الحل الوحيدلإنقاذ العراق .. الفهم الخاطيء للسياسة ( 2-3 )

خضير طاهر
كيف يفهم العراقي السياسة وهو محاط بماكنة ضخمة تقذف عليه الشعارات والكلام العشوائي والإسقاط الأيديولوجي والنفسي والشتائم ، وخصوصا اذا علمنا ان العقل العراقي من الأساس – غالبا – ما يغيب عنه المنطق عند تناول القضايا والأحداث والأشخاص ، فليس لدى العراقيين بنسبة 99% عقول متحضرة تفكر بشكل سليم يهدف الى خدمة الناس والبلد ، يضاف لها ضعف وإنعدام مشاعر الإنتماء الوطني لدى الأكثرية العظمى من أبناء الشعب وفي مقدمتهم الطبقة السياسية !

طوال تاريخ العراق السياسي كانت التربية الحزبية للأعضاء خالية تماما من التوجيه والتعبئة نحو وضع مصالح البشر والوطن أولا .. فقدت كانت ولاتزال الأحزاب تكرس التعصب الحزبي المافيوي وتهمل العمل من أجل الإنسان ، بل هي من يسرق ثروات البلد ويقتل الإنسان .
ولو إستعرضنا طبيعة التربية السياسية التي سادت في العراق نجد : الحزب الشيوعي كان يربي أفراده على المفاهيم (( الأممية )) ويهمل قضية الإنتماء الوطني ، وكان الشيوعيون مهتمين بالإتحاد السوفيتي وكوبا وفيتنام وغيرها ، ويتظاهرون من أجل تلك البلدان ، بينما بجانبهم يعيش أبناء الشعب العراقي في أشد حالات التعاسة والفقر والسكن في الأكواخ ولكن مع هذا لايهتمون بهم بقدر إهتمامهم بتنفيذ أوامر موسكو في ممارسة الشغب والتخريب داخل العراق والتحول كأحد الأدوات في الحرب الباردة بين أميركا والإتحاد السوفيتي ، بل أكثر من هذا حمل الشيوعيون السلاح وأطلقوا الرصاص على صدور أبناء شعبهم الجنود المساكين كل هذه الحطايا والخيانة الوطنية ، والمثير للسخرية مايردده الشيوعيون عن ( النضال الوطني ، والمناضل الوطني فلان وعلان) !

وكذلك الحال التيار القومي الذي أحد منتجاته حزب البعث ، هذا التيار آمن بفكرة (القومية العنصرية التي وضعت مصالح الدول العربية فوق المصالح الوطنية العراقية) ، وكانت تحركه مصر وسوريا وتدفعه للتخريب والقيام بالإنقلابات العسكرية ، وكان القوميون طوال تاريخهم ضد مصالح بلدهم وشعبهم وقاموا بذبح أبناء وطنهم وبددوا الثروات ، وكان حكمهم للعراق أسوأ فترة كارثية مرت على البلد !

اما التيار الإسلامي فقد كان ولايزال يربي أعضاءه على مفهوم (الأمة الإسلامية ) ويعلن كراهيته للوطن ، إذ ليس لدى الإسلامي أية مشاعر نحو وطنه ، ولهذا ظهرت أبشع أنواع الخيانة الوطنية في عهدهم حيث منحوا الشرعية لجريمة العمالة ، وصار الإسلامي يمارس العمالة لدى إيران بصورة علنية دون الشعور بالخجل وعار الخيانة الوطنية ، لقد فقدوا الإسلاميين شرفهم الوطني وقدموا نموذجا صارخا للعميل العقائدي الذي يبيع وطنه وشعبه من أجل طرف خارجي تربطه به روابط عقائدية !

وبخصوص ما دفعته هذه الأحزاب من ضحايا بشرية على يد السلطات .. فإن ضحاياهم كانوا يناضلون من أجل أهداف أحزابهم وليس الوطن ، رغم ان العديد منهم كانوا أناس شرفاء لكن غرر بهم وتم غسل أدمغتهم من قبل تنظيماتهم ودفعهم لتدمير أنفسهم دفاعا عن مصالح تلك الاحزاب .

ضمن هذه الدوائر من المفاهيم الحزبية المعادية للإنتماء الوطني يعيش العقل السياسي العراقي متعفنا بقيح الأديولوجيا والتخلف العقلي والخضوع لإستعباد الأفكار والشعارات على حساب مصالح الإنسان والبلد ، علما لايختلف المستقل سياسيا عن هذا الجو من الإنحطاط الفكري والسياسي ، إذ ليس واردا لدى العراقي التفكير في بديهيات السياسة وممارسة فن الممكن بطرق برغماتية واقعية ، ولايستطيع العراقي ان يكون منسجما مع التطور والحضارة وهو سجين قوقعة التحجر الفكري والتخلف وغياب الروح الوطنية الحقيقية .
العراقيون .. ساسة وشعب ، فهموا السياسة على انها صراخ وخطب وحب الظهور وتحقيق مكاسب فردية وحزبية وطائفية وقومية وتآمر وقتل ، ولعل أدق وصف للتاريخ السياسي العراقي انه عبارة عن تاريخ جرى وسار مابين السذاجة الصبيانية والسلوك المافيوي الإجرامي !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here