حزمة أخلاق..في صحراء السياسة

عباس العرداوي.
دعوة تحالف الأصلاح والأعمار لمأسسة تحالف البناء، وهو المنافس الأبرز له، أقل ما يقال عنها إنها أخلاق الفرسان، في عالم لاتحكمه الأخلاق بل تحكمه المصالح.

شروع تحالف الأصلاح في بناء منظومته الأدارية وهو المنطلق لتجذير فكرة الكتلة الوطنية، لم يكن بمعزل عن معاضدة وإرشاد منافسه تحالف البناء، حيث دعت قيادة تحالف الأصلاح المتمثلة برئيسها عمار الحكيم الى مأسسة تحالف البناء، لترسيخ الخارطة السياسية الجديدة، بعيدا عن المحاصصة والأصطفاف المذهبي أو القومي، الذي طالما أربك المشهد السياسي وأثار الكثير من التساؤلات عن مستقبل العملية السياسية في العراق.

حداثة التجربة، والبعد العقائدي والمذهبي الذي يصطبغ به الشعب العراقي، هي من الأمور التي تهدد ديمومة وبقاء أي كتلة وطنية ما لم تتخذ التدابير اللازمة لتجذير تلك الكتلة، فتغيير المفاهيم والأيدولوجيات يحتاج الى جهود جبارة لترسيخه في أذهان المجتمعات، فبعد أن كان البناء السياسي في العراق يرتكز على مفهوم المكونات قرابة العشرين عام فليس من السهل تقبل فكرة إنضمام الشيعة والسنة والأكراد وباقي الأقليات في قائمة واحدة ما لم تكن هناك مؤسسات إدارية تعاضد هذه التجربة وتعطيها إنسيابية العمل، وتوحيد الخطاب وتوحيد الممواقف داخل الكتلة الواحدة، لذلك جاءت الدعوة لمأسسة التحالفين الجديدين الأصلاح والبناء.

من جانبه تحالف الأصلاح أكمل بناء مؤسساته الأدارية والأعلامية وعلى أكمل وجه وتوسع في تجربته لتشمل مجالس المحافظات أيضا، أما تحالف البناء لازال بعيدا عن النظام المؤسساتي، وهو ما يؤشر لحالة من التخبط الأداري والتخبط الأعلامي داخل هذا التحالف، وبقاءه على هذه الشاكلة الأدارية المبعثرة بين أطياف وألوان غير منسجمة في الرؤية والخطاب هو دلالة على قصر عمره، وضمان ديمومته هو الأستجابة لدعوة المأسسة.

من هنا يتبين أن صحراء السياسة القاحلة من الأخلاق يمكن لها ان تستوعب الأخلاق والرشد والنصيحة في حلبتها، وهذا من المؤشرات المهمة على أن مستقبل العملية السياسية في العراق يتجه نحو الأستقرار والديمومة، خاصة والعراق في منطقة من العالم لايكاد يمر عليها يوم إلا وعصفت بها رياح المتغيرات السياسية في كل ساعة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here