أوبونتو (Ubuntu)..: أنا أكون لأننا نكون..

ان مصطلح اوبونتو ينتمي الى لغات البانتو الجنوب افريقية وهواحد المعتقدات الفلسفية التي تؤمن بها هذه الشعوب ويستند هذا المعتقد على اساس كون الفرد الانسان لايمكن له ان يعيش ويمارس السعادة الا من خلال الاخرين وايضا لاتكتمل انسايته الا من خلال اكتمال انسانية الاخرين وبمعنى اخر عندما يحمل الانسان صفة الاوبونتو تعني في لغنهم ان هذا الانسان يحمل صفات الكرم والعطاء ودفئ المشاعر وهو بالتاكيد يؤمن بقبول الاخر ويحس ان قيمته هي بقيمة من حوله. ومن اشهر من يتحدث هذه اللغة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا وستيف بيكو، وكريس هاني، وثابو مبيكي، ووالتر سيسولو، وريمون مهلابا، وجوفان مبيكي ومن اهم المشاهير الذي جسد معاني الاوبونتو في ابهى صورها الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، ويذكر المناضل نيلسون مانديلا ان الاوبونتو في ابسط صورها هي الشعور الانساني العالي فعندما تمر عبر احدى قرى قبائل ال إكسهوزا Xhosaفمجرد انك تمر فانت سوف تكون واحدا من اهل القرية يقدمون لك الطعام والضيافة والاقامة والجدير ذكره ان الاوبونتو لاتعني عدم اهتمام الفرد بنفسه وتطويرها ولكن على شرط ان يصب هذا التطوير في خدمة المجتمع ، اي الصراع بين ال انا وال نحن يجب ان يصب في مصلحة ال نحن حتى لو تعارض مع ال انا لان المحصلة النهائية لل نحن سوف تخدم الجميع.وحسب عبارة ديكارت الشهيرة “أنا أفكر إذا أنا موجود” والتي تكرس الانا العليا ولكن قبائل الاكسهوز قد حولت عبارة ديكارت الى “نحن نفكر، إذا نحن موجودين”.

الانا او النون بين الفين تدور حول الذات المحدودة في شخص واحد وهذا الشخص يسخر كل امكانياته العقلية والجسمية لخدمة الانا العليا وليس هذا فقط وانما محاولة تسخير الاخريين لتحقيق غاياته واهدافه. وان تضخم هذه الانا لدى الكثير من افراد المجتمع تخلق الكثير من الامراض المجتمعية التي يصعب علاجها وتكون انعكاساتها خطيرة على المجتمع ومستقبله وبالاحرى على سعادة هذا المجتمع . وظاهرة بروز الدكتاتور في مجتمعاتنا ماهي الا صورة مثالية لل انا العليا وخاصة عندما تكون البيئة مناسبة لنمو وتعاظم ال انا لتصل الى اعلى درجاتها. وعندما يتبنى المجتمع مفهوم ال نحن بدلا من ال انا الاقصائية وظهور اناس يحملون صفات اخلاقية عالية من خلال تربية المجتمع على التعاون والتضامن والتكافل المجتمعي التي تؤدي الى خلق بيئة مسالمة وبيئة صحية لكل افراد المجتمع ومن خلال ذلك تتحقق السعادة لكل افراد المجتمع . فمنذ 2013 الأمم المتحدة تحتفي باليوم الدولي للسعادة على اعتبار أنه سبيل للاعتراف بأهمية السعادة في حياة الناس في كل أنحاء العالم. وفي الفترة القريبة الماضية، دشنت الأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة يُراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين وحماية كوكبنا الذي نعيش فيه ، وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاه والسعادة.

ولنتعلم من قبائل الاكسهوزا واطفالهم من خلال قصة أحد علماء الأنثروبولوجيا عندما قام بعرض لعبة على أطفال قبائل ال إكسهوزا ،ووضع سلة من الفواكه اللذيذة قرب جذع شجرة وقال لهم بأن أول طفل يصل الشجرة سيحصل على السلة بما فيها ، عندما أعطاهم اشارة البدء تفاجأ بهم يسيرون سوية ممسكين بأيدي بعضهم حتى وصلوا الشجرة وتقاسموا الفاكهة اللذيذة ، عندما سألهم لماذا فعلتم ذلك فيما كل واحد منكم كان بامكانه الحصول على السلة له فقط ،

أجابوه بتعجب :

أوبونتو Ubuntu كيف يستطيع احدنا ان يكون سعيداً فيما الباقين تعساء ؟ اي أنا أكون لأننا نكون .

تلك القبيلة في اقصى الجنوب الافريقي تعرف سر السعادة وتجعل ال نحن هي المتغلبة على ال الانا وهناك مثل شعبي يقول من جاور السعيد يسعد فدعونا نعمل سويا في ان نجعل كل من يعيش حولنا ومعنا سعيدا لكي يصبح كل المجتمع سعيد وبالتالي كتحصيل حاصل نكون سعداء عندما تنعكس هذه السعادة على الجميعومن ضمنهم ال الانا . ياحبذا لو تصبح هذه الكلمات مفردات عالمية تتدوالها كل الشعوب بدلا من مصطلحات العنف والقتل والغاء الاخر ليصبح عالمنا اجمل واسعد.

د.عامر ملوكا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here