قراءة في مذكرات برزان التكريتي .

تنشر جريدة المشرق البغدادية على صفحاتها سلسلة متواصلة من مذكرات برزان التكريتي الأخ الغير الشقيق للرئيس الراحل صدام حسين . تلك المذكرات التي وجدها الامريكان في بيت الراحل برزان أثناء أعتقاله موجودة ومحفوظه في صندوق حديدي لاربعمئة صفحة على ورق أبيض مصقول ومكتوب بعناية تحت عنوان .. السنوات الحلوة والسنين المرة .

بعد حفنة سنيين من مصادرتها من قبل الامريكان . يقوم موقع أمريكي بنشر تفاصيلها ؟.

قد يتعجب البعض من الوقوف عندها والكتابة حولها , وكأننا تجاوزنا داعش ومشاكله وأزمة الحكومة والصراع الطائفي الشيعي الشيعي حول فالح الفياض ؟.

الأبرز في تلك الأوراق الازمة العائلية ( العشائرية ) بعد أن أقترن حسين كامل ببنت الرئيس صدام الكبيرة ( رغد ) وفيما بعد أرتباط أختها ( رنا ) بأخ حسين كامل صدام كامل , الذي جسد شخصية صدام ببطولة فيلم الايام الطويلة حول تاريخ صدام في تصديه لموكب الزعيم قاسم في رأس القرية بشارع الرشيد عام ١٩٥٩ وعلى أثرها جرح وذهب الى سوريا لاجئاً . تلك المرحلة ما زلنا بحاجة الى من يكشف أوراقه , والتي الى الأن لم تتساقط رغم صفارها . فيلم الايام الطويلة من أنتاج العراق وأخراج توفيق صالح وكتابة السيناريو صدام حسين وتوفيق صالح .. وجسد شخصية صدام صهره صدام كامل تحت أسم محمد .

برزان وأخوانه سبعاوي ووطبان . يعلنون مقاطعتهم لعائلة الرئيس بعد أن أقترنا الأخوين ببنات الرئيس بأعتبارهما حسب رواية برزان في مذكراته ( نغليين ) أي السيد كامل والد حسين وصدام . كان على علاقة غير شرعية مع أمرأة مشبوهة تعيش في سامراء أسمها ( حسنة ) هي والدة حسين كامل والتي أختفت في ظروف غير طبيعية .

مذكرات الراحل برزان رغم بساطتها لغةً وأسلوباً , لكن توحي للمطلع مصيبة العراق الكبرى في تولي قيادته ومصيره طيلة مسيرة من الاعوام في الحقد والصراع الداخلي والانتقام . على يد شلة من البشر مهوسون ومصابون بنفس ممزقة . يصف الراحل برزان عائلة صدام بدأ من زوجته ساجدة الى أولادها بكلمات غير لائقه وبذيئه ويحملها مسؤولية بما ألت اليه الاوضاع , رغم التشابك الأسري بينهما , حيث برزان وأخية وطبان مقترنيين ببنات خالهم خيرالله طلفاح , أي خوات ساجدة مرة صدام , لكن برزان يصف زوجته أحلام ( بشجرة الدر ) . بما تتصف به من نبل وصدق حسب أدعائه .

ينقل برزان من خلال مذكراته معاناته الحقيقية في الصراع من ثمة مشاكل عائلية , كان بها المحور وحلال المشاكل في تهدئتها . بدأ من أبن الرئيس عدي ومشاكله مع والده , والتي أستفحلت بعد زواج والده من السيدة سميرة الشاهبندر ومقتل ذواق طعام السيد الرئيس كامل حنا ججو , والذي بات حافظ أسرار الرئيس في علاقاته الخاصة .

العراقيون يعرفون جيداً دور برزان الدموي منذ أن كان عمره ١٢ عاماً في أنقلابي ١٧ و٣٠ تموز ١٩٦٨ . والمسؤوليات التي ألقيت على عاتقه في مجالات الأمن والمخابرات ومسؤولية الحرس الخاص . دوره المشهود في مجزرة قاعة الخلد تموز ١٩٧٩؟ . ومحاولة أنقلاب ناظم كزار ١٩٧٣؟ . اللتان مازالتا تحتفظ بجوانب مهمة مخفية عن الرأي العام , وهو الأدرى بتفاصيلها وفضحها أهم من سبر أغوار خلافات العائلة وزيجاتهم وحفلات المجون .

أعدام درويش البعث عبد الخالق السامرائي على هامش عرض مسرحية المؤامرة على قاعة الخلد ؟.

وظيفته الدبلوماسية في جنيف ممثل للعراق في الأمم المتحدة حسب روايته , كانت عقوبة له لابعاده عن المشهد السياسي العراقي , الذي كرسها في مذكراته حول مرض زوجته ( شجرة الدر ) وتفاصيل دخولها للمستشفى وموتها . ومتابعة أولاده ومدارسهم . ولم يخبرنا بعدد محطات المخابرات ومهامهم في أوربا والعمليات التي نفذوها .

لم يتطرق قط الى نضال الشيوعيين وموقفهم من الوطن وأساليب أعتقالهم وتغيبهم في سراديب أجهزته وعدد الشهداء وأماكن قبورهم وشرعية المحاكم في أجهزته باعتباره كان رئيساً لتلك الأجهزة في تعقب الشيوعيين ؟.

كان الأدرى والأجدر به وهو العارف بقرب مصيره على يد المحتلين الامريكان أن ينطق للتاريخ في قول الحقيقة وكشف المستور .

المذكرات سيرة حقيقية كمرأة تعكس الواقع , الذي عاشه الانسان سواء كان مناضلاً أو مسؤولاً أو سياسياً أو مواطناً بسيطاً . وحتى تأخذ مدياتها الحقيقية في الحياة والمجتمع والصدى البعيد يجب أن يتحلى بها من يرويها بالصدق والشجاعة والأمانة ونكران الذات والوطنية غير ذلك تكون سحابة عابرة غير مؤثرة . مثلما ستكون مذكرات المرحوم برزان .

محمد السعدي

مالمو

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here