لنحتفل بأعياد الميلاد فرحين وكفانا بكائيات

عبد الاله الصائغ

المجد لله في العلاء وعلى الأرض السلام
وقال يسوع عليه السلام (وأما أنا فأقول لكم أَحِبُّوا أعداءَكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغِضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئُون إليكم ويطردونكم ) .
قال عمر ابو ريشة ( 1910 – 1990 ) في قصيدة صلاة مازجاً بين الصليب والهلال:
ربِّ طـوَّقــتَ مـغـانـيـنـا جـمـالاً و جـلالا
و تـجـلـيـتَ عـلـيـهـنَّ صـلـيـبـاً و هـلالا
المبتدأ والخبر ———————————————
محنة العربسلاميين ومقتلهم امس واليوم وغدا هو صحارى الكراهية ذات الرمال المتحركة بين أمتين هما أمة الهلال وأمة الصليب وما بينهما وخلفهما ! وجعلهما مسباراً لتجلي الذات الإلهية !! الكراهية معدومة الحواس الخمس بله القدرات العقلية والقابليات الأخلاقية . !!
العرض ————————————————–
ليس الحزن صديقا لأحد البتة مع مزاعم البعض أن الحزن جعله مبدعاً مهماً او عاشقاً معشوقا او حكمة محبوكة أو نجماً ساطعا ! لكن الفرح صديق كل الأعمار يقيناً وصديق كل الطبقات ! وليت شعري لماذا نعشق الحزن رداءاً وبكاء ؟؟!! جاءت أعياد الميلاد وهي سانحة عظيمة لكي نتخفف من ثقل أحزاننا لكي ننسى تصدّع بنياننا الوطني والعربي لكي نكبح الإرهاب بكل وجوهه العنصرية العشائرية الدينية السياسية الاقتصادية المذهبية اللغوية اللونية الانترنيتية الجغرافية التاريخية …. الخ !! ونلتحق بمواكب الأممية التي لاتعترف بغير الانسان مركزاً في السماء والأرض ولا تشجع الاختلافات بين الناس تحت اي عنوان ! لنترك الشكوى مستبدلين إياها بالنجوى ولنعرض بوجوهنا عن كل قبيح ولنيممها صوب المليح ! وما الذي يفرق بيننا نحن القاطنين في امريكا المتجنسين بجنسيتها ما الذي يبعد بيننا وبين من سبقنا في الهجرة الى امريكا ؟ هذا ايليا ابو ماضي ينادينا بجماليات السكسسفون :
أيهذا الشاكي ومابك داء كيف تغدو اذا غدوت عليلا
إن شرَّ الجناة في الأرض نفساً تتوخى قبل الرحيل الرحيلا
والذي نفسه بغير جمال لايرى في الحياة شيئاً جميلا
هذا القول الفلسفي الجمالي قاله رجل مثلنا شرقأوسطي هو ايليا ابو ماضي ( 1889 – 1957 ) الذي اتخذ من امريكا الخير مكاناً لمهجره ! ابو ماضي سبقنا الى الهجرة منذ سنة 1912 فاستقر أولا بولاية أوهايو أربع سنوات ثم اختار نيويورك ليشارك بتأسيس الرابطة القلمية وفي 1929 أصدر مجلة السمير ! ( هل عندنا اليوم مجلة كمثل سمير ؟؟؟؟ ) صفوة القول : كان ابو ماضي إنساناً قبل ان يكون ذا دين وذا وطن وذا هوى مع انه ممتاز في دينه ووطنه وهواه ! وليت شعري هل يوجد عندنا اليوم بأمريكا مهاجر بوزن وتأثير ابو ماضي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ! مالذي حصل ويحصل بحق اعياد الميلاد ! اين الشاعر الجريء الذي يقول كما قال ابو ماضي :
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لستُ أدري !!
ولو حصل ( ولن يحصل ) وقال شاعراليوم مثل طلاسم ابي ماضي لانبرى له ألفٌ ممن يشتمه وألف ممن يكفره وألف ممن يخونه ! فهل نحن في حلم أم علم وهل نحن نمشي الى الوراء بحق السماء ؟ نزار القباني :
ذروة الموت أن تموت المروءاتُ ويـمـشـي إلــــى الـوراءِ الـوراءُ .
