بين دكتاتورية الأحزاب الدينية ..وبين دكتاتورية السياسة..؟ً

د.عبد الجبار العبيدي
——————————————————
كنا نظنهم بُناة وطن..واصحاب دين.. ورُفقاء مواطن قد انهكهُ الزمن..كنا نظنهم صادقون..بعمائمهم البيضاء والسوداء والخضراء ..ومرآزهم المدني يوم كانوا يفدون الينا في واشنطن قبل 2003..ونستقبلهم في دار السلام لنقدمهم للوطن والمواطنين على انهم منقذي وطن ومحبي شعب..كنا نُشيد بهم على انهم ورثاء اهل البيت (ع) والصحابة الميامين (رض) ..كنا نعتزُ بهم على انهم من سيُخلصون الوطن ممن عبث به دون رحمة من قانون..هكذا كنا نظنهم ..ولكن ما حسبانهم انهم كانوا ذئابا وخنازير هاجمتنا من غابة سوداء في غفلة الزمن.
نعم ليس هم وحدهم بل كل من تعاون معهم وقبل منهم ما يقولون ..ولم يعتذروا بعد ان بان معدنهم الرخيص ..حتى تغير الامر فظهروا على حقيقتهم انهم اقسى على الوطن والمواطنين من المغول السابقين.
من كان يعتقد ان بعض مرجعيات الدين متعاونة معهم الا بعد ان كشفها احتلال رمسفيلد..من كان يعتقد ان هؤلاء الذين سموا انفسهم قادة العراقيين وشلة الاخرين كانوا خونة وطن ..لا بل ذئابا ترتدي سراويل الآدميين..أفتحوا التحقيق معهم ستجدونهم أقسى من النازيين..
من كان يعتقد ان من كان يتشبث بالخالق العظيم لينصره على الظالمين ..انه من الخونة المجرمي الظالمين..ما صفات الخائن ..والسارق.. والقاتل .. وحانث اليمين..؟ صفاتهم ان يكونوا من اللآدميين..نعم انهم من غير الآدميين.
2
نعم… ظهروا على حقيقتهم ..انهم طبقة محدودة اعتقدوا ان السيادة لهم.. فتملكوا زمام الناس.. وتصرفوا بأموالهم دون حق.. وحجروا على حرياتهم..وقتلوا مثقفيهم وضباطهم وعلمائهم وكفاءاتهم.. واعتدوا على دمائهم.. دون ان يخشَوا رقيبا او حسيبا في ظل دولة الفوضى واللاقانون.
ان هذا الواقع المتردي اليوم على مستوى الرئاسات الثلاث المخترقة للدستور يساندها قضاء لا يعترف بالقانون..هذا الواقع المتردي اليوم دعا الناس المؤمنين بالوطن وحقوقهم الى ضرورة التفكير بتغيير هذا الواقع المؤلم الذي يحيط بهم.. ولكن كيبف يكون..؟
يبدو لنا ان اللامخلصين لم يعودوا قادرين على فهم طبيعة العراقيين التي لا تقبل ظلم الظالمين ..لانهم من المؤمنين بوطنهم وبوحدتهم وليس كالطارئين ..فهم يعتقدون ان التغيير سيكون مبنيا على مبادىء اخلاقية قبل ان يقوم على نظم ادارية او موظفون مسلطون على الناس..فلماذا تغير الامر الى ظلم الظالمين ..؟
الاحتلال الذي هم مهدوا له بالقسم الكاذب امام الرئيس الامريكي في البيت الابيض حين قالوا: “ان السابقين يملكون اسلحة الدمار الشامل فصدقهم الرئيس الامريكي السابق جورج بوش- وهو نادم اليوم-..فكان الاحتلال الخاطىء خطيئة في رقاب الامريكيين والحانثين لقسم اليمين .فمثلهم يجب ان لا تنطوي عليهم أكاذيب الصغار الطامعين بالمال والسلطة ولا غير…
لذا كان اول ما بدأوا به بعد الاحتلال هو تعيين الولاة في مناصب الدولة منهم ومن غير الكفوئين ، ولم يكُن لهم برنامجا حكوميا لحكم الدولة ..بل كان لهم برنامجا سلطويا للمحاصيل.. هكذا قالها بريمرالحاكم العسكري
3
الامريكي في كتابه سنة في بغداد ..واختاروا لهم من المساعدين المقربين الفاشلين الآميين..وفكانت طبقة قوية وطامحة في المال والسلطان ،فأتجهت همتهم الى الاستبداد دون النظر الى راي المواطنين مستغلين فوضى الاحتلال وحل الجيش العراقي.. والوطن يومها بلا دستور ولا قانون..فاصبح السواد لهم ..بستان قريش ..
الم يقلها المالكي “اخذنا وبعد ما ننطيها”..؟.ونحن نقول لهؤلاء الجهلة بالتاريخ :”والله ما يزيد أوفاكم فيه نصيباً”.. الا ان يكون كأحدنا..فكانت الكلمة التي يُقتل من اجلها هادي المهدي وعلاء المشذوب ويُضَيع الشحماني البطل.. والبقية على الطريق..تقتلهم الفئة الباغية.
نعم انه صراع بين نظرية الامة ونظرية السلطة ، وهي نظرية طارئه على طبيعةالحكم الديمقراطي الذي يجب ان يقوم على المبادىء في المجتمع الانساني وهي رسالة الاخلاق ومبدأ العدل المطلق.
علينا ان لا نشذ عن اصول الكتابة والنقد بحقهم كي نبتعد عن التأثيرات او الاهواء الشخصية حتى يستقيم حوار الرأي مع المنهجية التاريخية. لأن الاخبارفي تصرفات رجال السلطة وما نفذوه من تجاوزات على القانون اصبح اليوم من العسير ان نقول رأيا محددا فيها..لان بعضهم ليس فيهم بما يقال عنهم..ولربما كان في بعضهم قولاً مخترعاً.
علينا ان نقيم الرؤيا ببعدين للتاريخ:احدهما يعتبر بمثابة المعيار الذي يحدد خط الارتقاء على المستوى الانساني..والثاني هو بعد الزمن الذي يحدد مسار تفاعلات العلاقات على المستوى الواقعي في التطبيق.

