رجال الدين ودورهم في أطفاء نار الفتنة الطائفية

علاء كرم الله

لازال أعداء العراق يراهنون على أثارة الفتنة الطائفية بين مكونات الشعب العراقي المعروف منذ التاريخ بتنوع نسيجه الأجتماعي والديني والمذهبي. فشبح الفتنة الطائفية والحرب الأهلية التي مرت بالعراق (2005 -2007 ) المخيف والمرعب لازال يلقي بظلاله الكئيبة على قلوب وعقول الكثير من العراقيين. ولولا صوت العقل والحكمة من قبل المراجع الدينية العظام على أختلافها والذي أدى الى وقف هذه الحرب المدمرة والتي أكلت الأخضر واليابس، لأستمرت الحرب لسنوات وعقود كما كان مخططا لها!. والكل يعرف ما تقوله المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف وعلى لسان زعيمها، ( لا تقولوا أخواننا السنة بل قولوا أنفسنا)، وكذلك ما كان يقابل مثل هذه التصريحات الأنسانية، من تصريحات مماثلة من قبل المراجع السنية والتي تصب كلها وتشد من لحمة النسيج الأجتماعي والوطني للعراق. أن أصوات العقل والأعتدال هذه هي التي تعتبر صمام الأمان للجدار الأجتماعي والديني والمذهبي للعراق، برأبها الصدع الذي قد يحدث هنا أو هناك، بسبب تصريح يصدر من البعض بقصد او بدون قصد أو بسبب فلتت لسان من هذا أو من ذاك!،ولأن أمتنا الأسلامية والعربية المنكوبة مبتلاة بالجهل والتخلف، فعلينا أن لا نأمن من قادم الأيام وما ينتظرنا منها!، فلازالت سفينة العراق تائهة وسط بحرمجهول من المشاكل والأزمات التي ليس لها أول ولا آخر لكثرة ربابنتها، فهذا يجر الى هنا وهذا يجر الى هناك!. نعود الى صلب الموضوع ، فكلنا يتذكرما قاله مفتي الديار العراقية الشيخ(مهدي الصميدعي) في صلاة الجمعة من جامع أم الطبول في بغداد بالجمعة التي سبقت الأحتفال بأعياد رأس السنة والكريسمس معتبرا على حد قوله بأن ( من يحتفل بها كأنه يعترف بالعقيدة الدينية لدى المسيحيين، وذكر قائلا: لا تشاركوا النصارى الكريسمس،لأن هذا معناه أنكم تعتقدون بعقيدتهم) الى هنا أنتهى ما ذكره (الشيخ الصميدعي). لقد أثارت مثل هذه التصريحات والأقوال ردود أفعال كبيرة وغاضبة في حينها لدى عموم العراقيين لأنها تحريض واضح على الطائفية والفرقة والفتنة المذهبية والكراهية. وقد أستنكر رئيس البطريريكية الكلدانية في العراق والعالم الكاردينال (لويس رافائيل ساكو) ذلك قائلا: بأن من يتبنى مثل هكذا خطاب هو شخصية غير مكتملة ودعى السلطات العراقية الى ضرورة مقاضاته!، وهنا لا بد من الأشارة الى أن قانون العقوبات العراقي المعدل لعام 1969 قد نص على عقوبة الحبس على أن لاتزيد على 7 سنوات لمثل هذه التصريحات. نعود الى رد الكاردينال (ساكو) حيث قال في بيان له : أن المعروف عن رجل الدين من أي دين كان أن يدعوا الى الأخوة والتسامح والمحبة وليس الى الفرقة والفتنة. وبهذا الصدد وضمن هذه الأجواء والمناسبات الدينية، مرت يوم أمس الموافق 18/1/2019 ذكرى وفاة سيدة نساء العالمين بنت الرسول العظيم محمد عليهم وعلى آلهم الطيبين أفضل السلام، وصادف أن استمعت الى خطبة الجمعة من النجف الأشرف والتي كان يلقيها الشيخ (مهدي الكربلائي) الذي كان يتكلم عن هذه الذكرى الأليمة، وعن فضائل سيدة نساء العالمين بنت النبي الأكرم وأم الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وزوجة الأمام علي عليهم جميعا أفضل السلام. ولكن لفت أنتباهي بأنه يكرر كلمة أستشهادها وليس وفاتها!، ومن الطبيعي هناك فرق بين كلمة وفاة وكلمة أستشهاد ومعروف حتى لدى بسطاء الناس أن الوفاة تكون طبيعية، أما الموت أستشهادا فهذا يعني أنه مقتول وأن الأستشهاد وقع وحدث بسبب ما؟!. وكم كان بودي ان ينأى خطيب المرجعية عن ذلك بأية طريقة!. فموضوع وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليها أفضل السلام لازال موضع جدال ونقاش حاد! بين المراجع الدينية الأسلامية على أختلافها والشيعية منها تحديدا!، فرواية تقول أن وفاتها كانت بسبب كسر ضلعها في الحادثة المروية من بعد وفاة الرسول العظيم محمد عليه أفضل السلام وموضوع خلافته، ورواية تنفي ذلك تماما، وتبرأ ساحة من تسبب بذلك!. لا أريد أن أدخل في تفاصيل الروايتين، ولكن الذي أريد ان أقوله وأؤكد عليه، هو ان المراجع الدينية على اختلاف مللها ونحلها لديهم أتباع ومريدين ومقلدين، وهم يعتبرون كل تصريح من مراجعهم من الأمور المسلم بها وغير قابلة للنقاش!. فعلى المراجع أيا كانت شيعية سنية مسيحية أن تكون في غاية الحذر والحرص في خطبها وعن كل كلمة فيها، وعن كل ما يصدر منها، فأجواء العراق لازالت ملبدة بالفتن والمشاكل وأعداء العراق والأمة الأسلامية وأعداء محمد وعمر وعلي وآل البيت والصحابة الكرام عليهم جميع أفضل السلام لا زالوا يتربصون الخطأ والزلل فينا، من كلام سقط من هذا ومن عبارة قيلت من ذاك ليصطادوا في الماء العكر ويثيروا المشاكل والفتن والقلاقل . أخيرا نقول: ما دمنا عرفنا جميعا تلك اللعبة الطائفية الخبيثة والمميتة والتي يريد أعداء العراق أن ننجر أليها ثانية لا سامح الله، فعلينا أن نكون على قدر كبير من الوعي والأدراك والفهم، فكل شيء مقدور عليه أن كانت النفوس طيبة وصافية، وبالحوار والمناقشات يمكن حل أي شيء تحت خيمة وحب العراق. وعلى الجميع أيا كان دينهم ومعتقدهم وقوميتهم أن يضعوا العراق أولا وأخيرا أمام أي موقف سياسي وديني فحب العراق هو الخطاب الواحد واللغة الوحيدة التي يجب أن يتكلم بها ويفهمها الجميع . والله من وراء القصد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here