سوانح وبوارح .. حول بدعة المولد النبوي .. الجزء الثاني

يقولون : تركت كل مصائب المسلمين .. ولحقت قضية جزئية .. فرعية .. وهي بدعة المولد النبوي !!!
ويقولون : ألم يسكت الرسول صلى الله عليه وسلم عن أشياء .. ولم يتكلم عنها ؟؟؟!!!
ويقولون : على رسلك .. خفف عنا !!!
والجواب ..
هذه قضية عقدية .. إيمانية .. جوهرية .. أساسية في عقيدة التوحيد ..
إما أن تؤمن أن الله وحده لا شريك له .. حق .. ورسوله صلى الله عليه وسلم حق ..
وأن الدين أُنزِل ( بضم الهمزة ) كاملا غير منقوص .. ولم يسكت عن أشياء تتعلق بالدين ..
وإلا فإن الدين حينئذ .. يكون ناقصا !!!
وإنما سكت عن أشياء دنيوية .. تتعلق بالحياة المعيشية .. من طعام وشراب ومسكن وملبس وسواها ..
وإما أن تؤمن .. بأن المذل لدين الله الفاطمي .. هو الإله الحق !!!
فإن آمنت بالأولى : توجب عليك ألا تفتري عليه الكذب .. وتتدعي أن رسوله صلى الله عليه وسلم .. قد وُلد في 12 ربيع الأول ..
هل كنت حاضرا ولادته ؟؟؟!!!
هل أنبأك الله بذلك ؟؟؟!!!
من أنبأك بهذا .. وكان شاهد عيان على ولادته ؟؟؟!!!
وإن لم تجب على هذه الأسئلة .. وتماديت في غيك .. وزعمت أنه وُلد في 12 ربيع أول ..
واحتفلت بولادته .. بدون دليل رباني .. أو دليل بشري حضر لحظة الولادة ..
فإذن .. أنت تؤمن بالثانية .. وهي .. أن المذل لدين الله .. هو إلهك ..
لأنه حسب هذه الفرضية ..هو العليم الخبير بلحظة ولادته ..
ولذلك ..
هو الذي حدد لك 12 ربيع أول يوم ولادته .. وأمرك بالاحتفال به .. دون العالمين ..
فهو الذي يستحق الطاعة .. حسب هذه الفرضية .. فهو الوحيد الذي علم لحظة ولادته ..
فأطعته .. ولا تزال تصر على طاعته .. من دون الله !!!

ويقولون : إنهم يحتفلون بالمولد .. لأنهم متيمون .. ومحبون جدا للرسول صلى الله وسلم .. ويريدون تذكر سيرته العطرة ..
السؤال :
هل هو أمركم بأن تسبوا .. وتشتموا من ينكر عليكم بدعتكم الضالة .. وتستسخرون منه .. وتصفونه بألقاب قميئة .. وبكلمات بذيئة .. ولغة سوقية .. شوارعية .. حاراتية .. صبيانه ؟؟؟!!!
إذا كان كذلك ..
فبئس هذا الرسول الذي تحبونه ..
ولكن ..
حسب اعتقادي الجازم .. اليقيني .. أنه كان في قمة الأخلاق .. وقد وصفه ربه ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .. ووصفته عائشة رضي الله عنها ( كان خلقه القرآن ) ..
فطالما أنكم لا تتخلقون بأخلاقه .. وتسبون الناس .. وخاصة الذين درسوا الشريعة .. هم أسوأ من غيرهم في السباب والشتم ..
فأنتم الكاذبون .. العاقون .. الآبقون .. المارقون ..

ولو أن أحد الصحابة .. أو التابعين رضوان الله عليهم ..
أو أحد العلماء الأتقياء .. النجباء الذين ظهروا للوجود .. قبل الأمر العبيدي بالاحتفال بالمولد في 362 هجرية..
واجتهد .. ودعا إلى الاحتفال بالمولد ..
فلربما دعوته تحمل الصدقية .. وتكون مقبولة عند المؤمنين ..
لأنها صادرة من قلب مفعم بالحب .. للرسول صلى الله عليه وسلم ..
أما أن تصدر هذه الدعوة .. من زنديق .. كافر .. يكره .. ويبغض الرسول صلى الله عليه وسلم ..
فذلك يستدعي ممن يحمل في قلبه ذرة من إيمان .. وذرة من ضمير .. وذرة من وجدان .. وذرة من حب للرسول صلى الله عليه وسلم ..
أن يتشكك فيها .. ويرفضها .. ويستنكرها .. ويدوسها بأقدامه ..
لأن الكافر .. لا يريد بالمسلمين إلا الشر .. ولا يصدر عنه إلا البغض .. والكراهية للمسلمين ..
خاصة وأن هذا الخبيث الملعون .. حدد يوم وفاته صلى الله عليه وسلم .. للاحتفال بمولده الكذوب .. نكاية بالرسول صلى الله عليه وسلم .. وتشفيا بموته !!!
فأين عقولكم .. وأين غيرتكم على رسولكم صلى الله عليه وسلم .. يا من تزعمون حبه ؟؟؟!!!..
وعلى أسوأ الفروض .. أنكم تحبون الاحتفال بالمولد .. ومصرون عليه ..
لماذا لا تحتفلون في يوم آخر وشهر آخر .. وتخالفون هذا الكافر الملعون .. طالما أنه مجهول .. تاريخ ولادته ..
بدلا من الانقياد وراء هذا الخنزير .. كالإمعة !!!
وعلما بأن :
الرسول صلى الله عليه وسلم .. دعاكم إلى مخالفة اليهود .. في صوم عاشوراء .. وهذا ألعن وأخبث من اليهود ..
( صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، خَالِفُوا الْيَهُودَ ، صُومُوا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ ) ..
فخالفوه في تاريخ الاحتفال .. على أضعف الإيمان .. إن كنتم مؤمنين !!!
أم أنكم عاجزون عن مخالفته ؟؟؟!!!

