شباب البصرة يحرِّكون الشارع مجدّداً.. وشركات النفط لم تلتزم بعقود التعيين

بغداد/ وائل نعمة

أسقط 200 عاطل عن العمل في البصرة يوم الأحد الماضي الجدار الكونكريتي لحقل القرنة 2 في شمال المحافظة، في أحدث احتجاج على البطالة في المدينة الغنيّة بالنفط.في ذات الوقت كان وزير العمل باسم الربيعي يتحدث عن جهل الحكومة بعدد العاملين في شركات النفط الأجنبية.وبحسب الوزير الذي عقد مؤتمراً في ذلك اليوم من البصرة، فان القانون ينصّ على أن يكون عدد العراقيين العاملين في تلك الشركات لايقلّ عن الـ50%.

لكن، بغياب إحصائية رسمية عن عدد العاملين، فإن تصريحات المسؤولين تتضارب هي الأخرى حول عدد العمال المحليين حيث يقولون إن الأعداد تتراوح بين 25% وأكثر من 50%.
وعلى وفق تقديرات سابقة فإن الشركات المسجلة وعلى صلة بالاستثمار النفطي بمختلف تخصصاتها، بلغت 507 شركات، لكنه أيضا لايمكن الجزم بهذا العدد ،لأنه يتغير باستمرار نظراً لإنهاء عقد شركة وحلول شركة أو اثنتين بدلا منها وبالعكس.
الوزير الربيعي قال في مؤتمره الأخير إن “218 شركة متعاقدة مع الحكومة لم تراجع الوزارة لتحديد نسبة العمالة الأجنبية”، وأشار الى أن “عدد الشركات التي كانت تراجع الوزارة هي 11 شركة فقط”.
وعلى ذمة التقديرات غير الرسمية السابقة، فإن عدد العاملين الإجمالي في تلك الشركات بلغ نحو 80 ألف موظف، عدد العراقيين بينهم أقل من 6 آلاف عامل.

تجاهلُ البصريين
يقول أمين وهب، عضو مجلس محافظة البصرة لـ(المدى) أمس إن”130 الف موظف وعامل في شركات النفط الوطنية والاجنبية في الجنوب”. وأضاف المسؤول المحلي إن نسبة العراقيين العاملين في الشركات الاجنبية حصرا، يتراوح بين “25 الى 30%” وأغلبهم من خارج البصرة.
ويقول أمين إن حكومة حيدر العبادي السابقة، كانت قد حددت 10 آلاف وظيفة للبصرة، ولم يتم تعيين أي أحد حتى الآن.
وحمّل المسؤول المحلي الحكومة مسؤولية عدم تعيين الشباب في شركات النفط، على الرغم من أن أغلبهم أخذ دورات سريعة لمدة 6 أشهر في “السلامة المهنية”.
وقال أمين: “المشكلة في العقود التي تبرمها الحكومة مع الشركة الأجنبية، حيث لاتلزمها بشكل قاطع بتشغيل العراقيين وأبناء المحافظة”.
مؤخراً قالت لجنة النفط في البرلمان إن الحكومة ليس لديها إحصائية عن عدد العاملين الأجانب في الشركات لتتم مقارنتها مع العاملين المحليين.
وطرحت اللجنة مقترحاً بإقامة تلك الشركات دورات لأبناء البصرة أو المدينة التي تعمل بها، من أجل تأهيلهم، وفقاً للاختصاصات المطلوبة، وبعد ذلك يتم إجراء تقييم للمتدربين ومن يصلح يعمل في الشركات، على أن تصرف رواتب للمتدربين طول فترة التدريب.

