الفرق في حب السلطة والرئاسة بيننا وبين الغرب؟

علاء كرم الله
بعيدا عما قاله المفكر العربي أبن خلدون (بأن آفة العرب الرئاسة)، فالرئاسة والسلطة والمنصب لها نكهة حلوة وجميلة مهما كبر المنصب أو صغر حتى قيل (أعطني أمارة حتى على كومة من حجارة!)، وأي منصب فيه من المغريات والمغانم الشيء الكثير وفيه من الوجاهة الشيء الكبير وفيه وفيه وكل شيء فيه!. ويكذب من يقول بأنه لا يحب السلطة والرئاسة والمنصب والقيادة وأولهم كاتب السطور!. فالأنسان أيا كان عربيا كان أم أجنبيا مجبول بالفطرة على حب السلطة والقيادة والرئاسة وأن يكون هو الآمر الناهي في كل شيء من حيث يعلم ويدري بذلك أم لا!. ولكن يكمن الفرق بين من يحب السلطة والرئاسة والمنصب من أجل تقديم الخير للناس وللصالح العام بعيدا عن أي طمع مادي او ثراء او أي أمتياز، وبين من يريد ويرغب ويتمنى الحصول على المنصب من أجل التربح والثراء والفساد والحصول على الأمتيازات!.وكذلك الفرق كبير بين من يحب السلطة والمنصب في الغرب وبيننا نحن العرب؟، حتى صارت أحد أمراضنا، وواحدة من أخطر آفاتنا كما في وصف أبن خلدون لنا الآنف الذكر. فهناك الكثيرين عندنا الآن يحبوا ويتمنوا أن يكونوا وزراء أو مدراء عامين أو في أي منصب فيه مسؤولية من أجل أن يقدموا كلما يقدرون ويستطيعون عليه من خير للبلاد والعباد وذلك من خلال وضع كل خبراتهم وتجاربهم لخدمة وطنهم وتقدمه بكل أخلاص ونزاهة ومهنية وتفاني ووطنية بعيدا عن أية أطماع مادية والحصول على أمتيازات. ولكن المحاصصة السياسية والطائفية البغيضة التي يتمسك بها قادة الأحزاب السياسية في العراق منعت الكثير من أمثال هؤلاء الشرفاء من تسنم المسؤوليات والمناصب التي تخدم الوطن!. وعلى العكس من هؤلاء فعندنا أيضا من يحب ويحلم بالمنصب وبأن يكون مسؤولا أو مديرا أو وزيرا لا من أجل خدمة الوطن والشعب بل من أجل التسلط على رقاب الناس ومن أجل الوجاهة والثراء والسرقة ونهب المال العام ومن أجل تعيين الأخوة والأقارب وحتى كل أبناء العشيرة، وأمثال هؤلاء هم من أبتلى بهم العراق وملئوا كل وزارات الدولة ودوائرها ومرافقها منذ تشكيل أول حكومة برئاسة الدكتور أياد علاوي عام 2004 ولحد الآن وكانوا أحد الأسباب في خرابه!. فكم واحد منا طاف به الخيال بعيدا وتمنى أن يكون رئيسا للحكومة! لكي يقضي على الفساد ويضرب الفاسدين بيد من حديد ويقيم الحق والعدل ويساوي بين الناس ويحقق لهم الأمن والأمان والرفاه والعيش الكريم بعد أن فشل كل رؤوساء الحكومات الذين قادوا البلاد منذ 2003 ولحد الان في ذلك. ولا بد من الأشارة هنا بأنه عندما يكون الشخص خارج المسؤولية ومناصبها وألتزاماتها وبكل تفاصيلها شيء، وأن تكون على رأس السطة شيئا آخر، حيث المغريات القوية والضغوط الداخلية والخارجية الأقليمية منها أو الدولية شيئا آخر!! وتبقى (النفس أمارة بالسوء ألا ما رحم ربي/ صدق الله العظيم). فالذي نراه الآن من تكالب وتقاتل على السلطة والمناصب في العراق، منذ الأحتلال الأمريكي له عام 2003 أظهر بوضوح أن كل من تبؤوا السلطة والرئاسة من الأحزاب السياسية كانوا طلاب سلطة وليس بناة دولة فعملوا من أجل مصالح أحزابهم السياسية