خردة “الخلافة” مصدر آخر لتمويل ميليشيات الحشد الشعبي

بدءا من السيارات المحطمة حتى إطارات النوافذ
أفاد تقرير صحفي أن حطام السيارات المفخخة التي استخدمها متشددو تنظيم داعش الإرهابي في تنفيذ هجمات وغيرها من مخلفات الحرب تساعد الآن في تمويل ميليشيات الحشد الشعبي .

وذكر تجار في قطاع الخردة، أن الفصائل الشيعية المسلحة الموالية لإيران سيطرت على تجارة المعادن الخردة التي جُمعت من ساحة المعركة.

وقال ملاك ساحات للخردة ومديرو مصانع صلب ونواب من أنحاء مدينة الموصل ، أن ميليشيات الحشد الشعبي جمعت ملايين الدولارات من بيع كل شيء، بدءا من السيارات المحطمة والأسلحة المخربة وانتهاء بصهاريج المياه وإطارات النوافذ.

روايات عاملين في هذه التجارة خلال مقابلات مع وكالة رويترز أجريت في ساحات خردة تتفق مع ما ذكره نواب في البرلمان من أن قوات مليشيات الحشد الشعبي تدير أو تشرف على نقل الخردة التي يجري صهرها بعد ذلك للاستخدام في مواد البناء مما يدر أرباحا طائلة.

وأوردت مصادر رويترز، أن ميليشيات الحشد الشعبي تستخدم نفوذها المتنامي، بل وتلجأ أحيانا للترهيب كما ذكر بعض الشهود ، لاحتكار السوق والسيطرة على نقل المعادن الخردة من المدن التي لحقت بها أضرار مثل الموصل إلى المحافظات العراقية الجنوبية أواقليم كوردستان حيث يتم شراؤه وصهره.

وتسعى الميليشيات التابعة لإيران إلى الاستفادة من سيطرتها على الأراضي التي كانت تابعة لداعش حتى تحقق ثروة طائلة.

ويثير النفوذ المتنامي لميليشيات الحشد الشعبي التي تدعم إيران أقوى فصائلها قلق الولايات المتحدة وإسرائيل في وقت يتزايد فيه التوتر مع إيران التي ترسخ سيطرتها على أراض تمر عبر العراق وسوريا إلى لبنان.

اضطرار للإذعان

في ساحة للخردة قرب نقطة تفتيش تابعة للحشد الشعبي على أطراف الموصل، كان عاملون يفرزون المعادن من كومة من أجزاء سيارات ومولدات كهرباء وصهاريج مياه محطمة.

وقال مالك الساحة إن فصائل الحشد الشعبي تشتري أطنانا من الخردة يوميا وتبيعها في المناطق الكوردية مقابل ما يصل إلى مثلي السعر أو تسمح للتجار بالقيام بذلك مقابل حصة من الأرباح للمرور عبر مناطق تسيطر عليها.

وأضاف أن ساحة الخردة هذه يسيطر عليها فصيل من مليشيات الحشد الشعبي وأن ساحة على الناحية الأخرى من الشارع يسيطر عليها فصيل آخر.

وقال مالك الساحة الذي رفض ذكر اسمه خشية التعرض للانتقام إنه لا يستطيع البيع إلا لتجار معينين إما من أعضاء الفصائل أو المرتبطين باتفاق معها. وتابع أنه لا يمكن تمرير المعادن الخردة من نقاط التفتيش دون اتفاق مع مليشيات الحشد الشعبي.

وألقى النائب أحمد الكناني الذي يمثل الجناح السياسي لعصائب أهل الحق التي لها 15 مقعدا في البرلمان باللوم في هذه التجارة على أفراد يستغلون الدمار الناجم عن الحرب.

وقال ”الحشد ما يقبل هذا الشيء“ مضيفا أن الدولة يجب أن تتدخل إذا كانت هناك حالات فردية.

ولكن مالك ساحة الخردة الذي ذكر أنه يشتري خردة بمئة ألف دينار عراقي (84 دولارا) للطن ويبيعها مقابل 110 آلاف دينار، قال إن مليشيات الحشد الشعبي أو التجار الذي يعملون معها يبيعونها في كوردستان مقابل ما يصل إلى 200 دولار للطن. وقال إن مليشيات الحشد الشعبي سيطرت على ساحته.