عمّال بلا فيزا وسجناء سابقون
في الصيف الماضي، حين كانت التظاهرات تشتعل في البصرة للمطالبة بالتعيين والخدمات، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان في المحافظة أن عدد العاطلين عن العمل بلغ نحو 140 ألف شخص.
وخلال تلك الاحتجاجات أقام المتظاهرون عدة اعتصامات أمام الحقول النفطية في الجنوب التي تعمل فيها الشركات الاجنبية، للضغط عليهم في تعيين أبناء البصرة. ووصل الأمر في آب الماضي الى أن يقطع المحتجون 6 طرق تؤدي الى حقل القرنة 1 في البصرة، لكن رغم ذلك لم يتأثر عمل تلك الشركات أو يتوقف تدفق النفط.
ويقول زاهر العبادي وهو عضو سابق في لجنة النفط في البرلمان لـ(المدى) أمس انه “في السابق كانت الشركات الاجنبية تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية، لكن الآن الأمر قد تغيّر الآن”.
وأكد العبادي وهو نائب سابق عن البصرة أن “العراقيين هم الأكثرية الآن في تلك الشركات”. لكنه انتقد بالمقابل استمرار الشركات بالاستعانة ببعض الاجانب في تخصصات يمكن للعراقيين القيام بها.
وفي وقت سابق قال عادل المنصوري، وهو نائب عن بدر في البصرة في الدورة التشريعة الماضية إن “شركة الامكو” العاملة في المحافظة تضم عمالاً من الهند وبنغلاديش وباكستان خارج الضوابط و”بدون فيزا”.
كذلك قال المنصوري وقتها، ان “شركة سيباك الصينية” قامت بتشغيل 500 شخص خارجين من السجون بينما يفرض القانون على هذه الشركات تشغيل 80 % من العراقيين إلا ان العكس هو الصحيح نجد ان نسبة العمال العراقيين هي 20 %.
وبحسب إحصائيات سابقة “غير رسمية” عن عدد غير العراقيين العاملين في شركات النفط الاجنبية، فقد احتلت مصر المركز الاول بين الدول العربية بأكثر من 3 آلاف عامل، والاقل الصومال بعاملين اثنين فقط، فضلا عن مشاركة عاملين من الإمارات، الأردن، والبحرين، وليبيا، والمغرب،و فلسطين.
أما الأجانب فكان أكثر العاملين هم من بريطانيا بنحو 6 آلاف عامل، والأقل الفيليبين بـ8 عمال. وجلبت تلك الشركات عاملين من الهند، والإكوادور، والأرجنتين، وأسكتلندا، وألمانيا، وأرمينيا،و باكستان، وإيران.

مستشار بالساعة !
بدوره يقول حمزة الجواهري الخبير في مجال الطاقة لـ(المدى) أمس إن “المشكلة في عدم وجود كوادر عراقية مؤهلة تتناسب مع تلك الشركات”.
وأضاف الجواهري إن “تلك الشركات تبحث عن مؤهلات معينة في العاملين وهي ملزمة بعقد ويجب أن تعمل على وفق التوقيتات، وعندما لاتعثر على تلك المواصفات في العمال العراقيين تضطر الى اختيار أجانب”.
وأشار الخبير الى أن بعض العقود نصت على إلزام الشركة بتعيين 85% من العراقيين، محملاً وزارتي التربية والتعليم فضلاً عن وزارة العمل مسؤولية تخريج كوادر غير مؤهلة وعدم زج الشباب في دورات تدريبية “حقيقية وليست شكلية” ليكونوا جاهزين للعمل.
وكشف الجواهري أن بعض الشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط، تستعين في بعض الاحيان بمستشارين أجانب تصل أجورهم في الساعة الى 2500 دولار، وفي أغلب الأحيان بحسب نوع العقد إن العراق يدفع أجوره ضمن تكاليف “التطوير والتشغيل”.
وقال الجواهري ان “تلك الأجور مبالغ بها، ويتم تحديدها بعد ان تقوم الشركة بتقديم رشاوى إلى الطرف العراقي الذي يتفاوض مع الشركة للقبول بالمستشار”.
ويشير الخبير الى أن كل عقد مع تلك الشركات تشكل فيه لجنة مشتركة، تضم 4 عراقيين و4 من الشركة الأجنبية، بينهم شخص واحد يسمى بالشريك المحلي وهو عراقي أيضا، ما يعني أن كفة العراقيين هي الراجحة بـ5 أشخاص مقابل 3 أجانب، ورغم ذلك يقول الجواهري إن “الشركة الأجنبية تحصل بالنهاية على ماتريد بسبب الرشاوى والإيفادات لبعض الموظفين العراقيين في تلك اللجان”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here