صراع النفوذ الامريكي الايراني في العراق

ادهم ابراهيم

كل الاحداث والدلائل تشير الى ان هناك تصعيدا خطيرا يجري بين الولايات المتحدة وايران . فهناك قوائم ارهاب وعقوبات على ميليشيات موالية لايران في سوريا والعراق . كما وردت انباء عن قصف امريكي لبعض قطعات الحشد الشعبي المتواجدة على الحدود العراقية السورية والتي تصنف على انها تابعة لايران لقطع الطريق البري بين العراق وسوريا والذي تستخدمه ايران في التموين اللوجستي للوحدات العسكرية الموالية لها في سوريا . وهناك اخبار عن محاولات امريكية للضغط على رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي لعزل الميليشيات التابعة لايران عن الحشد الشعبي المرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة . كما تم سحب القطعات العسكرية الامريكية من سوريا باتجاه العراق لتعزيز القواعد العسكرية الامريكية فيه . وقد وجهت امريكا تحذيرا الى ايران بعدم تكرار القصف على السفارة الامريكية في بغداد او بالقرب منها . وبالمقابل تحاول ايران الضغط على الولايات المتحدة في العراق عن طريق اصدار قانون يحد من التواجد الامريكي في العراق باي صفة كانت . كما طلب بعض قادة الميليشيات في العراق من بعض العشائر للانظمام اليهم في حالة المواجهة العسكرية مع امريكا في العراق
وبذلك اصبح الوضع العراقي مرتبكا بين المطالب الامريكية والضغوط الايرانية . وبالرغم من الاخبار المتضاربة حول هذا الموضوع . الا انه بات في حكم المؤكد ان امريكا تخطط للحد من النفوذ الايراني في العراق
اننا في الوقت الذي نستبعد فيه قيام حرب مباشرة بين الطرفين الا ان الصراع الامريكي الايراني سيؤثر تاثيرا سلبيا ومباشرا على امن وسلامة العراق , حيث سيكون ساحة معارك لحروب جديدة بالانابة , وشعبه ما ان يخرج من حرب حتى يدخل في اخرى ولم يجن منها سوى الخسائر بالاموال والارواح . والمتضرر الاكبر فيها المواطن العراقي الذي يبحث عن لقمة الخبز بشق الانفس , واموال الدولة تصرف على الاحزاب الفاسدة وميليشياتها المسلحة التي تغولت واصبحت مافيات تهيمن على كل القطاعات الحكومية والشعبية . والان تطالب الشعب للاصطفاف معها في معارك جديدة لضمان بقائها فترة اطول لابتزاز الدولة والمواطن على حد سواء
ان الولايات المتحدة وايران كانتا على الدوام حريصتان على بقاء العراق دولة فاشلة بكل المقاييس من خلال توافقهما الدائم على حكم احزاب فاسدة غير مؤهلة لادارة الدولة لضمان بقاء العراق دولة ضعيفة , مما يسهل عليهما بسط نفوذهما على هذه الدولة ذات الموقع الاستراتيجي المهم والاحتياطي النفطي الكبير الذي لا يكاد ينضب , ولكنهما وصلا اخيرا الى حد الصراع السافر بينهما للاستفراد المطلق بالعراق بعد انتهاء شهر العسل نتيجة الاتفاق النووي في عهد اوباما , والذي نقضه الرئيس الحالي ترامب

يخطئ من يظن ان الدخول في الصراع الايراني الامريكي سيكون في مصلحة الشعب العراقي المغلوب على امره . فما الذي جناه الشعب من الامريكان او الايرانيين خلال اكثر من خمسة عشر عاما غير الجوع والقهر والتهجير والقتل والحرمان من ابسط الحقوق الانسانية . ولكن بعض الاحزاب الحاكمة والميليشيات التابعة لها تحاول بكل الطرق جر العراق الى هذا الصراع , تارة بالتهديد واخرى بالتحشيد , وان مسلكها هذا قد يؤدي في نهاية المطاف الى فوضى عارمة لاتحمد عقباها , خصوصا بعد فشل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في التوفيق بين كتلتي الاصلاح والبناء مما ادى الى تعطيل استكمال الحقائب الوزارية

ان الحكمة توجب على الحكومة العراقية ان تتخذ منهجا وسطا بين الولايات المتحدة الامريكية وايران . حيث ان مثل هذا النهج الحيادي سوف يجنب العراق كثيرا من المشاكل وردود الافعال العدائية المتوقعة من الطرفين المتخاصمين . وقد يؤهله لاجراء وساطات بين الدول المتنازعة في المنطقة ومنها ايران والسعودية لنزع فتيل التوترات المسببه للصراعات التي قد تؤدي الى حروب لاتحمد عقباها . كما ان المواقف الوسطية والنأي عن النفس بالصراع الامريكي الايراني تحتمه مصلحة العراق بالدرجة الاساس ومصلحة المنطقة العربية برمتها والتي تقف على فوهة بركان من العراق الى الجزائر . بالاضافة الى المشاكل المستعصية في فلسطين وسوريا المتحاددة مع العراق . وقد اصبح الوضع بالغ الخطورة مما يستدعي اعلى درجات الحذر والحكمة

اننا نعلم بان الصراع الايراني الامريكي القادم والذي بدأت بوادره الان
سيكون محنة للشعب العراقي المغلوب على امره , ولكننا نعلم ايضا ان الصيف القادم سيكون ساخنا ايضا على كل اولئك الذين خدعوا الشعب المسكين وحرموه من ابسط الخدمات والحقوق الانسانية , واولهم الاحزاب الفاسدة التي تعمل على الاضرار بالعراق وشعبه وتحاول الزج به في اتون حروب جديدة بالنيابة نحن في غنى عنها

ادهم ابراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here