الوجود الأمريكي العسكري في العراق «للظفر» باستثمارات إعادة الإعمار

بوتيرة متسارعة ارتفعت الأصوات السياسية والعسكرية الرافضة لوجود القوات الأمريكية في العراق لتصل في آونتها الأخيرة إلى تحركٍ برلماني يسعى لتشريع قانون من شأنه إخراج القوات الأجنبية من البلاد.

وقال رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، إنه تلقى طلبًا من 55 نائبًا لتشريع قانون إخراج القوات الأجنبية من البلاد، لكنه ردّ عليهم برمي الكرة في ملعب رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي؛ إذ أوضح لهم أن طرح مشروع القانون تحت قبة البرلمان يتطلب موقفًا من عبدالمهدي.

وتتباين مواقف القوى الشيعية تجاه بقاء القوات الأمريكية في العراق بشكل متدرج، فتحالف البناء الذي يتزعمه رئيس منظمة بدر هادي العامري وينضوي فيه أبرز قادة الحشد الشعبي كأمين عام عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ورئيس هيئة الحشد فالح الفياض، يعلن موقفًا ثابتاً ضد السياسات الأمريكية، أما التيار الصدري الذي أوحى لمراقبيه ببروز ميول جديدة لمحور واشنطن وحلفائها فاجأهم بإعلان كتلته البرلمانية جمع 100 توقيعٍ نيابي، لتشريع قانون إخراج القوّات الأجنبية خلال الجلسات الأولى، من الفصل التشريعي الثاني.

وفي الجانب الآخر من البيت الشيعي، يعتبر زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم الذي تحسنت علاقته مؤخرًا مع المملكة العربية السعودية أن الوجود العسكري الأمريكي في العراق مهمٌ لاستقراره، لافتًا إلى أن بعض القيادات الإيرانية تريد من العراقيين فقط إعلاء الصوت وليسوا جادّين في هذا الشأن ، بل هي للاستخدام السياسي في التنازع القائم بين واشنطن وطهران.

ويختلف مراقبون مع الحكيم بشأن الجديّة، فحسب قولهم إن طهران لا ترغب بالصدام المباشر مع القوات الأمريكية خشية استنزاف أموالها أو أموال عراقية هي أولى بها في ظل العقوبات التي تقصم ظهر اقتصادها، والعقوبات هي التي تقف خلف مساعيها الرامية لانحسار الانتشار الأمريكي العسكري في العراق؛ إذ تستشعر طهران خطر تعزيز واشنطن تواجدها في أعقاب فرض شبه حصار اقتصادي عليها.

ويخشى النظام الإيراني أن تقطع الولايات المتحدة عليها مصادر العملة الصعبة التي توفرها بعض القطاعات المهمة في العراق ، وتسعى الولايات المتحدة بشدة للظفر بفرص الاستثمارات في العراق مع بدء عمليات الإعمار وخاصة قطاع الطاقة.

ويعد قطاع الطاقة في العراق عصبًا حيويًا لإيران ، فبحسب تقرير لشركة “بي پي (BP) “الخاص بالمراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لعام 2018، فإن صادرات الغاز من إيران إلى العراق بلغت 154 مليون قدم مكعب في اليوم أي 13٪ من إمدادات الغاز العراقية الحالية. وإضافة إلى الغاز فإن العراق يستورد ما بين 500 ميغاوات من الكهرباء من إيران في فصل الشتاء و1200 ميغاواط في فصل الصيف بتكلفة تقارب 1.2 مليار دولار في السنة.

وعلى الأرض، فإن زيادة الولايات المتحدة عدد قواتها تأتي استجابةً لاستراتيجية جديدة توفر للشركات الأمريكية البيئة الآمنة في العراق للاستثمار والحصول على حصة كبيرة من استثمارات إعادة الإعمار، إضافة إلى كبح جماح الفصائل المسلحة الموالية لإيران التي تمثل عائقا أمام الاستثمار في البلاد، بحسب ما قاله السفير الأمريكي المنتهية مهامه في بغداد دوغلاس سيليمان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here