حُكم الصيام عن الكلام في يوم زكريا بالعراق

إيهاب المقبل
 
في كل أول يوم أحد من شهر شعبان من كل عام يحيي بعض العراقيين طقس الزكريا، ويسمى هذا اليوم بـ”يوم زكريا” أو “صوم زكريا”، ويربطوه بالنبي زكريا عليه السلام، وطلبه لله برزقه ابنًا له، وإحياءً لطقسه، في شكل احتفالي ديني إجتماعي. ويجرى في هذا الاحتفال الصوم عن الكلام، وتقديم النذور، واضاءة الشموع في صَوان تجري في نهري دجلة والفرات. يزداد الاحتفال بهذا اليوم عند شط  قضاء الميمونة، نحو 45 كم جنوب غرب مدينة العمارة جنوب العراق، ويقل في وسط وشمال العراق. 
 
في البداية لا يوجد في الشريعة الإسلامية احتفال منسوب للنبي زكريا عليه السلام، ولم يتم ذكر مثل هذا الاحتفال في جميع مصادر الشريعة الإسلامية، اذ يبدو بانه احتفال مستحدث، للتجارة بعواطف الناس وكسب الاتباع. وبعد البحث عن احتفال مشابه له، تم العثور على احتفال لوي كراثونغ عند البوذيين في تايلاند، حيث يضعون الشموع في صوان عائمة في المياه تبجيلًا لبوذا وشكرًا لإلهة الماء. كما يستخدم نفس الاحتفال عند الهندوس، في نهر الغانج شمال الهند، لشكر الإلهة الهندوسية جانجا. ولذلك، يُعدّ يوم زكريا يومًا وثنيًا بوذيًا-هندوسيًا، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بنبي الله زكريا عليه السلام. 
 
والإمساك عن الكلام بنية العبادة، غير جائز في الشريعة الإسلامية، لأنه لا يُتقرب إلى الله إلا بما شرعه، ولم يُشرع لنا أن نتقرب إليه بالإمساك عن الكلام، وهذا وحده كاف في اعتبار التقرب بذلك إلى الله بدعة، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، الشورى: 21. وقد روى البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: (بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ). قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: (وفيه دليل على أن السكوت عن ذكر الله: ليس من طاعة الله..  وإنما الطاعة ما أمر الله به ورسوله). وروى كذلك أبو داود عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قال: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ). ففي الحديث الشريف نهي واضح عمّا كانَ من أفعال الجاهلية، وهو الصمت عن الكلام، في الاعتكاف وغيره.
 
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here