من الطرائف العجيبة .. الغريبة لدارسي الشريعة !!!
أنهم يأتون بكتبهم وقراطيسهم ..
ويقولون : لدينا القاعدة الفلانية .. والقاعدة الفلانية في التأصيل .. والاستنتاج ..
ليظهروا أنهم يحفظون الدرس جيدا ..
ومن يخالفهم .. ويُظهر جهلهم .. يسبونه .. ويشتمونه أكثر من الدهماء .. والرعاع ..
ثم يقولون :
أثبت لنا أن المولد حرام ..
يا أيها الطالب النجيب .. أنت المدعي أنه حلال .. ولست أنا المدعي ..
والمدعي .. حسب القاعدة الذهبية .. البينة على من ادعى ..
كما أن التحليل والتحريم .. هو من اختصاص الله .. وليس من اختصاص العبيد ..
ثم يروغ كما يروغ الثعلب .. ويأتي بأقوال العبيد ..
ويقول : الأصل الحلال ..
من علمك ذلك يا دارس الشريعة ؟؟؟!!!
من يقول هذا : فهو يكذب الله الذي قال ( اليوم أكملت لكم دينكم ) ..
فالدين كامل .. ومحرم على أي مخلوق .. أن يضيف نقطة واحدة إليه ..
(وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ) ..
والمولد هو إضافة على الدين ..
ودليل ذلك .. أنكم .. تحلونه ..
وتعتبرونه من شعائر الدين .. وتتقربون به إلى الله ..
والله يقول : (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ ) ..
فهاتوا برهانكم .. من كتاب ربكم حصرا .. وبينتكم أنه حلال ..
فإن لم تأتوا ببينتكم .. فدعواكم كاذبة .. خاطئة .. ومرفوضة ..

ولئن سألتهم لماذا تحتفلون بالمولد ؟؟؟!!!
لقالوا : تقربا إلى الله .. وطلب الأجر .. والثواب منه !!!
يعني .. تريدون عبادة الله بهذا الاحتفال !!!
لجَفَلوا .. وارتعدوا .. ونُكِسوا على رؤوسهم .. وغيروا كلامهم .. وقالوا :
هي ليست عبادة !!!
إذن تريدون أن تلهوا .. وتلعبوا .. وتمرحوا بالمولد ؟؟؟!!!
( وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ) ..
نعم .. إن هذه الطقوس التي تمارسونها .. هي عبادة وثنية .. جاهليه ..
ابتدعتموها .. وصنعتموها من عند أنفسكم ..
والعبادة : هي كل عمل .. يقوم به الإنسان .. لنيل رضا المعبود .. والتقرب إليه ..
فالمشركون كانوا يتمسحون بالأصنام .. ويقدمون لها القرابين .. بقصد عبادتها ..
والمؤمن يأتي شهوته مع زوجه .. ويأكل .. ويشرب .. ابتغاء رضا الله .. فهو يعبده ..
وللعبادة الصحيحة المقبولة عند الله تعالى .. ثلاثة شروط :
أولا : أن تكون لله وحده دون سواه ..
ودليله قوله تعالى : ( قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ ) ..
ثانيا : أن تكون العبادة .. كما أمر بها الله .. وليست عبادة مزاجية .. يختلقها كل إنسان حسب عقله القاصر .
ودليله قوله تعالى : (فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ ) ..
وحادثة الرجال الثلاثة الذين ابتدعوا لأنفسهم عبادة خاصة بهم .. أن يقوموا الليل كله .. ويصوموا الدهر كله .. ولا يتزوجوا .. فأنكر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم .. وقال من رغب عن سنتي فليس مني ..
ثالثا : أن تكون العبادة بالطريقة .. والكيفية التي حددها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
ودليله قوله تعالى : (تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعۡتَدُوهَاۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ) ..
(وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ ) ..
فهذه الحدود التي حددها تعالى .. هي الطريقة .. والكيفية التي يجب على المؤمن أن يسلكها .. ولا يتعداها .
وهل هناك أكبر اختراق لحدود الله .. وأكبر معصية لله .. من اصطناع عبادة المولد .. أصلها وثني .. جاهلي .. لم يأمر بها الله جل في علاه ؟؟؟!!!
الأحد 24 ربيع أول 1440
2 كانون أول 2018
موفق السباعي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here