ومصالحهم الشخصية، بعيدا عن مصلحة الوطن والشعب، حيث لم يشكل العراق وأعادة بناءه ورفاه شعبه أولوية لديهم، بقدر ما شكل ذلك فرصة ليس لنهب وسرقة خيرات العراق فحسب بل لتدميره وتحطيمه!. أما عالم السياسة في الغرب فهو يختلف عنا تماما، فالحصول على المنصب أيا كان ذلك المنصب رئيس وزراء أو رئيس جمهورية أو وزير أو حتى مدير يدخل في تنافس بين المتقدمين على أساس المهنية والكفاءة بعيدا عن السياسة والتحزب والتمذهب والعشائرية، فهو ليس صراعا يصل في آحايين كثيرة الى حد التهديد بالتصفية الجسدية والقتل والأغتيال كما هو الحال عندنا!ا، وهناك فرق كبير بين التناقس المبني على الكفاءة والمهنية وبين الصراع المبني على كل ما هو غير قانوني وغير صحيح ،كما أن الحصول على المناصب لدى الغرب هو ليس لأرضاء نزوة وأشباع مركب شعور بالنقص كما أظهر ذلك لدى أغلب سياسيينا وقادة أحزابنا، حتى وصفوهم بسياسي الصدفة والحظ والأقدارالمضحكة!. فالمسؤول في الغرب لا يعاني من كل هذه العقد الأجتماعية، لذا فهو عندما يطمح الى المنصب والمسؤولية لا لشيء, فقط لكي يشارك ويضيف لمسة من الأبداع في مسيرة الحكومة وبالتالي لكي يشارك في مسيرة بناء وطنه بكل أخلاص وتفاني وحب ووطنية ونكران ذات.(في غالبية البرلمانات في العالم وتحديدا في الغرب ليس لعضو البرلمان أية أمتياز نهائيا، كما أنه يتقاضى نفس راتبه الذي كان يتقاضاه في عمله قبل أن يصبح عضوا في البرلمان أن كان مهندسا معلما طبيبا عاملا!!،لأنهم يعتبرون عملهم كأعضاء في البرلمان تكليف وطني يتشرف به من أجل خدمة وطنهم وشعبهم, في حين أن عضوية البرلمان لدينا تكون أشبه بطاقة القدر كما يقال! وكنز ينفتح على العضو من رواتب وامتيازات ومنح خرافية وما الى ذلك الكثير!؟). فلا أعتقد أن هناك ثمة مقارنة بين الصراع والأستقتال على المناصب لدى سياسيينا بالمقارنة مع سياسيي الغرب في تنافسهم النزيه والشفاف والواضح للحصول على المناصب وتسلم المسؤوليات، من أجل الوطن وتقديم الخدمات للمواطنين. فعلى سبيل المثال، أن وزير الكهرباء الياباني وكبار موظفي الوزارة يزورون مخيم أيواء الأشخاص الذين تشردوا وتضرروا بسبب (التسونامي) الذي تعرضت له اليابان قبل 4 سنوات والذي أدى الى تدمير بعض المدن والولايات مما أضطر الحكومة اليابانية الى أقامة مخيم لهم توفرت فيه كل سبل الحياة!، وعندما زارهم الوزيرحينها كان لتقديم الأعتذار لهم وهو محني الرأس بسبب انقطاع الكهرباء عن المخيم لمدة نصف ساعة!!!!.في حين أن اكثر من 50 مليار دولار سرقت من قبل وزراء الكهرباء في العراق وظلت الكهرباء معطلة منذ عام 2003 ولحد الان وستستمر كذلك!؟. نعود أخيرا، الى مقولة بن خلدون وكم كان دقيقا بوصفه بأن آفة العرب الرئاسة، لأنها تعني لدى الغالبية منهم, التسلط والوجاهة وتعيين ذووي القربى وسرقة ونهب المال العام واكل السحت الحرام وغيرها الكثير، ويبدوا أن هذه الآفة عشعشت في تلابيب وتجاويف عقولنا ونفوسنا صغيرنا وكبيرنا مثقف كان أم أمي متعلم كان أم جاهل، وأصبح الغالبية منا لا يستطيعون الأنفكاك منها! ، ولا حول ولا قوة ألا بالله.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here