خرّابو البيوت

والى اهالينا وأشقائنا فى السودان الذين ينتفضون فى هذه اللحظات ضد سياسات الافقار والتجويع.

والى ثورة يناير التى طالبت منذ ثمانية سنوات بتحقيق العدالة الاجتماعية لجموع الشعب المصرى.

والى اشقائنا فى تونس الذين يناضلون اليوم ضد النتائج الكارثية لروشتة الصندوق فى بلادهم.

والى كل شعوب العالم من ضحايا الراسمالية العالمية ومؤسساتها الدولية المتوحشة.

محمد سيف الدولة

[email protected]

نقلا عن كتاب “المال عدو الشعوب” لايريك توسان مصدرنا الرئيسى فى هذا المقال، كتب جوزيف ستيغلتز المدير السابق بالبنك الدولي في كتابه “خيبات العولمة” عن خبراء صندوق النقد والبنك الدوليين ما يلى:

((منذ هبوطهم من الطائرة، ينغمسون فى ارقام وزارة المالية والمصرف المركزى .. يقطنون برفاهية فى فنادق العواصم ذات النجوم الخمس …

ومن اعلى فندق فخم، يفرضون دون رحمة سياسات كان المرء سيفكر مرتين قبل انتهاجها لو انه يعرف الكائنات البشرية التى سوف يقوم بتدمير حياتها)) ـ

لقد صممت الحرب التكنولوجية الحديثة لإلغاء اى احتكاك جسدى، فالقنابل تلقى من ارتفاع 15 الف متر كيلا يشعر قائد الطائرة بما يفعله… والادارة الحديثة للاقتصاد مماثلة!

ينبغى الا ينظر المرء الى البطالة بوصفها مجرد احصاء، تعداد للجثث، للضحايا غير المقصودين لمكافحة التضخم او لتسديد الاموال للمصارف الغربية. العاطلون عن العمل اناس من لحم ودم، لديهم عائلات، وحياة جميع اولئك البشر تتعرض للمعاناة، بل وللتدمير احيانا، بسبب الاجراءات الاقتصادية التى يوصى بها الخبراء الاجانب فى صندوق النقد الدولى، فهم يفرضونها فرضا.))

***

((عليك تخفيض العمالة بغير شفقة بمعدل 50 : 60 %. إخلى السكان. تخلص من الناس. فهم يلتصقون بالاعمال)) جيفرى سكيلينج الرئيس التنفيذى لشركة انرون الامريكية للغاز

***

((ليس هناك حل غير مؤلم كى تجد البلدان النامية حلا لوضعها الحرج، لكن علينا اقتراح بعض التعديلات على برامج التكييف الهيكلى فى صندوق النقد الدولى. سوف يتضمن الحل تضحية، وانا أفضل ان تفى البلدان المدينة بالتزاماتها الخارجية فى مواجهة الدائنين باستخدام موجودات حقيقية، عبر تحويل ملكية الشركات العامة)) ـ هنرى كيسنجر

***

((مفيش مفر.. اذا كنا عايزين نبقى دولة حقيقية يجب ان نتألم ونقاسى.. مفيش شركة بتبيع منتجاتها باقل من تكلفتها وتنجح..الكلام ده اتعمل 1977 ولو كان نجح مكناش وصلنا للحال ال احنا فيه)) عبد الفتاح السيسى فى افطار الاسرة المصرية

***

ان تاريخ البنك والصندوق معنا محفور ومحفوظ فى ضميرنا الوطنى، بدءا بانتفاضة يناير 1977 ضد قرارات رفع الأسعار التى تمت بأوامر منهم، ومرورا بروشتاتهم وشروطهم الدائمة التى لم تتوقف واجتماعات نادى باريس واتفاقات وخطابات النوايا عام 1991 وما بعدها، التى فرضوها علينا باسم الإصلاح الاقتصادي المزعوم والتى تتضمن سلسلة من الأوامر والنواهي الصريحة والقاطعة التى يمكن ان نلخصها فى التعليمات العشرة التالية:

1) لا تدعم السلع والخدمات، لا تدعم العلاج والتعليم والسكن ووسائل النقل والمواصلات.

