سائرون تُنهي تردُّد القوى الشيعيّة وتُقدِّم مقترح قانون لإخراج القوات الأميركيّة

بغداد/ وائل نعمة

وضعت كتلة سائرون، المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، القوى السياسية في حرج كبير بخصوص مستقبل التواجد الأميركي في العراق، بعد عام تقريباً من محاولات “التملص” المتكررة بشأن الإجابة على السؤال: متى تغادر القوات الأجنبية؟
يوم الجمعة الماضي، وبشكل مفاجئ أجاب رئيس كتلة “سائرون” في البرلمان النائب صباح الساعدي عن ذلك السؤال، حين أعلن تقديمه مقترحاً الى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، يقضي بإنهاء الاتفاقية الأمنية مع واشنطن المعروفة بـ(صوفا) وإجلاء القوات الأمريكية من العراق في فترة لا تتجاوز العام ابتداءً من سريان قانون ينظم تلك الإجراءات.
وبعد إعلان بغداد النصر على داعش نهاية 2017، بدأت القوى الشيعية خصوصاً تلك التي تدعم فصائل داخل الحشد الشعبي، تتحدث عن سبب بقاء تلك القوات بعد هزيمة التنظيم، وارتفعت وتيرة المطالبات بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الامريكي دونالد ترامب إلى قاعدة عين الاسد نهاية 2018. وكان من المتوقع أن تقوم “قوى الحشد” منضوية في تحالف البناء الذي يضم أحزابا سُنية تشارك رأي الشيعة أيضا في طلب إخراج القوات الأجنبية، بكتابة مشروع قانون داخل لجنة الامن والدفاع في البرلمان ينهي تواجد تلك القوات.
وتم بالفعل تحشيد عدد كبير من النواب للحديث عن الأمر، وتسربت خلال الأسابيع الماضية فقرات من مسودة القانون التي نصّت على إجلاء القوات قبل نهاية العام الحالي وتشمل حتى المتواجدة في إقليم كردستان، قبل أن يبادر الساعدي بعرض مقترحه المتكامل والمشابه إلى حد كبير عما كان يسرّب.
ويقول مصدر سياسي مطلع لـ(المدى) طلب عدم نشر اسمه إن “هناك انقساماً لدى القوى الشيعية والسنية وحتى الكردية في الطلب المستعجل الذي قدمه الساعدي”. وأضاف: “هو الآن قد أحرج الجميع وعليهم إعطاء رأيهم بشكل واضح، إما القبول بالمقترح أو رفضه، وهو أمر قد يجعلهم يخسرون شعبيتهم”.

العبادي يستغرب التوقيت
يوم أمس قال رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إنه يستغرب إثارة هذه الضجة حول وجود القوات الامريكية في هذا التوقيت تحديداً خصوصاً أن هذه الضجة “قد تثير مخاوف المواطنين”.
وكان زعيم ائتلاف النصر قد أكد الجمعة الماضية، في تصريحات صحفية أن “عدد القوات الاميركية الموجودة في العراق، خلال ولايتي الحكومية كانت بنحو 9 آلاف و500 مقاتل أميركي”.
وقال العبادي إنه “إذا كان هناك ظهور وتجوال للقوات الامريكية في الشوارع العراقية بشكل حقيقي، فيجب أن تجيب الجهات المعنية على ذلك”.
وبحسب التسريبات فقد وقّع 59 نائباً على مقترح الساعدي، وأغلبهم من نواب سائرون والبقية من تحالف الفتح، فيما ضمّ المقترح 9 مواد، من بينها مادة تسمح للحكومة بأن تطلب من البرلمان استقدام مدربين للجيش العراقي في حال اقتضت الحاجة، مشترطة موافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب.

