السعودية تقود حربا في بحار اليمن لا يلتفت إليها أحد

كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن قصف أهدافاً مدنية في البحر، وشن هجوما على العديد من قوارب الصيد وقتل العشرات، ولم يلتفت إليها أحد.ورصدت الصحيفة في تقرير مطول للكاتب ديكلان والش، المعاناة التي يتعرض لها الصيادون في بحار اليمن تحت قصف متواصل وإطلاق نار مستمر، والذي جاء تحت عنوان “الموت في بِحار اليمن: صيّادون تحت القصف في الحرب السعودية”.

ونقلت الصحيفة على لسان خبراء في الشؤون البحرية ومسؤول سابق في الأسطول الأمريكي ومحققين تابعين للأمم المتحدة وكثير من المسؤولين اليمنيين، أحاديثهم عن اشتباههم في أن قوات التحالف بقيادة السعودية مسؤولة عن بعض الهجمات على الصيادين، إن لم يكن جميعها.وأشارت إلى أن “الزوارق البحرية السعودية والإماراتية تسيطر على مياه البحر الأحمر حيث وقعت عمليات القصف وإطلاق النيران، وفي إحدى المرات، دفع مسؤولون سعوديون ما يقرب من 500 ألف دولار نقداً لأُسَر الصيادين الذين لقوا مصرعهم في هذا الهجوم”.وتعد منطقة جنوب البحر الأحمر واحدة من أكثر الممرات المائية ازدحامًا وأهمية تجارية وخطورة في العالم، حيث تمر ناقلات عملاقة محمّلة بنحو 5 ملايين برميل من المنتجات النفطية عبر مضيق باب المندب يومياً، وهو مضيق يبلغ عرضه 18 ميلاً ويفصل بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي.

ولا تخلو هذه المنطقة من الدوريات التي تضم سفنًا حربية من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى لمواجهة القراصنة ومهرّبي المخدرات والأسلحة.

وأوضحت الصحيفة أن عشرات المدنيين لقوا مصرعهم في هذه المنطقة قبالة ساحل اليمن منذ بدء الحرب بقيادة السعودية عام 2015، والكثيرون من هؤلاء المدنيين كانوا مجرد صيادين اشتبهت قوات التحالف في أنهم مهرِّبون أو مراقبون تابعون لجماعة انصارالله. وقد ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة في سبتمبر أن 40 صياداً على الأقل قتلوا أو تعرّضوا للاختفاء ضمن 11 ضربة جوية ضد قوارب للمدنيين بين نوفمبر 2015 ومايو 2018.

وأكدت أن القصف تصاعد في فصل الصيف الماضي مع تكثيف قوات التحالف لهجماتها على ميناء الحديدة الرئيس الواقع تحت سيطرة جماعة انصارالله، مشيرة إلى أنه في يوليو الماضي قصفت سفن حربية تابعة لقوات التحالف مواقع لجماعة انصارالله الذين ردّوا بإطلاق زوارق سريعة مزودة بالمتفجرات نحو ناقلات النقط السعودية، ما دفع السعودية لوقف عمليات نقل النفط عبر البحر الأحمر مؤقتاً.

وفي تصريح صدر عن السفارة السعودية في واشنطن، أكّد المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العقيد تركي المالكي أن سفينة تابعة لقوات التحالف قد فتحت النار على قارب يسمّى “الأنصار” وأسرت 12 صياداً، مشيراً إلى أن طاقم القارب تجاهل التحذيرات الصادرة من سفينة حربية كانت ترافق ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر، وأضاف أن ثلاثة من الصيادين المحتجزين اتضح أنهم “من جماعة انصارالله”.

ورفض العقيد المالكي الإجابة عن أسئلة وُجّهت إليه حول الهجمات الخمس الأخرى التي وقعت بين تاريخي 1 أغسطس و15 سبتمبر التي قال إنها أحيلت للجنة التحقيقات الداخلية التابعة لقوات التحالف، والتي ترى منظمات حقوق الإنسان أنها لجنة عديمة الجدوى وأن عملها لا يرقى للمعايير الدولية.

وقالت الصحيفة: “من الصعوبة بمكان تحديد المتورطين في الهجمات البحرية لا سيّما في حرب تشوبها الفوضى والغموض كما هو الحال في حرب اليمن. فطرفا الصراع – وهما قوات التحالف بقيادة السعودية وجماعة انصارالله -نفّذا هجمات في عرض البحر”.

وأضافت: “رغم أن الدعم العسكري الأمريكي لقوات التحالف بقيادة السعودية في البحر أقل بكثير من الدعم الذي تتلقاه عملياتها الجوية، فإنه يظل هناك تعاون وثيق في عدة نواحٍ أخرى؛ فالولايات المتحدة تتبادل المعلومات الاستخباراتية مع القوات البحرية السعودية كما أنها قصفت محطات رادار تابعة لانصارالله.

علاوةً على ذلك، فالقوات البحرية السعودية تستخدم مروحيات أمريكية، وضبّاطها تلقوا تدريباتهم لدى إحدى الشركات في فرجينيا”.

وأوضحت أن بعض الهجمات التي شنتها قوات التحالف في البحر استُخدمت فيها طائرات عسكرية مزوّدة بقنابل أمريكية موجَّهة بالليزر، وكانت ناقلات أمريكية عملاقة تزوّدها بالوقود حتى الشهر الماضي.

واستبعدت “نيويورك تايمز”، أن يؤثر قرار بعض الدول الأوروبية الخاص ببيع الأسلحة للرياض وكذلك القرار الأمريكي بوقف تزويد طائرات التحالف العسكرية بالوقود، على الحرب التي تدور رحاها داخل البحر في اليمن.

ففي العام الماضي، باعت الولايات المتحدة 10 مروحيات بحرية للسعودية في صفقة بلغت قيمتها 1.9 مليار دولار. واستفادت شركة بوز آلان هاميلتون، المتعاقدة مع وزارة الدفاع الأمريكية، عشرات الملايين من الدولارات جراء تدريب القوات البحرية السعودية على مدار العقد الماضي. وقد صرح المتحدث الرسمي للشركة بأن آخر تعاقد مع السعودية انتهى في يوليو 2017.

يذكر أن ستيفن توماجان، وهو ضابط متقاعد في الجيش الأمريكي، يتولى حالياً قيادة أسطول من المروحيات العسكرية الإماراتية.

وقالت كريستين بيكرلي، الباحثة في الشؤون اليمنية لدى منظمة هيومان رايتس ووتش: “يتعرّض الصيادون اليمنيون للقصف في قواربهم حالياً تماما كما كان الوضع قبل ثمانية عشر شهراً. لم يتغير أي شيء”.

وأكدت الصحيفة أن قصف الصيادين أدى إلى تراجع في نشاط الصيد ضمن تدهور اقتصادي واسع النطاق أصاب البلاد جراء الحرب السعودية التي خلّفت وراءها أزمة غذائية طاحنة في الحديدة وهي واحدة من أكثر محافظات اليمن فقراً وأشدها تعرضاً للجوع

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here