القنبلة الموقوتة

مازال صدى قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا يشغل الرأي العالمي بشكل واسع جدا ، وتعددت الاحتمالات أو التوقعات لأسباب التي تقف وراء هذا القرار الصعب على إدارة البيت الأبيض .
الإعلان الأمريكي جاء بعد ما أكملت قوتها مهمتها في سوريا والقضاء على داعش ، لكن في حقيقية الأمر هناك عدة ملفات مازالت شائكة ومعقدة لم يشير إليه هذا الإعلان ، وهي ملفات خطر وحساسة ، وعدم الإعلان أو الإشارة إليه يعطي دلائل واضحة عن هناك مخطط لصناع القرار الأمريكي .
بحسب معلومات رسمية ومؤكدة من عدة إطراف سوريا إن القوات الأمريكية تحتجز بحدود إلفين مقاتل من عناصر الفصائل أو المجموعات المسلحة ، وقد يكونوا أكثر من ذلك تحتجزهم القوات الأمريكية لوقت لهدف أو لغاية معينة .
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة ما هو مصيرهم مهما كان عددهم ؟، أو سيتم تسليمهم لحلفائها إما إن هناك حسابات أخرى تسعى إلى تحقيقها إدارة ترامب .
أمريكا خسرت حربها ورهانها في سوريا من خلال كل الوقائع والحقائق سواء على مستوى الطاولة أو على الأرض ، وهذا لا يعني خسرتها النهائية ، بل ما زالت أمريكا لديها بعض الأوراق ستلعب به حتى نهاية المطاف الذي يضمن مصالحها ، وان لا تخرج من سوريا خاسرة حربها مع خصومها، وليبقى المشهد السوري معقد على جميع اللاعبين .
احد أورقها التي ستلعب به وتفاوض أو تتحاور مع الآخرين العناصر المحتجزة في سجونها ، ومسالة عودتهم لبلدانهم مسالة مرفوضة تماما من دولهم ،وحتى قضية بقائهم في سوريا تحت إي مبرر أو مسمى سيشكلون مصدر تهديد وقلق للجميع .
رغم إن الإدارة الأمريكية أعلنت قبل قرار انسحابها بوجود خطة لنقلهم خارج سوريا ، لكنها لم تقوم بذلك مما يؤكد استمرار أمريكا في حجزهم دون نقلهم أو تسليمهم بوجود نوايا أو مأرب شيطانية للأمريكان تسعى إلى تحقيقيها من خلال الاحتفاظ بهذه الورقة الرابحة ،وهذه المجموعات عبارة عن قنابله موقوتة تنفجر في إي لحظة متى ما تهيئة لها الظروف المناسبة .
وبعيدا عن صدق النوايا الأمريكي من الانسحاب يبقى البواب مفتوح عن تتراجع الولايات المتحدة عن المضي بسحب قوتها من سوريا خلال المدة المعلنة منها لان هناك معارضة كبيرة من الداخل الأمريكي ، ومن اغلب حلفائها وفي مقدمتها إسرائيل أو تتذرع أمريكا بعدة ذرائع وتتراجع عن قرارها المفاجئة الذي يحمل علامات استفهام كثيرة بعد إن تحقق مأربها وفق حساباتها ومخططاتها .

ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here