انا( وأعني انت هو هي ) انا إنسان أولا وإنسان ثانيا , اما علاقتي بربي فهي علاقة خاصة لن تختلف عن علاقة العاشق بالمعشوق ومن يتظاهر بعلاقته مع ربه امام الناس فهو أما مختل أخلاقياً أو دينياً او عقلياً ! لنتحدث عن اعياد الميلاد بدم بارد بعيداً عن تورم الذات او جلدها ! الغرب المسيحي ( ومعه جل العالم ) يحتفل بميلاد يشوع عليه السلام متناسياً عذاب مريم العذراء حين اتهمها الغوغاء بعذريتها ؟ متناسياً مكابدة سيدنا المسيح وحمله صليبه في الطريق الى الجلجلة لكي يسمر عليه ! الغرب يحب الابتسامة حد الهوس ويعشق الفرح والأعياد حد الإعياء ! وانظروا كيف يستقبل الغرب بل كل الدنيا أعياد الميلاد المجيد ؟ فرح رقص كرنفالات مبهجة بيع السلع بربع سعرها ! اما نحن الشرقيين فرأس السنة الهجرية عندنا بدأت كما يوقت مؤرخونا باستشهاد سيدنا الحسين بن علي عليهما السلام فكيف نحتفل برأس السنة الهجرية ؟ ولماذا وبماذاوكيف نحتفل ؟ اذن تبدأ مناسبة الميلاد الاسلامي بالبكاء والحداد والسواد ومن شذَّ كما يقال شذ الى نار جهنم ؟ يقول حميد المهاجر ( لو خيرني الله بين الجنة وبين البكاء على الحسين لقلت له دون تردد خذ جنتك لا اريدها واتركني مع دمعة الحسين ) ياللهول ؟ بل ان جماعة المهاجر يبتهلون الى الله في الصلاة وخارجها ( يارب اجعل كل يوم عاشوراء يارب اجعل كل ارض كربلاء ) فكيف يحتفل هؤلاء بأعياد الميلاد ؟؟ نحن اقتبسنا من الغرب الكهرباء والسيارة والطيارة والبرلمان والديموقراطية والدواء ولم نستشعر اننا خرجنا عن الدين ؟ فلماذا لانقتبس منهم عشق الفرح والاعياد ونحن ندري ان الحسين الشهيد أمس واليوم وغداً سعيد في الجنة وهو القائل ( لستُ شهيدَ العَبْرة بل انا شهيد العِبْرة ) فمن ذا الذي يجرؤ فيحتفل برأس السنة الهجرية ويعلن الفرح ويسمي العشرة الأوائل من السنة الهجرية عيدا ؟ يقينا سوف يفتكون به : ليس حباً بالحسين العظيم فقط بل خوفاً على مؤسساتهم التي تضخ آلاف الدولارات بل الملايين !! انا عبد الاله الصائغ درَّستُ في شمال افريقيا ( ليبيا المغرب تونس ) ثماني سنوات وهناك يحتفظون بلا وعي جمعي بتقاليد الدولة الفاطمية التي حكمتهم (قامت الدولة الفاطمية سنة 959م، ، وتكلم الفاطميون اللغة العربية إلى جانب السريانية، والبربرية، والقبطية، تمددت الى الأقاليم البعيدة: بلاد الشام، وبلاد المغرب الى مصر ) , ويبدو لي ان الفاطميين كانوا يحتفلون ويفرحون بقدوم عاشوراء ! وتلقف منهم المغاربة تلك الطقوس ففي الاول من عاشوراء تستيقظ الشعوب المغاربية ( المغرب تونس الجزائر ليبيا ) مبكرةً ويطبخون ويوزعون الطبخ على الجيران والفقراء ويرتدون أفخر ملابسهم ويتعانقون ويقبل بعضهم بعضا ويتبادلون الزهور ! وكنتُ أسمع المغاربي او المغاربية (خلال سنواتي الثمان) يقول لصاحبه او صاحبته مبروك عويشيرتك ! والأجيال هناك تجهل ان ميقات عاشوراء كان فيه استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ولكنني حين ناقشت حكماءهم ومؤرخيهم ادركت انهم سعداء لانهم موقنون أن الحسين الشهيد سعيد ولآن الحسين وصحبه في الجنة ولآن الحسين أسقط عروش الظلم ؟ وعبد الاله الصائغ قال في معلقة الحسين :
إن تكن أيها الشهيد سعيداً فلماذا ننوءُ بالأحزان
ولماذا السواد في كل بيت ولماذا الحداد لَحْنُ الأغاني

