زيارة بومبيو إلى بغداد: إنذار للعراق بشأن الغاز الإيراني .. لا بدائل حتى الآن

أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، خلال زيارته غير المعلنة عنها الى بغداد، يوم أمس، على أهمية استقلال العراق في مجال الطاقة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وذلك قبل شهرين من انتهاء المهلة التي حددتها واشنطن للعراق للإلتزام بالعقوبات الأميركية على طهران.

وبحث رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أمس الاربعاء، مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التزام الولايات المتحدة بدعم العراق والتزامها بسلامته الإقليمية، كما بحثا الدعم الأمريكي لاستقلال العراق في مجال الطاقة، بحسب بيان صدر عن رئاسة الوزراء.

ونقلت مصادر اعلامية عن مصدر سياسي مقرب من رئاسة الجمهورية قوله إن “القادة العراقيين طلبوا من بومبيو مجدداً استثناء العراق من العقوبات المفروضة على إيران، فيما أبدى المسؤول الأميركي تخوف بلاده من ازدياد النفوذ الإيراني في المنطقة، داعياً إلى “الاستمرار في خطوات تحقيق استقلال البلاد في مجال الطاقة”.

ولغاية الآن ما زال العراق يعتمد على إيران في استيراد الغاز، بسبب الاخفاقات الحكومية المتراكمة في إنتاج الكميات التي تسد حاجة البلاد، حيث أكدت وزارة النفط العراقية في تصريحات لمسؤوليها مؤخرًا أنه لا يمكن الاستغناء عن استيراد الغاز من إيران حالياً ، لعدم وجود أي بدائل في الوقت الراهن ، خاصة وأن إيران أقرب نقطة لتزويد العراق بالغاز عبر الأنابيب ، إذا يستورد نحو 600 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم ، وهذه الكمية لا يمكن تعويضها من دول الجوار, فيما يخطط العراق للاستغناء عن الوقود الإيراني بعد عامين أو ثلاثة.

وتشير تقارير رسمية، إلى أنه في عام 2018 بلغت صادرات الغاز من إيران إلى العراق 154 مليون قدم مكعب، مما سمح لبغداد بتوليد ما لا يقل عن 1000 ميغاواط من الكهرباء، مع خطط لزيادتها إلى 4000 ميغاواط.

ووفقًا لشركة “بي پي (BP) “المختصة في مجال الطاقة فإن العراق يشتري الغاز الإيراني بسعر 11.23 دولار لكل ألف قدم مكعب، مقارنة بـ 5.42 دولار دفعتها ألمانيا لشراء غاز أبعد مسافة من روسيا، أو 6.49 دولار دفعتها الكويت للغاز الطبيعي المسال، أو حتى 7.82 دولار دفعتها اليابان مقابل الغاز الطبيعي المسال.

ويشير تقرير أعده معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى نشره الأسبوع الماضي، إلى أن العراق يهدر  حالياً ما يقرب من 2.5 مليار دولار من الغاز الطبيعي سنوياً نتيجة حرقه، أو ما يعادل 1.55 مليار قدم مكعب في اليوم عشرة أضعاف الكمية المستوردة من إيران.

وبحسب التقرير, فإن الحكومة العراقية لغاية الآن لم تعمل على حل مشكلة هدر الغاز المصاحب لاستخراج النفط والذي يستنزف أموالاً طائلة من العراق .

بدوره قال الخبير النفطي حمزة الجواهري, إن ” الغاز في العراق يحرق بسبب وجود الشوائب  داخل الغاز مثل  الكبريت, وثاني أوكسيد الكاربون، موضحاً ” لذلك لا تستطيع الحكومة إعادة تدويره “, مشيرًا إلى أن “الحكومة تحتاج إلى الآليات والمعدات الخاصة بتدوير الغاز، خاصة وأن المعدات المستخدمة حاليًا تتلف كل شهر تقريباً, بسبب وجود المواد الكيمياوية في الغاز”.

وأضاف الجواهري، في تصريح لـ(باسنيوز) أن “العراق يحتاج إلى خط أنابيب طويلة واستثمارات كبيرة ، كي يستورد الغاز من باقي الدول المجاورة”, لافتًا إلى أن “إيران هي الدولة الأقرب جغرافيًا للعراق, لذا فإن الأنابيب الموجودة حاليًا تقدر بـ “60كم” وهي تمتد على محافظات ديالى, وواسط, والبصرة.

  كم يحتاج العراق لإنتاج الغاز؟

وكان مسؤول عراقي في قطاع الطاقة أعلن أن بلاده تحتاج إلى عامين على الأقل لتعزيز إنتاجها من الغاز بغية وقف استيراد الغاز الإيراني المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء في العراق.

وقال حيان عبد الغني رئيس شركة غاز الجنوب الحكومية في تصريح سابق , إنه من المتوقع أن يصل إنتاج العراق من الغاز إلى 1.3 مليار قدم مكعبة يومياً بحلول نهاية 2020، بزيادة قدرها 400 مليون قدم مكعبة يومياً عن المستويات الحالية.

وأضاف عبد الغني أن إنتاج العراق الحالي من الغاز لا يكفي لسد حاجة محطات الكهرباء ” لذلك نحن مازلنا نستورد الغاز من إيران، حيث يحتاج العراق على الأقل 24 شهراً لتشغيل مشاريع الغاز الجديدة وبدء الإنتاج” .

من جهته، قال عضو لجنة النفط والغاز البرلمانية منصور المرعيد, إن العراق يحتاج الى تخطيط عالي المستوى لإنتاج مايكفي من الغاز في الأعوام المقبلة, ومن المفترض بالحكومة العراقية اليوم أن تعمل على تعزيز قدرات البلاد في انتاج الغاز.

وأضاف المرعيد في تصريح لـ(باسنيوز) أنه ” في حال تمكنت الحكومة من تنفيذ الخطة التي وضعت في المنهاج الحكومي فبالتأكيد سيكون ذلك إيجابيًا لجهة إنتاج الغاز داخل العراق” ، مشيرا إلى أنه” في جنوب العراق هناك شركات تعمل على جانب إنتاج الغاز منها شركة (شل) ” .

وأكد المرعيد بالقول ” قمنا بطلب أوليات شراء الغاز من إيران للتأكد من توافقه مع الأسعار العالمية، حيث سنتخد كل الإجراءات اللازمة في حال كانت إيران تبيع لنا الغاز بغير الأسعار الموجودة في السوق العالمية”.

ويرى خبراء في الشأن الاقتصادي أن العراق ليس لديه بدائل للغاز والكهرباء الايراني في الوقت الحالي ، لعدم رغبته أصلاً في إيجادها، لكن من الصعب جدا توفير البدائل للاستيرادات خاصة في مجال الطاقة سواء كانت الكهرباء المباشرة أو الغاز المشغل لمحطات إنتاج الكهرباء التي تنتج تقريبا خمسة ألف ميكا واط، وهي ثلث الانتاج الحالي تقريباً، ومن الصعب إيجاد بدائل عن الغاز الايراني خلال هذه المدة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here