لماذا حرصت الملكة اليزابيث الاولى في توثيق علاقاتها التجارية مع القادة المسلمين؟

فتاح محمد القيسي
العالم الاسلامي لم يشكل اية غرابة في عالم انكلترا الملكية بل ورد ذكره ضمن تعاملات الملكة اليزابيث الاولى منذ القرن السادس عشر وبالرغم من الشكوى حول ابتعاد انكلترا عن دائرة اوربا حيث وجهت انظارها نحو الشرق والقليل من يذكر السياسات الخارجية والاقتصادية التي كانت ترسم وفقا لعلاقات وثيقة بين الملكة اليزابيث الاولى والعالم الاسلامي . منذ اعتلائها العرش عام 1558 حرصت الملكة على اقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع القادة المسلمين في ايران وتركيا والمغرب وتحديدا عام 1570 مع تراجع الايمان الكاثوليكي في انكلترا لبروتستانتية , اصدر البابا قرارا بعزل اليزابيث الاولى وتنحيتها عن العرش في الوقت الذي تصاحب مع خوفها من غزو اسبانيا الكاثوليكية ومن الحصار الذي فرض على التجار الانكليز الامر الذي جعلها تلجأ للعالم الاسلامي. كانت السلطنة العثمانية انذاك تحت قيادة السلطان مراد الثالث والذي كان من ألد أعداء الاسبان , حيث امتد سلطانه في افريقيا واوربا وصولا للمحيط الهندي, خير ضمان وسند للملكة الواقفة في وجه الاسبان وبوابة واسعة لدخول تجارها الى اسواق الشرق . وللمزيد من الضمانات شكلت علاقات مع اعداء السلطنة العثمانية الا وهما شاه بلاد فارس وحاكم المغرب . المشكله الاكبر التي كانت تواجهه الملكة هي تعاظم نفوذ الامبراطوريات الاسلامية في وجه تلك الجزيرة المعزولة في اوربا. وما كان بها الا ان تجد مزيدا من التحالفات التجارية الجديدة لكنها لم تنجح بذلك نظرا لتكاليفها الباهظة. وعليه فقد اعتمدت خطة الالتفاف في عالم التجارة المظلم من خلال تكوين شركات مساهمة قادت دفتها اختها ماري. فالشركات مملوكة من قبل المساهمين وكان يتم تقاسم الارباح حالها حال الخسائر مناصفة وقد كتب لها النجاح الملحوظ وخاصة في بلاد فارس ثم مع السلطنة وصولا الى شركة الهند الشرقية والتي هيمنت تقريبا على القارة الهندية. عام 1580 تم توقيع اتفاقية تجارية مع العثمانيين دامت الثلثمائة عام واتاحت لتجار مملكتها تبادلا تجاريا حرا مع الاراضي العثمانية وكذلك الحال مع المغرب التي قدمت الوعود لها بالدعم العسكري ضد الاسبان. نجحت الملكة بهذا المخطط وتوافد آلاف التجار الانكليز الى حلب في سوريا والموصل في العراق حيث كانت هذه الرحلات اكثر امانا لهم من الذهاب الى اوربا الكاثوليكية حيث كان يتهددهم خطر محاكم التفتيش, ظهر العثمانيون بمظهر المستوعب للاديان الاخرى كعلامة قوة لا علامة ضعف مراقبين في ذات الوقت الصراع البروتستانتي- الكاثوليكي حتى ان بعض التجار الانكليز اعتنق الاسلام ومنهم ساوس رالي الذي اصبح( حسن آغا ) فيما بعد. أما الارستقراطيون في انكلترا شعروا بالسعادة لتنعمهم بالحرير والتوابل القادمة من الشرق. نفهم مما تقدم بان الاسلام بجميع مظاهره قد لعب دورا مهما في تاريخ انكلترا واصبح لزاما اليوم استذكار الماضي فلعل في ذلك فهما واسعا وعميقا لما كان للاسلام من اثر على انتعاش تجارة انكلترا واتساع نفوذها وقوتها بسبب وضع يدها مع المسلمين وتحالفها معهم في زمن من ازمنة التاريخ التي لاتنسى ابدا.
المشرق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here