4
الاول ما شرعته العدالة واوصى به القرآن في حماية الحقوق لكل الناس..والثاني دخوله مرحلة التعقل والتفكير ومسئولية الاختيار بمواجهة التجربة..فشتد الخصام بين الحالتين .. فكيف ستكون النتيجة الخاتمة..
فكانت البدايةاللجوء الى سياسة ضرب الخصوم منهم وتصفيتهم بعد ان اشبعوهم مالا كي لا تبقى عيونهم مشرآبة نحوهم..والتي ولدت ايضا سياسة تفريق الاموال بين الخصوم والاعوان معا..هنا ضاعت المبادى وخاصة عند قيادات الفصيل الأول التي يؤمنون بالفلسفة المثالية والتي يعتقدون بها ، بانهم نهاية المعرفة ولا يقبولون بالسيادة عليهم من احد..
فكانت نظرية المحاصصة التي جاءت بالفريق الثاني ضعيفا والثالث مستغلا..ومن بين الفرقاء الثلاثة كانت الانتهازية التي مسكت بالعصا من الوسط ومالت حيث تميل الريح..ضمانا لبقائها ومستقبلها..فسرعان ما بدأ انتقال السياسي من كتلة الى اخرى بمجرد ان يقدم له العرض ألكبير فسقطت مصداقية الانتخابات ..:وهذا ما حصل عندما اخذت السلطة الشرعية من علاوي وانتقلت الى المالكي بالظلم والأكراه وساهم القضاء فيها مكرهاً….هنا أختل التوازن وخاصة في مجلس النواب في ظل دستور كتبته الايادي الاجنبية وكان ناقصا من وجهة نظر الفقه الدستوري الرصين.
وهكذا استمرت العلاقة بين الحاكمين تتباعد حتى انقسم البيت العراقي الى فرعين ..الفرع العربي العربي ،والفرع العربي الايراني..وبينهم فريق كردي ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض عليهم جميعا ..فهي فرصة العمر..وهكذا كان ..كل منهم ينحو نحوا خاصا به..حتى اصبحت الناس تشخصهم وتقول عنهم:”ليس والله عند الناس لهم من هيبة ولا محبة”.ونحن
5
نعلم اذا سقطت الغيرة وانتهى الاحترام وماتت الهيبة مات الانسان ولو كان حاكما حياً ..وهكذا كان..في عهد السابقين ؟
ومهما يحاولون اليوم من عودة سياسة التوافق فيما بيهم وتحجيم الصراع لكنهم فشلوا وسيفشلون لعدم توفر النية الصادقة بينهم..ولأنهم تجاوزا المقبول والمعقول ..لذا ترى الصراع المدمر يعود بين فترة واخرى ليشكل مخرجا للانفجار بشكل عنيف وهذا من وجهة نظر التاريخ سببا من اسباب تدهور الحكم وزواله القريب.
وختاما نقول:انه مادامت طبيعة النظام قد تغيرت لصالح الباطل،فقد أستتبع ذلك ان تغيرت كل التفاصيل تبعا لذك..فالخليفة اصبح ملكاً،والامة اصبحت رعية لا رأي لها ،والجنود اصبحوا مـأجورين لا يؤمنون بوطن ، والاموال اصبحت جبايات منهوبة من السلطة..
هكذا اصبحت دكتاتورية الاحزاب الدينية التي انهارت قيم الحياة المقدسة عندها.. فأشاعت نظريات الفساد والتعامل معه بأعتباره شطارة على المواطنين..فسقطت عنها قدسية النضال التي تمثلت بديمقراطية السلطة والدين معاً..وهذا ما لمسناه في دكتاتورية السياسيين.. فسقطوا في وحل الهزيمة وعار التاريخ …هكذا قال لنا التاريخ…في السابقين ..؟

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here