وكانت قصيدتي قبل سنيهات هذه تبث أيام عاشوراء في كربلاء والنجف والكاظمية بناء على اقتراح ممثل الأوقاف وقتها واستئذانه مني على إذاعتها ! ولم يعترض أحد او يكفرني أحد بل ان الكثير وضعها على اليوتوب !!! مالذي حصل او يحصل اليوم وبخاصة بعد سقوط بغداد 2003 ومجيء سلطة الاسلام السياسي الغاشمة ؟؟ سوء حظ ليس سوى سوء الحظ ان الميلاد في الغرب بسمة جذلى بينما الميلاد في الشرق دمعة حرّى ! لن اقترح شيئاً في زمن التشدد والتمذهب والتخلف والخرافة ؟ ولكن اتمنى ان لايكفر احد منا اي مسلم يحتفل بأعياد الميلاد المجيدة ؟ ففي دولة مغاربية درَّستُ فيها , نظر حاكمها المستبد الى أعياد الميلاد من زاوية لئيمة ماكرة فاعتد الاحتفالَ بالسنة الجديدة جريمةً يعاقب عليها القانون لأن المحتفل يمارس طقوساً غربية استعمارية ! وكانت أزلام ذاك الحاكم تتجول في الزنقات وتتشمم وتتسمع كي تصطاد العائلة التي تحتفل فتشعل الشموع وتطرب للموسيقا!! ذهب ذلك الحاكم وبقي شعبه يحتفل باعياد الميلاد وفق الحسابين الميلادي والهجري ! فيا مهاجري الشعوب العربسلامية شاركوا الغرب الذي آواكم وأمنكم حين ضاقت بكم بلدانكم شاركوهم بأعياد الميلاد المجيد , ورحم الله من قال :
فدارِهِمْ مادمت في دارِهمْ وأرضِهِمْ مادمتَ في أرْضِهِمْ
ولا احب ان ينبري لي مخرف متشدد ويقول هل تطلب منا ان ننافق الغرب فنداريهم ؟! واخلاقنا تمنعنا عن النفاق ؟ وأقول له أنتَ تحمل الجنسية الفرنسية مثلا وتتلقى المساعدات الطبية والمعيشسة من فرنسا ولا تعتد ذلك نفاقا ولا حراماً !! انت مواطن فرنسي وفرنسا تعاملك واحداً من ابنائها فأين النفاق ومتى ولماذا وكيف ؟ فيا أصدقائي ويا مَنْ يعجبه كلامي ويا من لايعجبه تعالوا لنحتفل معا بأعياد الميلاد المجيد ولتشعر الدنيا كل الدنيا اننا شعوب تحب الفرح وتحبذ العيد ولنردد مع بعضنا ولبعضنا : عيد ميلاد مجيد / سنة سعيدة للجميع دون استثناء ولنشعل الشموع ولتصدح الموسيقى والخلاصة الأولى أقول متفائلا سيكون عام 2019 عامَ خيرٍ يعم البشرية كلَّ البشرية سيكون عام توقف الحرب المجرمة ضد أهلنا في اليمن المظلومة والحرب الظالمة ضد شعبنا في ليبيا وسوريا والعراق وفلسطين وعام الصفاء بين جميع الشعوب ! وأسأل الله ان تنضب آبار النفط العربسلامية لكي تنضب اسباب السرقات والفساد , نزار القباني مرة اخرى :
وحدويون ! والبلاد شظايا كل جزء من لحمها أجزاءُ
ماركسيون ! والجماهير تشقى فـلـمـاذا لا يـشـبـع الـفـقـراءُ
لايـمـيـن يـجـيـرنا أو يـسـار تحت حد السكين نحن سواءُ
قتل النفط مابهم من سجايا ولقـد يـقـتـل الـثـريَّ الثراءُ
يا اصدقاء الفرح من كل الاعمار والأقطار تعالوا نتفاءلوا بالعام القادم فهو آت مثل بابا نوئيل مثقلاً بالهدايا للمسلمين والمسيحيين والصابئة واليهود والبوذيين لجميع البشر دون استثناء دون النظر الى اي حدود مصطنعة بين البشر والقارات … والخلاصة الثانية ليكن العام الجديد سانحة للمصالحة للمسامحة للتراحم ! نتذكر آباءنا وامهاتنا وكل كبار السن ونحتضن الأطفال وننحني للنساء ! سانحة لمساعدة المحتاجين ونلتفت الى مثقفينا فندعمهم لكي يطبعوا كتبهم ! مواطن الخير كثيرة وفيرة غزيرة … ويراها كل ذي عينين ! .
وليعش الفرح وليسقط الحزن ! ولتزْدَد الأعياد وليحفظ الله البلاد التي آوتنا وتعاملت معنا بوصفنا ابناءها !! وليحفظ الله بلداننا التي ولدنا فيها ونشأنا ,
عبد الاله الصائغ مشيغن المحروسة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here