الديون الخارجية وآثارها على التنمية الاقتصادية

د. ماجد احمد الزاملي

يعتبر ارتفاع معدل النمو السكاني من المعوقات الهامة في طريق التنمية الاقتصادية في العراق وبلدان العالم الثالث . بحيث تكون معدلات زيادة الإنتاج السنوي تعادل أو تقل عن الاحتياجات المطلوبة , و قد تكون الموارد المالية المحلية غير كافية فيلجأ البلد من تلقاء نفسه إلى الاستعانة بالاقتراض الخارجي بهدف تحقيق تنمية سريعة قوامها الطموح في تغير الوضع القائم، ومرتكزها ثقتها الكبيرة في مواردها الطبيعية والبشرية في التجاوب السريع. يتوقف دور الديون الخارجية في تمويل مشاريع التنمية على نمط وفعالية استخدمتها في تمويل عملية التنمية الاقتصادية، وقدرة الدول النامية المدينة على دفع أقساط أصل الديون والفوائد المترتبة عنها للدائنين، وذلك حسب الاتفاقيات التي تمت بين الطرفين في عقد القرض. تستخدم القروض الخارجية غير المنتجة لأغراض عدة، بحيث لا تسهم في زيادة أو توسيع الطاقات الإنتاجية للبلد المدين. كما تستخدم هذه القروض في تمويل الواردات من السلع والخدمات الاستهلاكية، خاصة منها الكمالية وشبه الكمالية مثل السيارات الفاخرة، والتحف وعلى غير ذلك من السلع التي يمكن الاستغناء عنها إذا توجب الأمر، دون المساس بقدرة الاقتصاد القومي . فالديون الخارجية المنتجة هي التي تستخدم في تمويل مشاريع واستثمارات منتجة، وينتج عن استخدامها زيادة في الطاقات الإنتاجية للاقتصاد الوطني للبلد المدين. هذا النوع من الديون يساهم بشكل كبير في خلق الفائض في الميزان التجاري عن طريق زيادة الصادرات وتخفيض الواردات. وبالتالي زيادة حصيلة البلد من العملة الصعبة اللازمة لعملية التنمية وخدمة أعباء الديون الخارجية المستحقة على البلد. وعلى الرغم من أن جميع الاستثمارات تعتبر منتجة ويحتاجها الاقتصاد الوطني، فإن هناك اختلاف في فاعلية استخدام هذه الاستثمارات من حيث مدى تأثيرها في الميزان التجاري. فالمشكلة إذا، لم تكن بالاقتراض الخارجي وأعباءه بقدر ما كانت في كيفية وفاعلية استخدام البلد المدين للموارد المالية المتأتية من القروض، وتأثير ذلك على الميزان التجاري.قدرة البلد المدين على خدمة ديونه الخارجية في الأجل القصير يرتبط بمدى كفاية وسائل الدفع ولاحتياطيات الدولة في سداد الالتزامات الخارجية. بينما ترتبط قدرة الدولة على خدمة ديونها الخارجية في الأجل الطويل بمرحلة النمو الاقتصادي وبمسار عملية التنمية الاقتصادية. ﻓﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﻔﺤﺎل ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﺒﻠﻭﻏﻬﺎ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺤﺭﺠﺎ، ﻭﺒﻌﺩ ﺍﻟﺘﻌﺜﺭ ﻓﻲ ﺴﺩﺍﺩ ﺨﺩﻤﺔ ﺩﻴﻭﻨﻬﺎ ﻅﻬﺭ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺒﻴﻥ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﻴﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻤﺒﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻷﺼﻭل ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭل ,ﺃﻱ ﻤﻘﺎﻴﻀﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺒﺤﻘﻭﻕ ﻤﻠﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ. ﻭﻫﻭ ﺍﺘﺠﺎﻩ ،ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﻴﺅﺴﺱ ﻨﻅﺭﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻭل ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺇﻓﻼﺱ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻨﻘﺹ ﺴﻴﻭﻟﺔ. ﻭﻗﺩ ﻟﻘﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺼﺩﻯ ﻭﺍﺴﻌﺎ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﻴﻥ ﻷﻨﻪ ﻴﺤﺴﻥ ﻤﻥ ﻤﺤﺎﻓﻅﻬﻡ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻴﺤﻭل ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﻤﺸﻜﻭﻙ ﺘﺤﺼﻴﻠﻬﺎ ﻷﻨﻬﺎ ﺤﺎﻟﺔ ﺇﻓﻼﺱ ﺇﻟﻰ ﺃﺼﻭل ﺇﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﻋﻭﺍﺌﺩ ﻤﺴﺘﻤﺭﺓ. ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﻭﻥ ﻗﺩ ﺘﺤﻭﻟﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺨﻀﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ. ﻭﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻓﺈﻥ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﺴﻠﻌﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺤﻤﻠﻪ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﻴﻤﻭل ﻋﺎﺩﺓ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺯﺍﻨﻴﺔ, ﺃﻱ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻨﻘﻭﺩ ﺃﻭ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ، ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﻨﺴﺏ ﺍﻟﺘﻀﺨﻡ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ .ﻟﺫﻟﻙ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺘﻀﺨﻡ ﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻤﺎﻟﻴﺔ ﺘﺤﺩﺙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻠﺠﺄ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻨﻘﻭﺩ ﺒﻤﻌﺩل ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻤﺎ ﺘﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﺤﺘﻴﺎﺠﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ، ﺃﻱ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻓﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻘﻭﺩ؛ ﻭﺫﻟﻙ ﻜﺴﺒﻴل ﻭﺤﻴﺩ ﻤﺘﺎﺡ ﻟﻬﺎ ﻟﺘﻤﻭﻴل ﺍﻟﻌﺠﺯ .ﺇﺫﹰًﺍ ﻓﺎﺭﺘﻔﺎﻉ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ﺴﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺼﺭﻭﻓﺎﺕ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺤﺩﺙ ﺃﻱ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﻤﻤﺎﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻴﺭﺍﺩﺍﺕ، ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻠﺠﺄ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﻤﻭﻴل ﺒﺎﻟﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺨﻠﻕ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻘﻭﺩ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻀﺨﻡ ﺴﻴﺯﺩﺍﺩ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ. وﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﻤﺎ ﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ﻤﻥ ﺘﻌﺎﻅﻡ ﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ ﺍﻟﺨﻭﺍﺹ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﻴﻥ ﺃﻭﺠﺩ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﺠﺩﻴﺩﺍ، ﻭﻋﻠﻰ ﺤﻜﺎﻤﻨﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻌﻪ .ﻭﻴﺘﺠﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺘﺭﺍﺠﻊ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺒﻴﻥ

ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ . ﺒﻌﺩ ﺘﻔﺎﻗﻡ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﻭﺘﻜﺭﻴﺱ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﺴﻴﺎﺴﺔ تجسدت ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﻜﺄﺒﺭﺯ ﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ .ﺤﻴﺙ ﺃﺼﺒﺢ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻴﺒﻴﺢ ﻟﺩﻭل ﻤﻌﻴﻨﺔ ﺃﺸﻴﺎﺀ ﻭﻴﺤﺭﻤﻬﺎ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﺩﻭل ﺃﺨﺭﻯ ﻻ ﻟﺸﻲﺀ ﺇﻻ ﻻﺨﺘﻼل ﺍﻟﻤﻭﺍﺯﻴﻥ ﻭﺍﺨﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻹﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ. ﺘﺤﺘل ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻨﺴﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺍﻹﺠﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭل النامية ﻭﺘﺸﻜل ﺍﻨﺘﻘﺎﺼﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺩﺨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ؛ ﻓﺯﻴﺎﺩﺓ ﺤﺠﻤﻬﺎ ﻭﺃﻋﺒﺎﺌﻬﺎ ﺃﺜﺭﺕ ﻓﻲ ﺸﻜل ﻤﺒﺎﺸﺭ ﻓﻲ ﺨﻁﻁ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ، ﻭﺒﻤﻌﺩﻻﺕ ﺍلإﺩﺨﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﺎﻗﺹ ﺘﺩﺭﻴﺠيﺎﹰ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻋﺩﻡ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ . ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺩﻭل النامية ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ، ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺘﺯﺍﻴﺩ ﻤﻌﺩﻻﺕ ﺍﻟﺘﻀﺨﻡ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺒﺒﻬﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻟﺼﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ، ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺘﺴﺘﺤﻭﺫ ﻋﻠﻰ ﻨﺴﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺍﻹﺠﻤﺎﻟﻲ ﻭﺘﺸﻜل ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﺍﻨﺨﻔﺎﻀﺎﹰ ﻟﻠﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺘﻭﺠﻴﻬﻬﺎ ﻟﻼﺩﺨﺎﺭ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭ .ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻀﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﺠﻴل ﺘﻨﻔﻴﺫ ﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﺴﺘﺜﻤﺎﺭﻴﺔ ﻋﺩﺓ ﻜﻤﺎ ﺍﻀﻁﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺨﻔﺽ ﻤﻌﺩﻻﺕ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﺒﺴﺒﺏ ﻨﻘﺹ ﺍﻟﺴﻴﻭﻟﺔ ﻭﻨﻘﺹ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ، ﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻜل ﺃﺸﻜﺎﻟﻬﺎ ﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ﻭﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺔ. ﺇﻥ ﺁﺜﺎﺭ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﺒﻠﺩﺍﻥ النامية ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ .