركزية بصفة (عضوة) فاعلة فلماذا لا تستثمر ذلك وتُنشط الفعاليات الخاصة بالرياضة النسوية، عن ذلك تجيب د.أحلام : إن السطوة الذكورية والنظرة الاستعلائية أحياناً على مكانة المرأة في المجتمع وراء عدم حريتها بإتخاذ القرار وتفصيل أنشطة الرياضة النسوية على مقاسها، إذ غالباً ما يُصادَر صوتها داخل تركيبة الاتحادات المركزية وحتى تُغيّب عن مواكبة منتخباتنا ميدانياً في المسابقات الدولية، وهناك العديد من زميلاتي كُنَّ ضحايا هذا الإجراء القسري وغير الحضاري في أكثر من مناسبة منذ اعتزالهنّ اللعب.
وتتابع : لكسر الجمود في العلاقة ما بين الأطراف المعنية باستنهاض واقع المرأة الرياضي أطالب بالتنسيق ما بين وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية لتسخين أجواء العمل النسوي وإعادة القياديات ليأخذن دورهن بالمطلق دون قيود، ومن الضروري تلاقح أفكار المكاتب النسوية في ممثليات الأولمبية في المحافظات مع مكتب اللجنة الأولمبية الرئيس في العاصمة بغداد.

دعم الحكومة
وعن الحلول المقترحة مستقبلاً قالت: أي حلول تطرح إذا لم تمسّ واقع المرأة الرياضي ومعاناتها الأزلية من السياسة المضطربة في فهم طموحاتها فلن تكون حلولاً مُجدية، فالواقع النسوي الرياضي اليوم يحتاج الى الدعم الحكومي ومسؤولي الرياضة كل في مجال اختصاصه لرفع الأعباء الثقيلة التي تتحمّلها منذ زمن طويل وفي مقدمتها تحييد دورها في الرياضة، فكيف تترجم أمانيها وتكون إنموذجاً يفتخر به من الرياضيّات الصغار وهي مقيّدة بسلاسل الروتين والاطاريح الفلسفية التي تشل حركتها؟
وطلبت د.أحلام من جميع الأندية العمل على تأهيل فرقها النسوية وتخصيص جانب من الإنفاق على إعدادها وتجهيزها بمستلزمات مشاركاتها محلياً وخارجياً، وأيضاً عدم اغفال الرياضيّات الرائدات اللواتي يقبعن في بيوتهن ولم يذكرهن أحداً ولو بتشريف الحضور في مناسبات رياضية أو الاحتفاء بتكريمهن نظير منجزاتهن للرياضة.

ورقة مؤتمر عام
واختتمت د.أحلام شغاتي حديثها بأن الرياضة النسوية العربية تواصل دفع عجلة تطوّرها لملاحقة الأخريات في الدول العالمية، بينما تظلّ عجلتنا راكنة في مرآب التقاعس والإهمال بصمت مريب، ألا تحثّ هذه المقارنة المؤلمة مسؤولي الرياضة لإصلاح واقع المرأة؟ ثم أن هذا الحال البائس بفعل فاعل يروم إبقاء التخلّف وفرض انطباع بأن العلّة في المرأة نفسها وهذا غير صحيح. لذا لابد من طرح أجندة جديدة في مؤتمر عام لرياضة المرأة يعد ورقة اعماله بتروٍّ لضمان الخروج بتوصيات ناجعة تخدم الرياضة النسوية وتنصف حقوقها على طاولة المسؤولين كي تواصل أداء رسالتها الإنسانية في دورة زمنية مُفعمة بالتفاؤل وعيونها ترنو لإعداد جيل من البطلات يرفعن علم البلاد على منصّات التتويج والتقلّد بالميداليات الذهبية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here