المعصومون طالبوا بالحق كما فعلت الزهراء في فكر المحقق الأستاذ

احمد الركابي
الإنسان مخلوق مُكرَّم، وقد فضله الله تعالى على كثير من خلقه ، فقد قال تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)الإسراء: 70، وهي كرامة طبيعية متَّع الله تعالى كل أفراد الإنسان بها.
اهتم الإسلام بحق آخر لا يقِلّ أهمية عن حق الحياة، ألا وهو حق الكرامة ، ويراد بالكرامة: امتلاك الإنسان بما هو إنسان للشرف والعِزَّة والتوقير، فلا يجوز انتهاك حرمته وامتهان كرامته.
وهناك كرامة إلهية تختص بمن اتَّقى الله تعالى حق تُقَاتِه، فقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات:13 .
وكان أئمة أهل البيت-عليهم السلام- يراعون كرامة الناس من أن تُمَس، حتى أنهم-عليهم السلام- طلبوا من أرباب الحوائج أن يكتبوا حوائجهم ، حرصاً على صَون ماء وجوههم
لذلك تشكل الزهراء-عليها السلام- المدرسة الإسلامية الكبرى في حياة الرّسالة والأُمّة بصفتها غرس النبوة الوحيدة الذي تولّى إنجاب خلفاء الرسول – صلى الله عليه وآله – الشرعيين المتمثّلين بأئمة أهل البيت- عليهم السلام – وحين تكون الزّهراء- عليها السلام – النافذة الوحيدة التي يطلُّ منها القادة الحقيقيون على الإنسانية.
ومن أجل هذه الحقيقة خاطبت السماء محمداً-صلى الله عليه وآله – ليسأل أُمته أن تحدب على أهل بيته الأماجد -عليهم السلام – لأنّ ذلك يمثّل الأجر الذي تدفعه الأُمة لرسولها-عليه السلام -، بل يمثل الضريبة الثابتة التي تدفعها الأجيال لمحمد -صلى الله عليه وآله – دون سواها ، لكنّ هذه الضريبة وهذا الثمن تدفعه الأُمّة ذاتها لذاتها لأنّ كرامتها وسؤددها أُنيطت بعطفها وحنانها ورعايتها واتباعها لأهل البيت – عليهم السلام -الذين يمثّلون الإمتداد الرسالي لمحمد- صلى الله عليه وآله- وحين يسأل محمد -صلى الله عليه وآله- هذا الأجر دون سواه فإنّما أراد أن يوضح للأُمة الشوط البعيد الذي قطعه أهل بيته من الكرامة عند الله
ولهذا كان لأنصار المحقق الصرخي الدور البارز في إحياء الليالي الفاطمية وبيان مظلوميتها من خلال الشور المقدس ، وهذا مقتبس من كلامهم الشريف جاء فيه :
((خرجت فاطمة -عليها السلام- للاحتجاج على الآخرين بحقّ عليّ -عليه السلام- ومنزلته وأفضليته والوصية بإمامته كما فعل أئمة أهل البيت -عليهم السلام- من بعدها، ولم تكن المطالبة من أجل المنصب والكرسي والسلطة والمال والوزارة ورئاسة الوزراء والمصالح بالرغم من أنّه حقّهم، لكنهم سكتوا عن كل ذلك حفاظًا على السياق العام والمصالح العامة وعنوان الدولة وهيبتها.)) انتهى
مقتبس من المحاضرة (***1640;) من بحث ( ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد) بحوث: تحليل موضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي لسماحة السيد الأستاذ – دام ظله –
8 ذي القعدة 1437هـ – 12 / 8 / 2016م
goo.gl/vJ2byk

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here