على الذين يهددون بتحريك الشارع من جديد أن يحذروا من الشوارع الخلفية!

احمد العلي.

1-

حدث أول تحريك للشارع في العام 2015 عندما جرت تظاهرة للتيار المدني في ساحة التحرير مطالبة بالإصلاح السياسي ومكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين. هذه التظاهرات استمرت تجري كل يوم جمعة وتصاعدت أعداد المتظاهرين في هذه الجمع، وتطورت إلى المطالبة بحكومة مدنية والتحول عن حكم الإسلاميين. عندها وفي تحرك مشبوه انضم التيار الصدري إلى هذه التظاهرات المدنية وتبنى شعاراتها ومطالباتها ما عدا المطالبة بحكومة مدنية. وعمل على تجييرها لحسابه الأمر الذي دعا جماهير التيار المدني للانسحاب شيئا فشيئا من ساحة التحرير بعد أن علا صوت الصدريين على صوت التيار المدني واختلطت الأوراق وتبين لهؤلاء أن أتباع الصدريين بدأوا يتزعمون هذه التظاهرات ويوجهونها لصالحهم مما أثار الشك أن الصدريين أرادوا أن يسحبوا البساط من تحت أتباع التيار المدني حتى لا تقوى شوكتهم كتيار مدني علماني يزاحم الإسلاميين الذين يحكمون العراق منذ 2003 والصدريون جزء مهم منهم. ولكن الحزب الشيوعي العراقي، المعروف بنضاله الوطني عبر تاريخه ولكن المعروف أيضا بتاريخه الانتهازي في الاتفاقات والتحالفات مع القوى المضادة لفكره الماركسي كتحالفه مع خصومه وأعداءه البعثيين عام 1973 وتشكيله معهم الجبهة الوطنية والقومية التقدمية العراقية وهو الذي دخل قبل ذلك في صراع دموي مع البعثيين عام 1959 انتهى بانقلاب شباط 1963 وجرى ما جرى على الشيوعيين من قتل وسجن وتعذيب وتشريد على يد البعثيين …..، انتهز هذا الحزب الفرصة بسبب تراجع ما تبقى من جماهيريته التي كانت قد بدأت تنحسر بعد فشل الجبهة الوطنية والقومية التقدمية حتى كاد الحزب الشيوعي العراقي أن يكون نسيا منسيا في ذاكرة العراقيين قبل السقوط في نيسان 2003 ……، وتقرب إلى التيار الصدري وتحالف معه، وهذا موقف انتهازي، مصلحي ونفعي جدير بالتفكير والتأمل فيه؛ أن يتحالف حزب شيوعي …..، له عقيدة ماركسية تاريخية هي في الضد من الدين وله موقف سياسي قديم نابع منها يهدف الوصول إلى السلطة ……، مع تيار إسلامي مستحدث له عقيدة دينية/مذهبية هي في الضد من الشيوعية (الملحدة) وله موقف سياسي نابع من هذه العقيدة الدينية/المذهبية يهدف الوصول إلى السلطة. وانتهى الأمر بالاثنين إلى أن يذوب الواحد في الآخر فيصير واحدا، سبحان الله، وأصبح يحرك الشارع إسلاميون يقودون شيوعيين ومن بينهم علمانيون وليبراليون انصهروا (في) التيار الصدري…. حتى صرنا لا نميز ولا نعرف من هذا ومن ذاك ومن ذلك حين تجري التظاهرات في الشوارع الأمامية …..!

2-

….. التظاهرات في هذه الشوارع الأمامية لم تعد آمنة. قبل اليوم كانت هذه الشوارع والشوارع الخلفية القريبة منها مُلك يمين التيار الصدري، تغص بالآلاف منهم والمئات من حلفائهم الشيوعيين ومن معهم من العلمانيين. ولم يكن يُخشى على هذه التظاهرات من اعتداءات إرهابية أو من جماعة أو جماعات سياسية عراقية معارضة لهذه التظاهرات! اليوم لم تعد الشوارع الخلفية آمنة ولا يُخشى منها، فالإرهابيون أو أي جماعة سياسية عراقية معارضة للتيار الصدري قد لا تحتاج أن تتظاهر في الشوارع الأمامية هي الأخرى فيكون حينها الصدام بين المتظاهرين من الطرفين، ربما، ولكنها قد تلجأ من مكانها في الشوارع الخلفية إلى اغتيال شخصيات معينة بارزة في تلك التظاهرة أو من يحركها في الشوارع الأمامية وهو بعيد عنها ……!!

…… على من يهدد هذه الأيام بتحريك الشوارع الأمامية من جديد عليه أن يحذر من الأعداء المتربصين في الشوارع الخلفية. هذه الشوارع لم تعد آمنة وليست مُلك يمين من يقود التظاهرات في الشوارع الأمامية بعد اليوم….!!

بغداد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here