ومضى قائلا إن رجلين مسلحين جاءا يوما في شاحنة صغيرة وطلبا منه خفض السعر وعدم البيع إلا لهما، فاضطر للإذعان.

ووصف أحد العاملين في الساحة المواجهة نظاما وأسعارا مشابهة، إلا أنه لم يشر إلى ترهيب.

وفي الموصل تُشترى الخردة بسعر أرخص. وقال فتى إنه باع خردة بسعر 50 دينارا للكيلوجرام (42 دولارا للطن) إلى ساحة في المدينة القديمة. وقال هو وسكان آخرون إن الموقع تابع لجماعة للحشد الشعبي.

واحتوت الساحة على قضبان صلب وأجزاء من أسطح مبان مدمرة وأجهزة منزلية. وبات الآن حطام السيارات الملغومة والمدمرة، التي تم جمع الكثير منها من الموصل في الشهور التالية للمعارك التي انتهت عام 2017، يمثل الحصة الأقل من الخردة.

وفي محافظة الأنبار، قال سائقون وتجار إن مليشيات الحشد الشعبي تسيطر على كومة من السيارات المدمرة أمكن رؤيتها من على الطريق السريع الرئيسي قرب الفلوجة حيث كان القتال شديدا في عام 2015.

وقال التجار إن مليشيات الحشد الشعبي أو الشركات المرتبطة باتفاقات مع الفصائل المسلحة تستعين بسائقين لنقل الخردة من الأنبار إلى كوردستان أو جنوبا إلى البصرة.

وقال علاء، وهو سائق يستخدم اسما مستعارا، إن تصريح نقل الخردة في يد مليشيات الحشد الشعبي. وقال نواب وتجار إن مليشيات الحشد الشعبي تنقل أحيانا الخردة بشكل أكثر علانية في شاحناتها. ولم يتسن لرويترز التأكد من ذلك.

صلب من ”الخلافة“

انخفضت أحجام الخردة التي يجري نقلها منذ انتهاء الحرب مع تنظيم داعش ، إلا أن ملايين الأطنان من الحطام، بما فيها الحطام المعدني، ما زالت متناثرة في المناطق المدمرة.

قال محمد كيكو الذي يدير مصنعا للصلب قرب أربيل في منطقة عاصمة اقليم كوردستان إنه يشترى ما بين 300 و400 طن على الأقل من الخردة يوميا من الموصل أساسا منذ استعادة المدينة من تنظيم داعش .

وتابع ”حاليا نشتري الطن بما بين 150 و160 دولارا“ مضيفا أن الأمر يعتمد على ما يتعين دفعه مقابل الحصول عليه.

وقال إن ميليشيات الحشد الشعبي سيطرت على نقل الخردة الذي توقف شهورا في بعض الأحيان لعدم موافقة الفصائل على الأسعار أو لأن التجار لم يتمكنوا من دفع المبلغ المطلوب لتمرير الشحنة.

وأضاف أن جزءا من حديد التسليح الذي تصنّعه شركة أربيل للصلب من الخردة يباع في منطقة كوردستان ولكن معظمه يباع في المحافظات الجنوبية الشيعية.

وقال أيضا نوفل حمادي السلطان محافظ نينوى (مركزها الموصل) إن قوات الحشد الشعبي تشتري الخردة ولكنه رفض ما ذكره نواب محليون من أنه يسمح للفصائل المسلحة بالسيطرة على التجارة.

وقال ”هم يشترونه“، مضيفا ”ماكو أي قانون يمنع شراء السكراب (الخردة) “.

ويقول نواب إن الصلب يجب أن يعود للمناطق السنية التي أمكن استعادتها من تنظيم داعش للمساعدة في إعادة البناء، ويلقون بجانب من اللوم في نقل المعادن الخردة أو بيعها أو استخدامها في محافظات أخرى على بطء وتيرة الإعمار.

ووصف محمد نوري عبد ربه العضو السابق في البرلمان ما يحدث بأنه سرقة مواد ملك للدولة أو الشعب. وقال إن قوات الحشد الشعبي تجني ضعف ما تشتري هي أو تجارها الخردة به، مضيفا ”نتكلم عن مئات الآلاف من الأطنان“.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here