ﻓﺈﺫﺍ ﻤﺎ ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻴﺭﺍﺩ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻜﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺘﻤﻭﻴل ﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﻏﻴﺭ ﺇﻨﺘﺎﺠﻴﺔ، ﻓﺴﻴﺅﺩﻱ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﺇﻟﻰ ﺇﻫﺩﺍﺭ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻘﺭﺽ ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺏﺀ ﻋﻠﻰ ﻤﻴﺯﺍﻥ ﺍﻟﻤﺩﻓﻭﻋﺎﺕ .ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﺕ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻤﻭﻴل ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺌﺩ ﺍﻟﺴﺭﻴﻊ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻙ ﺴﻭﻑ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ. ﺃﻤﺎ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻓﺈﻨﻪ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺘﻔﺎﻗﻡ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ، ﻗﺩ ﻋﺎﻨﺕ ﺍﻟﺩﻭل النامية ﻭﻤﺎﺯﺍﻟﺕ ﺘﻌﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﻬﺩﺩ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﺴﺘﻬﺩﻓﺕ ﺨﻭﺼﺼﺔ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻏﻠﻕ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻁﻠﺏ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺠﺩﻭﻟﺔ ﺩﻴﻭﻨﻬﺎ ﻭﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﻔﺭﻭﻀﺔ ﻤﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺘﺴﺭﻴﺢ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ، ﻭﻫﻲ ﺒﺭﺍﻤﺞ ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺘﻨﻔﻴﺫﻫﺎ ﺤﺘﻰ ﺘﺘﻡ جدولة الديون ﻭﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﻗﺭﻭﺽ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻓﻘﺎﹰ ﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻨﺤﺔ . ﺇﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺒﺩﺃﺕ ﺘﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓل ﻭﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭﺍﺕ ، ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ، ﻭﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻥ ﻓﻲ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻁﺎﻟﺒﻭﺍ ﺒﺈﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﺩﻴﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ .ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤل ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻟﻴﺱ ﺴﻬﻼ، ﻷﻨﻪ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺘﻔﻬﻡ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﻴﻥ ﻟﻀﺭﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺸﺎﺌﻜﺔ ﻟﻠﻤﺩﻨﻴﻥ؛ ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﻻ ﺘﻬﻡ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﻴﻥ، ﻭﺒﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﺒﻨﻭﻙ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻤل ﺒﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺭﺒﺢ .ﻭﻟﻜﻥ ﻨﻅﺭﺍ ﻷﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻗﺩ ﻨﺒﻌﺕ، ﺒﺸﻜل ﺭﺌﻴﺴﻲ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻤل ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭل ﺃﻥ ﺘﺅﺜﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﺇﺫﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﻤل ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺤل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺩﻴﻨﻴﻥ ﻭﺘﻨﺎﺯﻟﺕ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﺔ، ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺩﻭل ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻓﻘﺭﺍ.

ومما يلاحظ على بعض النظريات أنها أعطت الدور الرئيس في التنمية إلى السوق الحرة، ولم يكن للدولة أي دور في التخطيط لعملية النمو، وحيث أننا نرى أنه كلما كانت الدولة ممثلةً للإرادة الحقيقية المستقلة لإدارة سياسات البلد الاقتصادية كان بإمكانها تحقيق استراتيجيات مهمة في طريق النمو الاقتصادي، إذ إن الدول النامية ومنها بلدان الوطن العربي تمتلك الأسباب الموضوعية في رسم السياسات الاقتصادية للنمو الاجتماعي والاقتصادي كالموارد البشرية والطبيعية والتخطيط الاقتصادي باستثناء دور الدولــة،وحيث أن إرادة الدولة التي ترى أن معالجة الفساد وعدم الكفاءة وإيجاد الحوافز الاقتصادية المناسبة وخصخصة بعض المشاريع الإنتاجية والخدمية واتباع سياسات سعرية لها أثرها المنظم لعملية التجارة الخارجية مع حماية المنتوج المحلي والتركيز على الصناعات التصديرية والترحيب بالمستثمرين وفقاً لما يضمن مصالح الدولة السيادية والاقتصادية، ستؤدي إلى توازن واستمرار في عملية النمو الاقتصادي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here