اتفاقيّة صوفا
بدوره يقول هيبت الحلبوسي وهو نائب عن الأنبار لـ(المدى) أمس إنه “يرفض إلغاء الاتفاقية الأمنية، خصوصاً أن القوات الامريكية تدرب وتجهز لوائين في الجيش العراقي الآن في الانبار، كما تقدم مساعدات في حماية الحدود”.
وأضاف الحلبوسي “نحن نرفض الوجود العسكري لكننا مع بقاء المدربين والمستشارين”، مبيناً: “إذا أرسلت الحكومة للبرلمان تطلب رأينا حول وضع القوات الأجنبية سيكون هذا جوابنا بالتأكيد”.
وقال الساعدي في بيان عقب إعلانه تقديم المقترح “تقدمنا بمقترح إنهاء اتفاقية (صوفا) وإلغاء القسم الثالث من اتفاقية الإطار الستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية لتنظيم عملية الانسحاب الامريكي من العراق من جهة، وتنظيم عملية التعاون العسكري والأمني بين العراق وأميركا من جهة أخرى”.
واستدرك بالقول إن “القسم الثالث كان (التفافاً واضحاً) على مدة اتفاقية صوفا المنظمة للانسحاب حيث حُددت بثلاث سنوات تنتهي في 31 / 12 / 2011 ولكن القسم الثالث من اتفاقية الإطار الستراتيجي رهن التعاون العسكري والأمني باتفاقية صوفا ، ويُعدّ ذلك تعديلاً خفياً (مقصوداً) مرّ مع الأسف دون أن يلتفت إليه أحد باعتبار أنّ اتفاقية الإطار الستراتيجي غير محددة بزمن معيّن لانتهائها”.

القوّات الأميركيّة باقية لوقت طويل
ويقول نائب في لجنة الأمن والدفاع طلب عدم نشر اسمه لـ(المدى) أمس إن “اللجنة وفقاً لمعلومات حصلت عليها من قيادات أمنية، وجدت أنه لا يوجد ضرر من بقاء القوات الأجنبية”.
وبحسب اللجنة فإنّ كل القوات الغربية ومن بينها الامريكية تتحرك على وفق الاوامر العراقية، وليس لديها قواعد ثابتة، فيما اكتشفت اللجنة أن هناك مخاطر مازالت محدقة بالعراق خاصة في ما يتعلق بضبط الحدود.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قد نشرت الأسبوع الماضي، تقريراً تحدث فيه عن قيام “داعش” بتنفيذ 1200 هجوم بعد إعلان حيدر العبادي نهاية عام 2017 القضاء على التنظيم.
وتنص المادة الخامسة في المقترح الذي قدمه النائب الساعدي، على أن تقوم الحكومة العراقية خلال 60 يوماً من تاريخ نفاذ القانون، بكشف عدد المستشارين والمدربين والقوات الأجنبية والاميركية الموجودة على الأراضي العراقية.ونشرت أمس مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تظهر لقطات لما قيل إنها عجلات تابعة للقوات الامريكية تتجول في الفلوجة لأول مرة.
وشملت الجولة بحسب التسريبات أحياء الرسالة والشهداء وجبيل ونزال في القاطع الجنوبي للمدينة، فيما كانت أنباء قد تحدث قبل أيام عن إسقاط طائرات أمريكية أعلاماً عراقية وعملة نقدية قديمة فيها صور صدام حسين.
وكان علي جبار، وهو عضو في ائتلاف دولة القانون في لجنة الامن البرلمانية قد قال في وقت سابق لـ(المدى) إن اللجنة “لم تحصل على إجابة واضحة من القيادات العسكرية عن عدد القوات الاميركية”، لكنه قدرها في ذلك الوقت بأقلّ من 5 آلاف.
يوم أمس أعلن مكتب زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أنه التقى مع مسؤول ملف شؤون العراق وإيران في خارجية الولايات المتحدة. وبحث “مسألة تواجد القوات الامريكية” في البلاد، فيما لم ينشر البيان أي تفاصيل عما دار بين الطرفين حول مناقشة تلك المسألة بالتحديد.
في المقابل اعتذرت فيان صبري وهي رئيسة الحزب الديقمراطي الكردستاني في مجلس النواب لـ(المدى) أمس عن التعليق على مقترح سحب القوات الامريكية، قبل أن تتم مناقشة استعدادات الحكومة العراقية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here