2) لا تحمِ عملتك الوطنية ودعها للسوق يحدد قيمتها، واربطها بالدولار.

3) لا تحمِ منتجاتك الوطنية بالجمارك، ولا تُرَشّد الاستيراد، وافتح اسواقك لشركاتنا ومنتجاتنا.

4) لا تفرض أسعارا إجبارية (تسعيرة) حتى على السلع الأساسية. وابعد عن التخطيط الاقتصادى فهو ضد قوانين السوق.

5) لا تضع حدا أعلى للأجور أو حدا أدنى لها، دع السوق والقطاع الخاص يحددها.

6) لا تحمِ العمال من الفصل، ولا تعين موظفين جدد، بل حاول ان تتخلص من الحاليين او تقلصهم، ولا تقضِ على البطالة، فكثرة العاطلين تمكن القطاع الخاص من التحكم فى الأجور وزيادة الأرباح.

7) لا تنتج بنفسك، وقم فورا ببيع القطاع العام وتصفيته، وادعم القطاع الخاص، الأجنبى منه قبل المحلى، ولا تشترط عليه مشروعات محددة، ولا تضع اى سقف لأرباحه، ولا تفرض عليه ضرائب تصاعدية، ولا تمنعه من نقل أمواله وأرباحه الى الخارج.

8) لا تقاوم الفوارق بين الطبقات ولا تسع لتقريبها، لا تنحاز للفقراء ولا تقاوم البذخ ولا تشيطن الأغنياء.

9) لا تكف عن الاقتراض منا، ولا تتأخر فى السداد. لا تستقل اقتصاديا، وارتبط بالسوق العالمى واتبعه واعمل فى خدمته، ولا تأخذ قرارا الا بعد الرجوع إلينا، ولا تعارض السياسات الغربية، بل تعاون معها وادعمها.

10) لا تعادِ إسرائيل، ولا تبنِ جيشا قويا، حتى لا يستنزف مدخراتك، ولكن احرص فى ذات الوقت على امتلاك جهازا أمنيا قويا قادرا على فرض النظام وحماية السياسات والقرارات والانحيازات والاستثمارات والتصدى للمظاهرات والقلاقل والاضطرابات التى قد يثيرها المعارضين والفقراء.

***

كان هذا بعض ملامح الوجه الحقيقى لشروط وتعليمات المقرضين الرأسماليين ومؤسساتهم الدولية، والتى تأتينا دائما متخفية تحت عناوين براقة كالتكييف الهيكلى والاصلاح الاقتصادى. أما عن مصير من التزم بها من الدول، ففيما يلى بعض الشهادات الصادرة من مؤسسات كبرى ودولية عن فشل وضرر هذه البرامج والتعليمات على من يسقط فى شباكها:

((65 الى 70 % من مشاريع البنك فى البلدان الاكثر فقرا، فاشلة)) ـ ((تقرير صادر من الكونجرس عام 2000))

***

((لا يسمح تطبيق برامج التكييف الهيكلى والاصلاح الاقتصادى التى ولَدَّها الدين لسكان البلدان المدينة بالتمتع بحقوقهم الاساسية فى الغذاء والسكن والملبس والعمل والتعليم والرعاية الصحية والبيئة المعافاة.)) (مفوضية حقوق الانسان الامم المتحدة 1999)

***

((لاجراءات التكييف الهيكلى والاشتراطات المرافقة له، والتى تدافع عنها المؤسسات المالية الدولية، تأثيرا سلبيا اكيدا مباشرا او غير مباشر على احقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتعارض معها)) (تقرير الامين العام للامم المتحدة 1999)

***

((ينسب تفاقم سوء التغذية وتدنى التسجيل فى المدارس وتزايد البطالة الى سياسات التكييف الهيكلى. لكن هذه المؤسسات المالية الدولية تواصل وصف العلاج نفسه كشرط للاعفاء من الدين، متجاهلة الدليل الساطع على تسبب تلك البرامج بتفاقم الفقر.)) ـ ((فانتو شيرو ـ المقرر الخاص للامم المتحدة لشئون اثار برامج التكييف والدين الخارجى على التمتع بحقوق الانسان.))

***

القاهرة فى 18 يناير 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here